مقالات

عقارب الجوع

يحتاج الإنسان منا إلى لوازم أساسية كي تستمر حياته على ظهر هذه البسيطة، وحسب التسلسل الهرمي لماسلو يحتاج الإنسان إلى: تحقيق الذات، بالإنجازات والأنشطة الإبداعية، والحاجة إلى التقدير مثل الهيبة والمكانة والثقة والشعور بالإنجاز، والاحتياجات الاجتماعية مثل الصداقة، والحاجة إلى الأمن مثل السلامة النفسية والأمان الأسري والصحي والوظيفي، والاحتياجات الفسيولوجية ومنها التنفس والغذاء والماء والإخراج والنوم.

الإنسان في مسيس الحاجة إلى الطعام والشراب والملبس، وعلى الرغم أنّ الطعام ليس هدفًا أساسيًا للحياة فإنه يساعد عليها، وعلى إكمال السير والأعمال والأشغال.

ما هي الحلول المقترحة للحد من الجوع والفقر؟

إنّ البؤس والفقر يؤدي إلى الذُّل وتنكيس الهامة وانثناء الجسم وكسرة النفس، وقد يؤدي إلى التشرُّد والخسارة الكبيرة، التي تعود على البائس الفقير والمجتمع الذي لم يُحسن استغلاله واستخدامه على السواء.

إننا يجب أن ننظر نظرة شاملة إلى المجتمع ومتطلباته، ومن ذلك الفقراء لأنهم قنابل موقوتة إذا لم ننتبه لهم، ومن واجبنا توفير الحياة الآمنة الكريمة التي تليق بإنسان له شعور وأحاسيس، وعليه مسؤوليات وواجبات تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تهيئة العمل المناسب اللائق لكي لا يضطر الإنسان إلى مد يده لغيره وينتظر أعطاه غيره أو مَنَعَه، أو الإلجاء إلى ذل السؤال وسواد الوجه، هذا العمل الملائم ولو كان بسيطًا مهم ليأكل من عمل يده وتعبه ويشعر بقيمته وأهميته.

استغلال الطاقات المنسية والمُهدَرَة وتوظيفها في أماكنها حسب كفاءتها ومهاراتها وخبراتها أمر مهم يستفيد منه الجميع ويعم الخير والنفع، بلا فرق بين الفقير والغني والضعيف والقوي.

ينبغي أن نستمع إلى شكوى المحروم والجوعان والمريض بأذن واعية مُصغية، لكي نستطيع وضع حلول لهذه المشاكل وفتح الأبواب الموصدة وتذليل العقبات المتراكمة.

واجب الغني تجاه الفقير

a1bd2edc 2bef 4475 9f04 d1b5a547adb1 16x9 600x338 1 - عقارب الجوع

إنّ قَرْص عقارِب الجوع للمعدة وعَضَّ الجوع الإنسان بِنابِه يؤدي إلى خور الجسم والضعف الشديد، فضلًا عن فقْد الثقة في النفس، وقد يلجأ الفقير –أحيانًا– إلى بيع ممتلكاته المُحبّبة إلى قلبه ذات الذكريات الجميلة، التي كوّنها على مرّ السنين من كَدّ يده أو من الأقارب والأصدقاء أو حتى من ذوي الإحسان.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الغني عليه دور مهم في مساعدة فقراء المجتمع، فعليه إذن عدم التعالي والتكبر عليهم وازدرائهم والتقليل منهم، سواء بالكلمات النابية أو بالنظرات القاتلة، فالناس درجات، ويتفضّلون على بعض في الرزق، للابتلاء والاختبار.

أَبو يُوسُفَ وأُسْتَاذُهُ

توفي والد يوسف القاضي وهو صغير، فربّته أمه وأَدخلته عند خياط حتى يتعَلم الخياطة ويحصل كل يوم على دانِقٍ (رِيال واحد).

كان يذهب كل صباح إلى الخياط في الكوفة، ورأَى مجموعة من الطلاب قد تحلقوا (جلسوا في شكل حلقات) عند أُبي حنيفة، فأُعجب الطفل يوسف بالإمام أبي حنيفة فجلس في مجلسه ولم يذهب إلى الخياط، واستمر يومان على هذه الحالة، فذهب الخياط لأمه فاشتكى من ابنِها وقال لها إنه سيقْطع راتبه، فذهبت إليه فوجدَته في المجلس، فأُخذت الولد من أُذنه لتخرجه.

قال أَبو حنِيفة: “يا امرأَة، إِني أَرى في ابنك عقلًا، فدعيه يطلب العلم، فسيأْتي عليه يوم يأْكلُ الْفَالُوذَجَ بدُهْن الْفُسْتُق (نَوْعٌ مِنَ الْحَلْوَى لا يأكلها إلا الخلفاء)”، فردَّت عليه: “إنَكَ شيخ خَرِف (فَسَدَ عَقْلُهُ من الْكِبَرِ)، دع ابني هذا يكسب دانقًا كل يوم”. وفي الغد رجع يوسف إلى مجلس الإمام أُبي حنيفة ولم يذهب للخيَّاط، فسأَل أَبو حنيفة يوسفَ: “كم يعطيك الخيَّاط؟” فقال: “يُعطيني دَانِقًا كل يوم”، قال لهُ: “أَنا أُعطيك ثلَاثِين درهمًا”. فكَان من أَذكى تلاميذ أَبي حنِيفة.

لمَّا جاء زمن “هارون الرَّشيد” –الخليفة العبّاسيّ– عَيَّنَ أَبا يوسف قاضي الْقُضَاةِ، وجلس مرَّة مع الرَّشيد على مائدة الطَّعام، فقدَّم له الرَّشيد مجموعة من الأَطعمة ومنها الْفَالُوذَجُ بِدُهْنِ الْفُسْتُقِ، فسالتْ من عَيْنَي أَبي يُوسُفَ دَمْعَتَانِ، فسأَله فقصَّ عليه قصَّته، فقال الرَّشِيدُ: “رَحِمَ الله أَبا حنيفة كان ينظر بعيْنِ عَقْله، لا بعيْنِ رأْسه، حقًا إِنَّ العِلْم ليرفع صاحبه”.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

قال الإمام أَبو يوسف: “لو كنتُ كما أَرادتْ أُمُّي لكُنْتُ خَيَّاطًا، لكن شاء اللهُ لي أَن أَكون عالمًا أُجالس الْخُلَفاء وآكُل على موائدهم”.

مقالات ذات صلة:

اليوم العالمي للقضاء على الفقر

هل الفقر مرتبط بالنمو السكاني

اخشوشنوا

اضغط على الاعلان لو أعجبك
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر

مقالات ذات صلة