مقالات

لماذا القدس ؟ – عن ظلم واستعمار الصهاينة وإمداد القوى الداعمة لأعمالهم الإجرامية

الإجرام الصهيوني والقوى الداعمة الخارجية

قامت مجموعات من العصابات المسلحة بالهجوم على الشعب الفلسطيني للاستيلاء على أرضه وخيراتها، وفي سبيل ذلك قامت بالقتل والنهب، والسرقة والاعتقال، والطرد والتشريد، والحصار والتجويع، وهدم البيوت وإزالة القرى والمدن وإقامة المستعمرات، وفرض القوانين العنصرية والظالمة، واستعباد العمالة الفلسطينية، والاعتداء على الحرمات والمقدسات الخاصة بمليارات المسيحيين والمسلمين حول العالم، وغيرها من صور الظلم التي لا تفرق بين رضيع وشاب وشيخ، أو بين رجل وامرأة، أو بين جنين وأمه وبين غيرهما، وبالطبع لا تفرق بين مسالم وغير مسالم، أو بين مسلم ومسيحي أو أي مخالف لهم، غير مكترثين بالعالم بأسره أو بالضمير الإنساني.

الجرائم يقينية الحدوث والدعم لها واضح

هذه الجرائم وهذا الظلم تم توثيقه بعدد ضخم من الأخبار والتقارير والتحقيقات والشهود العيان، بشكل يصل للتواتر، ويتحقق به اليقين بوقوع ظلم فادح، ويستحيل معه كون هذه الأخبار جميعها كاذبة.

كما تلقت هذه العصابات الدعم من قوى ودول استعمارية في مقابل تحقيق المصالح العسكرية والاقتصادية لهذه الدول في المنطقة، بل وحتى في العالم بأسره، وأيضًا دلائل دعم هذه الدول والقوى لتلك العصابات كثيرة لا تحصى، سواء في المواقف المعلنة، أو في المحافل الدولية، أو الدعم بالسلاح والعتاد، بل حتى الاشتراك معهم في بعض العمليات العسكرية، وآخر مظاهر هذا الدعم هو إعلان القدس عاصمة لتلك العصابات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إدعاءات كاذبة

وقد حاولت هذه العصابات اكتساب الشرعية بصور مختلفة، منها استغلال الديانة اليهودية وبعض النصوص الخاصة بها، وتفسيرها كما يريدون لادّعاء حقهم في الأرض وإعطاء شرعية لما يقومون به، برغم رفض التعاليم اليهودية وكثير من اليهود لممارساتهم وأفعالهم. ومنها التمسح في الحضارة الغربية وبعض قيمها، فادّعوا ديمقراطية ظاهرية، بينما هم ينتهكون حقوق الإنسان يوميًا! ومنها الاهتمام بالبحث العلمي التجريبي، ومحاولة تحقيق نوع من التقدم المادي.

كما عملت هذه العصابات والقوى الداعمة لها على نشر الأكاذيب وتحريف الوقائع والأحداث باستخدام وسائل الإعلام والأدب والثقافة والفن، بالإضافة للوسائل والقنوات الدبلوماسية والتجمعات الدولية، بل حتى حاولوا تحريف حقائق التاريخ والجغرافية، فأكاذيبهم كثيرة ومنتشرة، مع كونها واهية واضحة الكذب ومخالفة لما ثبت باليقين.

مسعى الصهيونية والدول الداعمة لها

وأطماع هذه العصابات والقوى الداعمة لها بلا حدود، فحاولوا التوسع من النيل إلى الفرات، فحاربوا دول وشعوب المنطقة في عدة معارك وحروب، كما عمدوا إلى إضعاف وإذلال والسيطرة على مقدرات شعوب المنطقة بأكملها. كما دعمت هذه العصابات الظلم في بقاع شتى من العالم، مثل أثيوبيا، والنظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا حيث كانت العلاقات بينهما وثيقة، وغير ذلك من صور دعم الظلم.

كما سعت الدول والقوى الداعمة لهذه العصابات إلى فرض هيمنتها على العالم بأسره، فغزت ونهبت وقاتلت وشوهت كل من وقف في طريقها أو شكل خطرًا عليها، في زحف استعماري إمبريالي متوحش، مدعوم بآليات ضخمة لتجميل صورهم. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية خاضت هذه القوى حروبا مستمرة في بقاع شتى من العالم، ودعمت أنظمة ظالمة، وأسست نظام عالمي قائم على استعباد الضعفاء، وسرق خيرات الشعوب والدول، وإشاعة الفوضى والفقر، وتحقيق مصالح الأقوى والأغنى فقط، وآثار هذا النظام ومبانيه واضحة في كل أركان عالم اليوم الذي يئن من ظلم هذا النظام العالمي الظالم.

