مقالات

مين اللي باع أرض فلسطين لليهود؟

تسمع عن عيلة سرسق؟ اللي بيسموها “روتشيلد الشرق”؟ اسمع يا سيدي..

عيلة سرسق دي عيلة بيزنطية يونانية من القسطنطينية في الأصل، وهاجروا إلى لبنان في القرن الـ١٧، عيلة مهاجرة عادية، لكن العيلة دي قدرت إنها عن طريق التجارة والزراعة وأعمال الصرافة إنها تعلى في وقت بسيط جدًا، وتكون شبكة علاقات وصلتها لإنها تنتشر في المناصب جوة الدولة العثمانية نفسها، وتكون ثروة تخلي رجليها رايحة جاية على القصر.

لحد القرن الـ١٩، الدولة العثمانية كانت ضعفت، والديون بدأت تاكل في مفاصل الدولة، فمين أغنى عيلة وأقربهم للعثمانيين يقدروا يسلفوا الدولة شوية فلوس تمشي حالها بيهم؟ هي عيلة سرسق دي.

فضلت تسلف الدولة العثمانية قروض ورا قروض، لحد ما جت لحظة التسديد، طيب الدولة تسدد إزاي؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بيع أراضي فلسطين لعائلة سرسق

أخدوا أراضي، وبسبب إن أراضي فلسطين وقتها كانت غير مناسبة صحيًا للاهتمام بيها، فعرضوا على آل سرسق ٣٦٤ كم٢ في منطقة مرج بن عامر بين الجليل وجبال نابلس، مقابل ٢٠ ألف استرليني من الديون اللي عليهم يعني مدفعوش فيها حاجة، وبقوا ملاك لـ٩٠ ألف فدان من الأراضي سنة ١٨٧٢م.

بعد كام سنة بس، ١٨٩١م، الصهاينة أخدوا بالهم من كمية الأراضي اللي مع آل سرسق دول، وقالك نخش معاهم في مفاوضات ونشتري الأراضي دي، واللي بادر بالمفاوضات اليهودي الروسي يهوشوا هانكين، تخيل أرض كبيرة أوي محدش مهتم بيها في قلب فلسطين، وبدأوا يراقبوا العيلة دي، أصل لو أخدوا الأرض دي يبقى سهل نلاقي حتة نهجر فيها اليهود لفلسطين، حتة بتاعتنا وملكنا.

لكن عمليات الشراء والهجرة كانت مقابلة شوية صعوبات بسبب الدولة العثمانية، اللي أخدت بالها من المفاوضات وحست إن فيه حاجة بتحصل، فوقفت الدنيا شوية، لكن دا ممنعش تنفيذ قانون الامتيازات الأجنبية، فحركة الهجرة والشراء موقفتش.

آل سرسق اللي هما ملاك الأراضي اللي مشافوهاش، كانوا خاربينها في باريس، ومضيعين فلوسهم كلها في صالات القمار، مين أخد باله من القصة دي؟ تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية أصلًا، وبدأ يعس على القصة دي وفهم إنهم مستعدين للبيع مقابل ٧ مليون فرنك.

عمليات شراء اليهود أراضي فلسطين

main527 - مين اللي باع أرض فلسطين لليهود؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بدأت عملية البيع على مراحل، أول مرحلة ١٩٠١، جمعية الاستعمار اليهودي اشترت من العيلة دي ٣١ ألف و٥٠٠ دونم قرب طبريا، وبدأوا عمليات الهجرة.

بعد كدا ١٩١٠ باع إلياس سرسق ١٠ آلاف دونم للصندوق القومي اليهودي، حوالين قرية اسمها الفولة، لكن سكان القرية كانوا أصحاب الأرض وبيشتغلوا فيها، وبعتوا للصدر الأعظم والسلطان العثماني إنهم بيتباعوا وإن مصدر قوت ١٠٠٠ فلاح بيتباع لليهود، لكن القرار كان تعويضهم ماديًا، مع طردهم من قراهم، وطبعا إخلاء ٢٥ قرية تانية نتيجة للمشتريات دي واستبدال الفلسطينيين العرب باليهود.

