مقالات

أبحاث الخلود .. كيف تحاول شركة Altos Labs قهر الموت نفسه؟!

في أثناء الوقت اللي إنت بتقرأ فيه السطور دي، وبتكافح كل يوم عشان تعيش وتبني حياتك ومستقبلك لحد ما ييجي عليك يوم في المستقبل وتموت زي البشر جميعًا، خليني أقولك إن حاليًا في بعض من أغنى أغنى أغنياء العالم اللي زي الملياردير الأمريكي جيف بيزوس بيستثمروا مبالغ طائلة في أبحاث تخليهم يعيشوا لمئات السنين!

الأبحاث اللي هُمَّه بيستثمروا فيها دي مش بس قادرة توصلهم لحلم الخلود اللي كان بيداعب خيال البشر كلهم من مئات السنين، لأ دي قادرة إنها تغير شكل العالم والجنس والمجتمع البشري كله لو حصلت، وتبقى واحدة من أعظم الإنجازات البشرية في التاريخ المسجل كله!

كوباية شايك الحلوة ونعناعك في إيدك، وتعالى بقى معايا النهارده أحكيلك عن الموضوع الغريب ده، ونشوف إزاي الناس دول بدأوا رحلة هدفها قهر الموت نفسه! يلا بينا!

إعادة برمجة الخلايا

بص يا سيدي.. الموضوع كله بدأ مع تقرير عملته مجلة (MIT Technology Review) في شهر سبتمبر من سنة 2021، اتكلموا فيه عن إن في شركة غامضة وجديدة لسه بادئة، اسمها (Altos Labs)، بدأت بالفعل تتشكل وتاخد تمويلات ضخمة من عدد من أغنى أغنياء العالم، زي الملياردير الروسي يوري ميلنر (Yuri Milner)، والرجل الأغنى في العالم جيف بيزوس (Jeff Bezos)، مؤسس شركة أمازون للتجارة الإلكترونية و(Blue Origin) لأبحاث الفضاء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

طب الشركة دي هتعمل إيه بالظبط، وإيه سبب إنها تاخد التمويلات دي كلها؟!

الشركة دي يا صديقي، تأسست عشان تبدأ أكبر سلسلة أبحاث في تكنولوجيا جديدة مذهلة، اسمها إعادة البرمجة البيولوجية (Biological Reprogramming)، ودي عبارة عن طريقة مبتكرة وجديدة لتجديد الخلايا الحية وإطالة أعمارها في المختبر، بتقدر تخليها ترجع لشبابها حرفيًا!

المهمة الرئيسية اللي بيشتغلوا عليها في الشركة دي إنهم بيستعملوا أبحاثهم في إعادة أجسام الحيوانات للشباب، أو حتى إعادة الخلايا الميتة للحياة مرة تانية، وكل ده بيتم بهدف إطالة الأعمار المتوسطة للبشر، لحدود مذهلة محدش يقدر يتخيلها!

تقنية إعادة برمجة الخلايا تفوز بجائزة نوبل

173 212103 treatment damaged liver cells yamanaka factors 2 1024x576 - أبحاث الخلود .. كيف تحاول شركة Altos Labs قهر الموت نفسه؟!

لو أنت فاكر إن التكنولوجيا دي خيالية، ومش ممكن تكون موجودة، فـخليني أقولك إن في عالم ياباني اسمه شينيا ياماناكا، فاز بجائزة نوبل للطب عام 2012 مناصفة مع عالم تاني بريطاني اسمه جون جوردون، عشان قدر يكتشف ويثبت بالتجربة، إن بإضافة 4 بروتينات معينة للخلايا المتقدمة في العمر، نقدر نخليها ترجع لشبابها تاني، كإنها لسه مولودة! زيها زي الخلايا الجذعية أو الـ(Stem Cells) كده!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

العناصر أو البروتينات الـ4 اللي اكتشفهم ياماناكا دول، قدر معمل (Izpisúa Belmonte) في سنة 2016 إنه يطبقهم على خلايا فئران كاملة حية وعجوزة، وخلتهم بالفعل يظهر عليهم علامات الشباب والصحة مرة تانية، ويرجعوا يبقوا زي ما كانوا من سنين! وساعتها، العناصر الأربعة دول اتسموا عناصر ياماناكا (Yamanaka Factors)، وخدوا لقب من المعمل اللي استعملهم بإنهم ممكن مستقبلًا يبقوا “إكسير الحياة” الحقيقي!