هذا نتاج للفكر المادي

إن هذه العصابات والأنظمة الداعمة لها هم ثمرة الأفكار المادية التي تستبعد القيم والمبادئ والأخلاق والضمير، وتعلي من شأن القوة الحيوانية الغاشمة لا غير. تلك الأفكار التي شاعت للأسف في الحضارة الغربية الحالية، وانتشرت في العالم بأسره. فأفعال هؤلاء لا يردعها قيمة أو خلق، بل تسعى فقط لتحقيق مصالحهم المادية الضيقة بأي ثمن، وبأي طريقة ووسيلة، وفرض ذلك بالقوة تماما كما هو حال سكان الغابات من الحيوانات المفترسة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وقد بدأت هذه الأفكار في الغرب الحديث منذ مطلع عصر النهضة بالاعتماد على الحس فقط في التعرف على العالم ودراسته، وقصر الوجود بأكمله على المادة وقوانينها فقط، واستبعاد المبادئ والأمور الغيبية وغير المادية، وبناءً عليه فصلت القيم والأخلاق عن السياسة، ثم عن السلوك الإنساني بأكمله، ثم تطورت لكي تعلنها صراحة أن الإنسان مجرد حيوان، ويجب أن يتصرف كالحيوانات، وأن القوي له حق فعل أي شيء، فالحق الوحيد هو حق القوة.

وتلك الأفكار يتم بثها على أوسع نطاق في كافة أنحاء عالم اليوم، وبكافة الوسائل، حتى تسربت إلى وعي ولا وعي الكثيرين، وغزت الكثير من الثقافات، فشاعت تعبيرات كثيرة تعبر عنها، مثل أن السياسة لا تعرف الأخلاق بل هي عن المصالح والخداع والتلاعب فقط، وأن القيم مجرد مثاليات غير قابلة للتطبيق أو أنها كانت تصلح في العصور السابقة فقط وهي خاصة بالسذج والبسطاء، وأن كل ما يجب أن يسعى له الإنسان هو مصالحه المادية فقط وبغض النظر عن أي شيء.

وخطورة هذه الأفكار واضحة على كل إنسان، بل وكل كائن حي، بل وحتى الجماد! فهي أفكار كفيلة بتدمير العالم حرفيا، وقد اقتربت في مواقف عديدة من تدميره بالفعل!

إذن لماذا يجب أن نهتم بالقدس والقضية الفلسطينية؟

رفضًا للظلم الهائل الذي سبق الإشارة له، والذي يرفضه أي ضمير إنساني. وتصديا لتلك العصابات وداعميها ممن يدمرون عالم اليوم بأكمله. ومقاومةً لتلك الأفكار التي تهدد الإنسانية كلها والتي تتجسد في هؤلاء.

فالقضية إذن تمس كل إنسان، فجميعنا تحت هجوم هذه العصابات بشكل مباشر وغير مباشر، ومقاومتها مسئولية الجميع، سواء فكريا ومعنويا بنشر الوعي الحقيقي، والعلم غير المقتصر على المادة فقط، والإعلاء من قيمة العقل والتفكير المجرد بالإضافة للأدوات المعرفية الأخرى كالحس والتجربة والنصوص والأخبار الصحيحة، ونشر القيم الحسنة والأخلاق القويمة، وكشف أكاذيب العدو وفضح ممارساته، وذلك كله عن طريق التعليم والتربية والأدب والثقافة والفن والإعلام.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أيضًا يجب التصدي للعدو اقتصاديا، بمقاطعته ومقاطعة الداعمين له، والتحرر من الأنظمة الاقتصادية التي يفرضها النظام العالمي الظالم الحالي. وأخيرًا عسكريا بالمال والسلاح والنفس.

فالإجابة عن: “لماذا القدس؟”، هو ببساطة: “لأنها قضية وشأن كل إنسان!”

اقرأ أيضاً:

القدس تدافع عن العالم

كيف ننصر فلسطين ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من بور سعيد إلى فلسطين

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

أحمد عزت هلال

د. أحمد عزت

طبيب بشري

كاتب حر

له عدة مقالات في الصحف

باحث في مجال الفلسفة ومباني الفكر بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

صدر له كتاب: فك التشابك بين العقل والنص الديني “نظرة في منهج ابن رشد”

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

حاصل على دورة في الفلسفة القديمة جامعة بنسفاليا

مقالات ذات صلة