مع انتهاء الحرب العالمية التانية اشتروا ٧٠ ألف دونم تانيين، وأخيرا باعوا ٣٢٠ ألف كم٢ الباقي من أراضيهم للكومنولث اليهودي الأمريكي، مقابل ٧٥٠ ألف جنية استرليني، وطبعًا كل دا أخدوه الصهاينة.

المشتريات دي مثلت ٥٨٪ من مشتريات الصهاينة للأراضي من الملاك الأجانب، ونسبة ٢٢٪ من الأراضي اللي اشتروها بشكل عام، وطبعًا غيروا قانون تملك الأراضي واعتبروا الفلاحين اللي هما أصحاب الأرض مستأجرين، ومدام مستأجرين يبقى نمشيهم، وطردوا ٢٠٠٠ عيلة بأكتر من ٩٠٠٠ واحد بتعويض ١٧ دولار للشخص، واللي رفض الإخلاء الشرطة البريطانية طلعتهم بالقوة.

ودي كانت النواة الأولى للاستيطان.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كيف مهد العثمانيون للاحتلال الصهيوني

للناس بقى اللي لسة بتقول إن العرب بردو باعوا أرضهم، خلينا نجاوب عليه في شكل نقط والرأي في الآخر رأيكم…

الهجرات بدأت من أواخر القرن الـ١٩ خصوصًا بعد مقتل إسكندر الثاني قيصر روسيا، وكان فيه تسهيلات بالرشاوي لاستئجار وتملك الأراضي، لكن علماء المدينة المقدسة كانوا بيرفضوا دا وبيعملوا كل جهودهم لمنعها.

الدولة العثمانية الحاكمة من بعد سنة ١٩٠٩م كان المسيطر عليها فعليًا حزب “الاتحاد والترقي”، اللي سهل تمليك الأراضي للمهاجرين على الرغم من قرارات الدولة العثمانية بمنع الهجرة.

الدولة العثمانية بسبب فقر خزانة الدولة طرحت أراضي أميرية للبيع من المملوكة للدولة ومن المسحوبة من الفلاحين بسبب الضرايب والعجز من نهاية القرن الـ١٩.

عائلات الإقطاعيين من لبنان وسوريا من سنة ١٨٦٩م اشتروا معظم الأراضي دي من مزادات الدولة العثمانية زي آل سرسق زي ما حكينا، وزي تيان وتويني، وعائلات إقطاعية من البلد نفسها زي كسار وروك.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اتفاقية سايكس بيكو كانت سنة ١٩١٦م منعت ملاك الأراضي دي من الدخول لاستغلالها بحجة إنهم أجانب، يعني أنا عيلة مش من أهل البلد أمتلك أراضي كتير هناك، منعوا دخولي أصلًا، فما كان مني إلا إني أبيع الأرض دي بالخسارة لأن مفيش مجال تاني للاستفادة منها.

حركات البيع بالغصب دي أدت إلى تشريد آلاف العرب من اللي كانوا بيزرعوا الأراضي دي وعايشين فيها، لو كانوا باعوا مكانوش اتشردوا بكل بساطة.

من لا يملك لمن لا يستحق

MAIN American Consulate Jerusalem Old City 1857 607338 - مين اللي باع أرض فلسطين لليهود؟

هربرت صموئيل المندوب السامي البريطاني هناك كان منهم، وفرض ظروف قاسية على العرب لإجبارهم على التخلي عن أراضيهم، والباقي أخده بالغصب، وكان بيهديها للمهاجرين ببلاش، فوق الـ٧٠٠ ألف دونم (الدونم = ألف متر).