اقرأ أيضاً: ملاجئ يوم القيامة!

تطبيقات علمية لحياة صحية مديدة

عارف بقى المفاجأة إيه؟! المفاجأة إن الياباني اللي اسمه ياماناكا ده، هو نفسه اللي هيبقى ماسك رئيس المجلس العلمي للشركة! وده غير إن لسة في علماء تانيين يعتبروا من أشهر علماء الطب في العالم كله، هينضموا للشركة دي قريب حسب التقارير، وبعض منهم انضم للشركة بالفعل، منهم جينيفر دودنا اللي فازت بجايزة (Breakthrough) سنة 2015، وبعدها جايزة نوبل في الطب سنة 2020، لاكتشافها تقنية (CRISPR) للتعديل الجيني.

يعني من الآخر وباختصار، اللي بيعملوه رجال الأعمال والمستثمرين الكبار دول إنهم بدل ما يكون كل واحد بيستثمر في حتة لوحده وبيدور على حاجة مختلفة، بدأوا يجمعوا العلماء اللي بيشتغلوا على تكنولوجيا إطالة العمر دي كلهم مع بعض، ويعملولهم شركة واحدة متخصصة في أبحاثهم، عشان يسرعوا الموضوع أكتر، ويوصلوا لابتكار يقدر يقلب الموازين كلها في فترة زمنية أقل.

هتلاقي التقرير الرسمي بتاع (MIT Review) عن الشركة في الديسكربشن، لو عايز تقرأه وتتأكد بنفسك:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

https://www.technologyreview.com/…/altos-labs-silicon

الهوس البشري بالخلود

الحقيقة إن في أكتر من طريقة العلماء شغالين عليها دلوقتي عشان يوصلوا لكسر سر الشيخوخة والوصول لتحقيق الخلود الحقيقي، منهم مثلًا طريقة بتهدف لزيادة إنتاج إنزيم معين في الجسم اسمه الـ(NAD+) والإنزيم ده وظيفته بتبسيط إنه بيخلي الخلايا بتاعتنا تاخد بالها من نفسها، وتنتج المكونات الحيوية للجسم بصورة أكفأ، وبيقلل من معدل انهيارها وموتها.

بناءً على التجارب اللي اتعملت على الفئران في سنة 2016 باستعمال الإنزيم ده، فهُمَّه لقوا إن الفئران نشاطها ومعدل إنتاج الخلايا الجذعية للجلد والمخ والعضلات فيها زاد، وشبابهم تجدد وبقى عندهم قدرة متزايدة على إصلاح الحمض النووي في جسمهم وكمان زاد معدلهم العمري.

الموضوع ده بالمناسبة خلى وكالة (N.A.S.A) نفسها تهتم، لإنها كانت بتدور على تقنيات زي دي عشان تستعملها على رواد الفضاء بتوعها في رحلات المريخ الجاية، وحاليًا بيخططوا عشان يعملوا التجارب على البشر، يعني في المستقبل ممكن تكون حبوب إنزيم الـ(NAD+) هي أول أقراص دوائية مضادة للشيخوخة في التاريخ!

ده غير إن في علماء تانيين بيعملوا أبحاث على الخلايا الجذعية (Stem Cells)، اللي هي عبارة عن خلايا موجودة في كذا مكان في الأجسام البشرية، وبتقدر إنها تنقسم وتنسخ نفسها، عشان تجدد الخلايا الحية في الجسم، وتحافظ على شبابه، بالظبط زي ما يكون عندك عربية، وتعملها صيانة كل فترة، تغير الزيت والفلاتر والسيور والكلام ده كله.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً: بين مثالية الشباب وزهد الشيوخ

عكس علامات الشيخوخة لدى الفئران .. هل ينجح على البشر؟

646de14c42360438e16bc622 - أبحاث الخلود .. كيف تحاول شركة Altos Labs قهر الموت نفسه؟!

المشكلة في الخلايا دي إنها بتقل تدريجيًا مع تقدمنا في العمر لحد ما بتختفي وتموت، وبعدها اللي بيحصل في جسمك بيبقى كإن عندك عربية بقالها مثلًا 20 سنة معملتهاش صيانة، ولا غيرتلها زيت موتور، إيه اللي هيحصل؟ العربية هتعطل طبعًا، وهو ده بالظبط نفس اللي بيحصل في أجسامنا مع تقدمنا في العمر، أجسامنا ووظائفنا الحيوية نفسها بتعطل، ونتيجة لده بنموت.

بس اللي بيعمله الخبراء دول بقى في تجاربهم اللي بردو بتتعمل على الفئران دلوقتي، إنهم بياخدوا الخلايا الجذعية الجديدة الشابة اللي بتبقى موجودة في أمخاخ الفئران اللي لسه مولودة، ويحقنوها زي ما هي كده في أمخاخ الفئران العجوزة الكبيرة في السن، والنتيجة كانت شبه السحر.

لاحظوا إن الفئران دي أمخاخها وعضلاتها بتشتغل بكفاءة أكثر، ومعدلهم العمري زاد بنسبة 10%! وكمان لما جربوا يحقنوا الخلايا دي في قلوب الفئران لاحظوا إن وظائفهم القلبية تحسنت بشكل كبير جدًا، وبقوا قادرين يتمرنوا ويجروا لمدة أطول بنسبة 20%، وكمان الشعر اللي وقع منهم طلع مرة تانية!

طبعًا كل الطرق دي بقى بتأدي لنتيجة واحدة في الآخر؛ إنهم بيقربوا كل يوم خطوة من كسر سر الخلود، والقضاء على مسببات الموت نفسها، ونتيجة ده هتبقى إيه؟! الله أعلم.

استثمارات بمليارات الدولارات

عايزك بس تتخيل إنت الناس اللي زي جيف بيزوس دول بيفكروا إزاي، وإزاي نظرتهم للحياة والوقت مختلفة عن النظرة النمطية اللي عندي وعندك، الناس دول مش بيشوفوا الوقت على إنه أيام وشهور زيي وزيك.. لأ، الوقت عندهم بيتكون من وحدات زمنية صغيرة جدًا، الواحدة فيها بفلوس، وبالنسبة لهم الاستثمار في تكنولوجيا ممكن تطول في أعمارهم لـ150 ولا 200 سنة، هو استثمار مباشر في ثروتهم الضخمة اللي مالهاش مثيل.

طبعًا مش محتاج أقولك إن في مفكرين وفلاسفة وعلماء طبيعة كتير بيهاجموا الموضوع ده من ساعة ما أعلِن عنه، وبيقولوا إنه من الأفضل إنهم يصرفوا الفلوس والتمويلات دي على محاولة إيقاف التغير المناخي اللي هُمَّه نفسهم بشركاتهم تسببوا فيه، أصل إيه المغزى من إطالة أعمار البشر لو هيعيشوها على كوكب بيحتضر بالفعل؟ بس طبعًا لا حياة لمن تنادي.

الناس دول ابتدوا يكبروا أصلهم، جيف بيزوس بقى عنده 59 سنة، ويوري ميلنر عنده 61، خلاص العمر مش باقي فيه كتير، والموت بدأ يقرب، فهُمَّه بيمروا حاليًا بأزمة منتصف العمر زيهم زي أي راجل في عقده السادس.

بس الفرق إن الرجالة العاديين اللي زينا، لما بيمروا بأزمة منتصف العمر، بيروحوا يتجوزوا واحدة شابة، ولّا يغيروا عربيتهم ولّا يسافروا مصيف أو يعملوا أي حاجة، لكن اللي زي ميلنر وبيزوس بيفكروا إزاي يطوروا عمرهم نفسه، ويعيشوا أضعاف السنين اللي شافوها، إيه يعني لما أصرف 5 ولا 6 مليار على تكنولوجيا تخليني أعيش 100 سنة كمان؟! ساعتها هكون حرفيًا لسه شاب معديتش ربع عمري حتى!

طبعًا، علميًا مفيش ما يمنع، الطرق اللي اتكلمنا عنها دي كلها حقيقية ومكتشفة ومثبتة فعلًا، وكل اللي محتاجاه شوية تجارب ودراسات!

اقرأ أيضاً: لغة الجينات.. لغة الله!

تكنولوجيا تحرير الجينات تطارد ينبوع الشباب

فتخيل إنت معايا كده..

تخيل تكنولوجيا زي دي لو أصبحت حقيقة واقعة يمكن التحكم فيها، طبعًا هتبقى في الأول متاحة للأغنياء بس، لكن بعد فترة هتبقى متوفرة تجاريًا لباقي البشر، زيها زي الموبايل والإنترنت والكمبيوتر زمان بردو.

تخيل ييجي علينا وقت في المستقبل يبقى الشخص العادي بيعيش 200 ولا 300 سنة مستريح قبل ما يفارق الحياة، ممكن وقتها يبقى شكل العالم عامل إزاي؟!

الفكرة إن كوكبنا أصلًا مبقاش مستحمل عدد البشر اللي عليه دلوقتي، فإزاي ممكن يستحمل إنهم يعيشوا مدة أطول كمان؟! خصوصًا إن التغير المناخي هيخلي مدن وأماكن كاملة من الكوكب تبقى غير صالحة للمعيشة بسبب ارتفاع الحرارة، وبالتالي الناس هتزدحم وتتصارع على الموارد في أماكن ومساحات أقل، ما بالك بقى لو هُمَّه بقوا أكتر وأعمارهم أطول ومش بيموتوا بسرعة؟!

تفتكر وقتها لو التكنولوجيا دي أصبحت واقع، الكوكب هيقدر يحافظ على حياتنا، ولا هنضطر ساعتها ندور على وطن تاني هناك بعيد، ما بين النجوم؟!

الإجابة متروكة لخيالك إنت..

المصادر:

https://www.cnbc.com/…/silicon-valleys-quest-to-live

https://www.euronews.com/…/first-space-now-immortality

مصادر وصفحات طبية عن موضوع الخلايا الجذعية:

http://swissmedica.startstemcells.com/lp4?gclid=CjwKCAjw4NrpBRBsEiwAUcLcDGj3uGwxc6tuHI3N1DnYERc5_Sg2yyC18PvR9EALlZq63gqNWVVpfBoClUoQAvD_BwE

https://stemaid.eu/aging?gclid=CjwKCAjw4NrpBRBsEiwAUcLcDAbWZ1j6SV14dUjb_pkYh0Vdw1h6xwBUBvXcE1mR77IyDyTEnYoIfxoCS_sQAvD_BwE

مصادر وصفحات طبية عن موضوع NAD+:

https://www.lifeextension.com/Magazine/2018/2/Anti-Aging-Effects-Of-NAD/Page-01

https://hms.harvard.edu/news/rewinding-clock

https://www.biospace.com/article/nad-boosters-promising-in-mice-for-anti-aging-and-alzheimer-s-but-not-yet-ready-for-prime-time/

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. محمود علام

كاتب روائي وباحث، وسيناريست

مقالات ذات صلة