أسرة وطفل - مقالاتقضايا شبابية - مقالاتمقالات

ابحث عن المعرفة

ابحث عن المعرفة، فإن المعرفة لا تبحث عن أحد، المعرفة هي الفلسفة، والفلسفة تسعى إلى تحرير العقل البشري من المؤثرات السلبية التي تؤثر على عملية التعليم والتعلم، مثل طريقة التلقين والنمطية التي ينتهجها كثير من معلمي المواد الفلسفية داخل مدارسنا، على الرغم أن الفلسفة تسعى إلى بناء عقل بشري قادر على معرفة كيفية بناء الحجة، وطريقة تبني وجهة النظر والدفاع عنها بطريقة منطقية.

لماذا يجب تدريس الفلسفة لطلاب المدارس؟

إن الفلسفة فن التساؤل، وكثير من الدول الغربية يعلمون أولادهم في kg1 بدايات الفلسفة والتفلسف بكلمة “أتساءل” (I wonder)، لأن السؤال مفتاح المعرفة، وفيه اكتشاف وابتكار لمعرفة جديدة.

يعاني طالب الفلسفة في بدايته في المرحلة الثانوية من معلمين أصحاب عقول متحجرة النمطية في الحفظ والتلقين، وفي سرقة عقول الطلاب بدعوى أن الفلسفة ما هي إلا حفظ وتلقين وليست معرفة وابتكار.

لذا يجب إعادة النظر في المناهج وربطها بالمتغيرات الحياتية، وتوظيفها عبر الممارسة مع الأنشطة المنطقية والعلمية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هنا يجب أن نطرح سؤالًا ذا أهمية: “ما الفائدة التي يمكن أن تضيفها مادة الفلسفة في مدارسنا اليوم؟ وكيف نقوم بتدريسها بعيدًا عن الحفظ والتلقين؟”.

الفرق بين الفلسفة والسفسطة

skJa0 - ابحث عن المعرفةإن الفلسفة ليست سفسطة، وإنما حب الحكمة أو محبة الحكمة، وهذه الحكمة قد تكون نظرية وقد تكون عملية، إذ إن الفلسفة تعلم الإنسان طرق التفكير المنطقي الصحيح، وتبصّره بهيكل القيم الأخلاقية الموجودة في المجتمع، وتقدم له توعية سياسية متكاملة، وذلك بفضل دراساتها الطويلة للنظريات والفلسفات السياسية المختلفة عبر التاريخ، كما أنها تغرس فينا حب الجمال ومحبة الفنون الجميلة.

هناك من يصف الفلسفة بالسفسطة، هؤلاء أناس يبعدون كل البعد عن الحقل الفلسفي وغير متخصصين، فهؤلاء جهلاء بالفلسفة من حيث المعنى والدلالة.

هناك من ربط الفلسفة بالفكر السوفسطائي بكل اتجاهاته وتياراته، يتلاعبون بالألفاظ، ويخسرون في الحقيقة من أجل تحقيق نفع لهم ومكاسب مادية، فهم من قالوا بنسبية المعرفة، وهاجموا الآلهة، ونادوا بعدم قدسية القانون، وغيرها من الآراء الهدامة.

إن سقراط هاجم الفلسفة السوفسطائية في عصرها هجومًا شديدًا، فهو الذي حدد المفاهيم والمصطلحات، وأعاد للدين قدسيته وللقوانين أهميتها، وعدَّ نفسه معلمًا مستخدمًا منهج “التهكم والتوليد”؛ علمٌ بالحقيقة وادّعاء بجهلها، كانت محاولةً لإخراج الفساد السوفسطائي من عقول الشباب والعمل على ترسيخ مفاهيم فلسفية جديدة تناقض الفكر السوفسطائي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مفهوم الحكمة في الفلسفة

قد تكون الحكمة سياسية، تقودنا إلى توجيه الدولة توجيهًا سليمًا لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وتلبية أمانيها وآمالها من أجل إسعاد أفراد الدولة، وغياب الحكمة سياسيًا يؤدي إلى تدهور الدولة وانهيارها، مثلما حدث في كثير من الدول مثل العراق وغيرها.

أما الحكمة بالمعنى الأخلاقي تكمن في توجيه الفرد والمجتمع توجيهًا أخلاقيًا سليمًا بعيدًا عن كل أشكال وأنماط الانحراف، وكل أنواع الجرائم، ويتيح لهما كل طرق الخير والابتعاد عن كل شر، من أجل تحقيق السعادة، فالسعادة مطلب أخلاقي.

أما الحكمة بالمعنى الاقتصادي وسط بين الإسراف السفيه وبين البخل والتقتير، لمواجهة الكوارث الطبيعية أو الحوادث الإنسانية.

العلاقة بين الحرية والفلسفة

sami - ابحث عن المعرفةإن الفلسفة صنو الحرية، بل هي الحرية ذاتها، فالأمم والحضارات التي ولت وانتهت لن تجد فيها أي فكر فلسفي، فالفكر الفلسفي وليد الحرية، وينتج عن تلك الحرية اختلاف في وجهات النظر، وتعدد في الآراء والرؤى وتعدد في المذاهب والنظريات.

الفلسفة لا تعيش إلا في جو مفعم بالحرية، مبتعدة تمامًا عن كل قسر وضغط، فلا فلسفة بدون تأمل ولا تأمل بدون حرية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لذا ظهرت الفلسفة في بلاد اليونان، فكانت ثرية متدفقة وحية، أنتجت فكرًا وحوارًا مختلفًا عن أي حضارة أخرى، وعرفت الحرية الفكرية التي تمثلت في محاورات سقراط وإصلاح عقول الشباب من الفساد السوفسطائي، إذ كان محاورًا ومجادلًا في محاربة الأفكار التي أشاعها رجال الحكم آنذاك، وأيضًا أفلاطون كتب محاوراته بطريقة فيها حرية.

الدهشة أصل الفلسفة

إن منبع الفلسفة قديم قدم الإنسانية، فهناك تأمل وتفلسف في الكون منذ أن وُجِد الإنسان، فالفلسفة دعوة للدهشة، والدهشة أم الفلسفة، تدعوه إلى التساؤل والتأمل، وإلى محاولة أن يفهم ما حوله ومعرفة الأسرار المحيطة به، والكشف عن غموضها، ومعرفة أسبابها.

ما دام الإنسان يمتلك العقل فهو يتميز بالروح الفلسفية، وهذه الروح هي الرغبة في البحث، وهي دائمًا في حالة تساؤل، فالفلسفة فن التساؤل، وكل سؤال يستدعي سؤالًا فلا تعطي جوابًا نهائيًا.

الفلسفة ليست متجمدة ولكنها متجددة ومبتكرة، دائمًا ما تسأل “لماذا؟”، وذلك لا يكون إلا في الإبداع والابتكار والتجديد.

إن الفلسفة تؤدي إلى تحسن كبير في القدرات المهاراتية للطلبة، فهي تتعلق بتعديل السلوك ومحاربة التشدد والعنف والتطرف الفكري، وتعمل على تنمية القراءة وكيفية التحدث مع الآخر بشكل إيجابي وفعال، هي انعكاس للمجتمع ككل سواء كان مدرسيًا أو مجتمعيًا أو أسريًا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً: رؤى إبداعية في فلسفة التعليم

تعرف على: مكانة العقل في الفلسفة العربية

اقرأ أيضاً: توبة إبليس وفلسفة الصفر والكربون

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. حامد الفقي

دكتور في كلية الآداب بجامعة القاهرة فرع الخرطوم

مقالات ذات صلة