المندوب السامي استخدم قانون اسمه “نزع الملكية العربية لصالح المهاجرين” وفق مواد من صك الانتداب البريطاني، وقدر بيه إنه يمنح ٢٦٠ ألف دونم للمهاجرين بعد ما أخدها من العرب بالغصب.

الاحتلال البريطاني أهدى الأراضي اللي كان محتلها وحاط إيديه عليها للمهاجرين بأجور رمزية كجزء من الخطة، يعني اللي باع أكتر هما البريطانيين دون غيرهم.

تحريم بيع أراضي فلسطين لليهود

فيه عائلات فقيرة من العرب طمعت وباعت بس كانوا حالات نادرة، بس بيعهم دا ممرش مرور الكرام كدا، لا دول اتفضحوا، واتنبذوا، واتكفروا حرفيًا، واتقتلوا وقت الثورة العربية الكبرى، والعلماء منعوا دفنهم في الدولة من الأساس، البائع والوسيط والسمسار.

“المجلس الإسلامي الأعلى” و”صندوق الأمة” لمؤسسها “أحمد حلمي باشا” في الفترة دي منعوا البيع وتدخلوا بفلوس المتبرعين بإنهم اشتروا قرى كاملة لمنع بيعها في الثلاثينيات، وقدروا إنهم يوقفوا بيع ٦٠ قرية كاملين والشمال كله تقريبًا.

مؤتمر العلماء هناك سنة ١٩٣٥م أصدر فتوى رسمية بتحريم بيع الأراضي للمهاجرين، وأفتت بتكفير وخروج من الملة للبائع والوسيط والسمسار، رسميًا.

مجموع الأراضي اللي المهاجرين اشتروها تحت كل الظروف دي كانت “١.٥٪” بس من أراضي الدولة لحد الحرب العالمية الأولى سنة ١٩١٨م، ومجموع اللي حصلوا عليه بعد الاحتلال البريطاني كان ٤.٥٪ بس من الأراضي، وكل دا ومكنش لسة فيه مشروع إقامة دولة ولا استيطان، دول كانوا شوية ناس مهاجرين عايزين يمتلكوا أراضي وشكرًا.

الاجلاء القسري للعرب

النكبة - مين اللي باع أرض فلسطين لليهود؟

من بداية الهجرة المنظمة والاستيطان لحد نكبة ١٩٤٨م كان مجموع الأراضي اللي أخدوها من العرب بس ميكملش “١٪”، ودا في ظروف قاسية وضرايب وسرقة ورشاوي و٧٠ سنة كاملين بيحاولوا ومش عارفين.

لحد حرب ١٩٤٨م كان العرب من السكان الأصليين بيمتلكوا ما مجموعه ٩٤٪ من أراضي الدولة، واحسب معاها الظروف والفقر والضرايب والسرقة والطمع والاحتلال وكله.

هزيمة الجيوش العربية ١٩٤٨م هي اللي فتحت الباب لسيطرة المحتل على الأراضي، وقدروا بالسلاح والقوة الجبرية وعصابات الهاجاناه (اللي كان بيقودها موشيه ديان وهو صغير) والبلطجة إنهم يسيطروا على ٧٧٪ من الأراضي بالاحتلال مش بالبيع زي ما بيدعوا، وتشريد ٥٨٪ من أهلها العرب، وتهجير قرى كاملة بالمذابح، وبعد ١٩٦٧م سيطروا على باقي الأراضي بالضفة والقطاع.

تفتكر لو حد باع أرضه فعلًا وقبض التمن زي ما بيقولوا، ليه مستموتين عليها؟ وليه فيه مقاومة لحد النهاردا؟ والتانيين لو اشتروها فعلًا زي ما آلاتهم الإعلامية بتقول، ليه فيه حرب؟ ليه فيه قضية من الأساس؟ الحكم في الآخر ليكم.

مقالات ذات صلة:

الوعد الغادر

اقتصاد الدماء

معركة على الأرض ومعركة أخرى

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

محمد أمير

كاتب ومؤرخ وصانع محتوى

مقالات ذات صلة