مقالات

احذروا .. فلسطين الخطوة الأولى

إن ما يحدث اليوم في غزة المباركة من مشاهد القتل والتدمير والتخريب ليس معركة حربية أو سياسية فقط، بل تمظهر دموي لصراع الإنسان مع الإنسان، صراع الحضارات الذي يقدم الشكل الحقيقي اللعين لليهود الذين يعيثون في الأرض فسادًا، منذ أن ضلوا الطريق وافتروا على الله الكذب البين وعصوا أنبياءه بل حاربوهم وقتلوهم، إنه صراع بين تاريخ اليهود الزائف الذي رقّعه مجموعة من المجرمين ليرضوا غرور الإنسان اليهودي، هذا الغرور الذي صور له أنه المختار دون كل الناس، وأن حاخاماته فوق الإله وأن تلمودهم فوق التوراة وأن شعبهم فوق الشعوب، إنه صراع بين هذا التاريخ القذر وتواريخ الشعوب الأخرى في العالم أجمع، والصورة المستقبلية المتوقعة لهذا الصراع إذا لم يقف العالم كله أمام هذه الدموية المتوحشة: أنهم إذا انتصروا –لا قدر الله تعالى– على الشعب الفلسطيني، فلن يكتفوا بذلك وإنما سيقومون بالخطوات التالية، وهي إما أن يقوم الآخرون بخدمتهم والرضا بالعبودية عندهم والرضوخ لهم، أو القضاء عليهم ومحوهم من على ظهر الأرض.

في الوقت نفسه تبين هذه المشاهد الدامية الباكية بسالة الشعب الفلسطيني الذي يتمسك بأرضه بل بعقيدته أشد ما يكون التمسك، ويقدم أروع الأمثلة في التضحية بالنفس –وهي أغلى أنواع التضحيات– وبالأهل وبالمال في سبيل الدفاع عن أرضه التي ولد فيها ونشأ بها، وما هذا بمستغرب على هؤلاء البواسل الذين امتدحهم نبينا محمد –صلى الله عليه وآله وسلم– بقوله فيما رواه الإمام أحمد وغيره: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله، وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.

اقرأ أيضاً: الوعد الغادر

إرهابيون صنعوا دولة

كم تروعني مشاهد القتل والتخريب التي تقوم بها تلك العصابة الصهيونية في أرض فلسطين الحبيبة، وكم تؤلمني دموع الأطفال والثكالى والأرامل من أهلنا الفلسطينيين، لكنني لست بمستغرب هذه الأفعال من هؤلاء الشرذمة الحقيرة المجرمة، فهؤلاء قد افتروا على الله تعالى الافتراءات والأكاذيب وقالوا: “عزير ابن الله”، وقالوا: “يد الله مغلولة”، وقالوا: “إن الله فقير ونحن أغنياء”، إلى غير ذلك من الافتراءات التي يضيق المجال عن تعدادها، فهم مرضى نفسيون يعدون أنفسهم فوق البشر، ويعدون حاخاماتهم فوق الإله –تعالى الله علوا كبيرا، وإذا علمنا ذلك وعلمنا افتراءاتهم على أنبياء الله تعالى وعلى السيدة مريم البتول عرفنا أن ما يقومون به من القتل والتخريب ليس بمستغرب من جماعة تناسبت أفعالهم مع عقيدتهم الدموية التي تبيح لهم قتل النفس وتعذيبها دون وجل أو خشية من الله تعالى، فاليهودي لا يعبأ بقتل غير اليهودي، لأنه في نظره يتساوى مع الحيوانات فيفعل فيه أي شيء دون عقاب أو تبعة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لكن.. هل فلسطين المقصد الأوحد لليهود؟! للأسف الشديد الإجابة لا، ففلسطين المقصد الأول أمامهم، فأحلامهم المجرمة تقودهم إلى تسخير العالم لخدمتهم، والإبقاء على الجنس اليهودي منعمًا متميزًا بوصفه الجنس الذي يستحق الحياة على ظهر الأرض والتمتع بها، أما باقي الأجناس الذين يطلقون عليهم لفظ الأميين فهم في مرتبة الحيوان خلقهم الله لخدمتهم، وإنما جعلهم كهيئتهم حتى لا يأنفوا منهم، وهذا هذيان يدركه كل من له عقل يستطيع أن يفهم أن الخلق جميعًا صنعة الله تعالى يجب احترامهم والتعامل الطيب معهم ما لم يؤذ بعضهم بعضًا.

المخطط الصهيوني يستهدف الأمة كلها

الصهيوني - احذروا .. فلسطين الخطوة الأولى

إن اليهود يحلمون أن يقيموا دولتهم من النيل إلى الفرات كما تقول رايتهم ذات الخطين الأزرقين رمزي النيل والفرات، وهم في سبيل ذلك يدمرون كل شيء يقف عقبة في طريقهم إلى ذلك، وإن نسينا لا ننسى ما فعلوه في الخامس من يونيو عام سبعة وستين وتسعمائة وألف من الميلاد، حين اجتاحت دباباتهم وطائراتهم أرض سيناء المباركة واحتلوها في خطوة أولى لاجتياح الأراضي المصرية وصولًا لحلمهم القديم وهو الوصول إلى حكم مصر، وهنا يجب أن نسأل أنفسنا: إذا كان اليهود يريدون الاستيلاء على القدس وعلى أرض فلسطين المباركة لأنها بزعمهم الأرض التي وعدهم الرب إياها، فلماذا تريد إسرائيل الاستيلاء على مصر؟!

تكمن الإجابة في الحقيقة الثابتة أن اليهود لم ينسوا القرون الأربعة التي قضاها أجدادهم عبيدًا عند المصريين قبل أن يخرجوا مع سيدنا موسى عليه السلام، وأنهم يريدون أن ينتصروا لأجدادهم من المصريين، لذا لا نعجب أن نرى منهم تلك العداوة لمصر وللمصريين والحقد عليهم، وأنهم يحاولون بشتى الطرق أن يخدعوا العالم وينسبوا عن طريق التزوير والبهتان أنهم هم الذين بنوا الأهرام والمعابد التي يفتخر بها المصريون في كل مكان وزمان، بمعنى آخر: أنهم أصحاب الحضارة المصرية القديمة ولسنا نحن، وبذلك يكونون قد انتصروا لحضارتهم على حضارة المصريين العرب، وهذا مالا نقبله أبدًا ولن نقلبه ما دمنا نعيش على أرض مصر ودماؤها تجري فينا، وبات معلومًا لدى الجميع أن مقاومة هؤلاء فرض على الإنسانية جمعاء حتى لا ندخل في حروب طاحنة لا تبقي ولا تذر.

مقالات ذات صلة

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مين اللي باع أرض فلسطين لليهود؟

لماذا القدس؟

فلسطين عربية محتدًا وواقعًا

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. عبدالله أديب القاوقجي

مدرس بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة