أغلى قبر في التاريخ
تخيل لو واحد قالك أنا هاخد منك ربع مليون دولار سعر قبرك الدائم ومكان وفاتك، هتدفع له؟ مظنش، أنت ممكن تجمع وتدفع له أكتر عشان يسيبك تعيش.
بس رحلتنا النهاردا كانت كدا للأسف، كانت رحلة بلا عودة، قبر الموت المعروفة باسم الغواصة أوشن جيت.
قبل ما أكلمك عن غواصة الموت، أكلمك الأول عن ركابها، واحد واحد.
الأول اسمه ستوكتون راش عنده ٦١ سنة، ودا يبقى مؤسس ومدير تنفيذي لشركة الغواصة نفسها، حكايته إيه؟
دا مهندس متمرس جدًا في مهنته، راجل مصمم ومخترع معروف في الأوساط الثرية، قبل كدا عمل طيارة تجريبية بإيده ولوحده، واشتغل على سفن صغيرة وعمل منها فلوس لحد ما قرر إنه يأسس شركته، شركة أوشن جيت سنة ٢٠٠٩.
بعد ما صمم الغواصة الصغيرة اللي اسمها تيتان، بدأت رحلاته في البداية على شكل صغير كدا، لحد ما سنة ٢٠٢١ أعلن للصحف أغرب وأغلى رحلة على كوكب الأرض، الرحلة لمشاهدة حطام السفينة تيتانيك، ولو مشوفتش فيلم تيتانيك فدي كانت أضخم وآمن سفينة في العالم وقتها، وكانت الرحلة عليها الأغلى بردو في وقتها، لحد ما سنة ١٩١٢ خبطت في جبل جليدي وغرقت في المحيط وخلفت وراها أكتر من ١٥٠٠ قتيل، بسبب قواعد السلامة بردو، واستقر حطامها على عمق ٤٠٠٠ متر تحت المياه، ما علينا.
المهم إن ستوكتون راش أعلن عن رحلته لمشاهدة الحطام بتذكرة تمنها ٢٥٠ ألف دولار، في غواصة بتقاوم الضغط، والرحلة بتكون عبارة عن رحلة بسفينة ضخمة للمحيط مسافة ٥٩٥ كيلومتر لحد ما يوصلوا لمنطقة فوق الحطام، وبعدين الركاب يركبوا الغواصة الصغيرة وينزلوا تحت ٤ كيلومتر في رحلة على مدار ٨ ساعات، وغواصة مليانة رفاهية فيها حمام وتقدر تسوقها بدراع شبه دراع البلايستيشن، تشوف الحطام من قريب جدًا وبعدين تطلع.
الصحافة لما سألته عن سبب تكلفة الرحلة بالشكل دا، قالهم ببساطة دي أرخص من الفضاء، وإن تكلفة السفينة لوحدها أكتر من الرحلة نفسها، والمفارقة هنا إن الراجل دا بيروح مع الزوار كل رحلة طلعت للغواصة، يعني مش أول مرة يروحها، واللي متعرفوش إنه متجوز واحدة اسمها ويندي، مين ويندي دي يا معلم؟ دي تبقى حفيدة إيزيدور ستراوس، واحدة من الناجين من سفينة تايتانيك نفسها، غريبة مش كدا؟
الضحية التانية معانا هو هاميش رايدينج بريطاني عنده ٥٨ سنة.
دا رجل أعمال ومغامر أصلًا، مؤسس شركة أشكن أفياشن في دبي، ودي شركة طيارات خاصة بالاستكشافات والمغامرات، حلو؟
الراجل دا من مواليد هونج كونج، كبر ودرس في كامبريدج وفي التمانينات تعلم الطيران، بعد كدا استثمر في البرامج المصرفية وعمل شوية فلوس حلوين، وبيهم أسس شركته للطيران.
الغريب في الراجل دا بقى إنه راجل مغامر أصلًا، يعني زار القطب الجنوبي كذا مرة، منهم مرة مع رائد فضاء سابق اسمه باز ألدوين، وزار الفضاء نفسه مرة في رحلة بلو أوريجين، ومسجل في موسوعة جينيس لأطول عمق غاصه واحد في التاريخ، في خليج ماريانا على عمق ١١ ألف متر، يعني قد مسافة التيتانيك ٣ مرات إلا شوية مثلًا، وكان مقرر يطلع الرحلة دي سنة ٢٠٢٢ لكن الرحلة تأجلت لأن الغواصة نفسها تضررت في آخر رحلة ليها.
طيب هو طلع الرحلة دي ليه؟ احتفالًا بعيد ميلاده، بيكافئ نفسه يعني إنه يعمل حاجة جديدة.
الضحية التالتة والرابعة هما شاهزادة داوود وابنه سليمان، ٤٨ سنة و١٩ سنة.
الراجل دا قصة لوحده، واحد من أغنى العائلات الباكستانية على الإطلاق معاه فلوس بالكوم، نائب رئيس التكتل الباكستاني إنجرو كوربوريشن، وهي شركة أسمدة كبيرة خاصة بيه وبعائلته.
درس في فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية وجامعة باكنجهام بإنجلترا وتخرج سنة 1998.
الراجل دا معاه الجنسية البريطانية والمالطية، ودا ليه؟ لأنه معروف عنه حب الخير، بيعمل أعمال خير كتيرة جدًا.
على سبيل المثال كان مشارك في منظمتين خيريتين من تأسيس الملك تشارلز الثالث؛ الصندوق البريطاني الآسيوي والثاني برنس ترست إنترناشونال.
بس بجانب الخير دا كان مشارك في مؤسسة إس أي تي أي للبحث عن الحياة خارج كوكب الأرض، يعني بيحب المغامرة بطبعه.
طيب طلع الرحلة دي ليه؟ بمناسبة عيد الأب، الراجل مخلف ولد وبنت، الولد سليمان كان قاعد مع أبوه شهر إجازة في كندا، بعد ما خلص سنة أولى كلية إدارة أعمال جامعة ستراثكلايد في غلاسكو، وكان عايز يعمل مع أبوه حاجة جديدة، أبوه اقترح الرحلة دي، وسليمان مع إنه كان خايف بس كان عايز يشارك أبوه أي حاجة، ووافق على الرحلة دي.
أما الضحية الأخيرة فهو المغامر الفرنسي بول هنري نارجوليت ودا أكبرهم سنًا وعنده ٧٧ سنة.
الراجل دا غواص سابق أصلًا في البحرية الفرنسية، وكان من أول الناس اللي شافوا حطام تيتانيك وقت اكتشافه سنة ١٩٨٧، يعني مش أول مرة يطلع رحلة زي دي.
مش بس زارها، دا كان مدير البحوث تحت الماء لشركة بتمتلك حقوق حطام تيتانيك أصلًا، وواحد من اللي أشرفوا على استعادة قطع أثرية كتير من حطام السفينة، يعني متعود يغوص هناك طول عمره أصلًا، غريبة مش كدا؟
الغريب إنه كان مخطط لرحلة غوص للحطام بعد الرحلة دي بشوية، يعني كان هيخلص معاهم ويروح يغوص ويرجّع كام حتة أثرية تانية من السفينة، بس هو طلع معاهم رفاهية كدا، من باب التسلية يعني.
الخمسة دول كل واحد فيهم دفع أغلى تذكرة في حياته للموت، محدش فيهم كان متخيل يقابل التاني ولا إنه يموت معاه وقبره يبقى قاع المحيط مع ضحايا تيتانيك، كل واحد فيهم كان رايح لمناسبة وسبب مختلف، وكلهم ماتوا مع بعض.
يقال إن السبب انفجار داخلي حصل بسبب عطل قبل انتهاء الرحلة بساعتين، لكن حقيقة اللي حصل واللي عاشوه آخر لحظات في حياتهم هيفضل مدفون معاهم في قاع المحيط، سر من الأسرار اللي هتفضل غامضة طول حياتنا، رحمة الله عليهم.
مقالات ذات صلة:
كيف تحاول شركة Altos Labs قهر الموت نفسه؟!
الإنسان بيشوف إيه بعد ما يموت؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا
