مقالات

مشروع منخفض القطارة حلم أم وهم؟

كثرت فيه الأقاويل، وتضاربت حوله أقوال المتخصصين بين مؤيد يرى جدواه وأهميته لمصر، وبين معارض يرى فيه إهدارًا لأموال نحن في أمس الحاجة إليها، يعتبر بنظر البعض رمزًا للوطنية وعند آخرين يعد ضمن الفرص الضائعة، مشروع منخفض القطارة.. هل هو عبور للمستقبل ونقلة غير مسبوقة؟ أم مصدر آخر لاستنزاف أموال المصريين؟ وما بين الحلم والوهم تكمن الحكاية.

مشروع منخفض القطارة

يتم المشروع من خلال شق قناة من البحر المتوسط لتوصيل المياه إلى المنخفض، الذي يقع على عمق 133م تحت سطح البحر وتبلغ مساحته 19كم2، ويستغل لتوليد الكهرباء نتيجة سقوط المياه من هذا الارتفاع، وإنتاج الأملاح والأسماك، واستصلاح مساحات شاسعة من الأراضي.

تاريخ فكرة مشروع منخفض القطارة

Screenshot 2022 05 07 192216 - مشروع منخفض القطارة حلم أم وهم؟

بدأ التفكير في المشروع منذ ما يربو على المائة عام في 1916 من قبل العالم الألماني هانز بانك أستاذ الجغرافيا في جامعة برلين، وكانت تقتضي توصيل مياه النيل من فرع رشيد إلى المنخفض عبر أنابيب، ولم تتبلور بشكل عملي إلا على يد البروفيسور جون بول وكيل الجمعية الملكية البريطانية،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حيث نشر دراسة عن الفكرة عام 1931 وقام بعرضها على حسين سري باشا وكيل وزارة الأشغال، الذي عرضها بدوره على المجمع العلمي المصري، ولكن لم توضع قيد التنفيذ وذلك بسبب التخوف من تمليح التربة وزيادة النشاط الزلزالي، ثم أعيد طرح المشروع مرة ثانية في عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر،

ونصت على توصيل مياه البحر المتوسط بدلًا من النيل عن طريق شق قناة طولها نحو 75 كم من ساحل البحر حتى المنخفض، ولكن بسبب التخوف من عدم جدوى المشروع بعد 50 عامًا حيث سيكون المنخفض قد امتلأ تمامًا بالمياه ولن يكون صالحًا لتوليد الكهرباء،

فماذا سنفعل حينها؟ كما أن القناة لا يمكن حفرها بالمعدات المتوفرة حينها، بل تحتاج إلى تفجير نووي الذي بالطبع ينطوي على قدر كبير من الخطورة، وبالتالي تم رفض المشروع.

سلبيات مشروع منخفض القطارة

  1. حدوث زلازل في منطقة المشروع وفقًا للسفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، فمن المعروف أن إنشاء السدود والخزانات أو البحيرات الصناعية يمكن أن يؤدي إلى حدوث زلازل نتيجة وزن المياه الهائل الواقع على الصفائح الأرضية، ويضيف د/ طلال بن علي محمد مختار أستاذ الجيوفيزياء والزلازل بالمملكة العربية السعودية أنه عند إنشاء السد العالي ووصول المياه في بحيرة ناصر لأعلى مستوى لها في أكتوبر 1981 وقع زلزال بقوة 5.6 ريختر، ما نتج عنه صوت دوي هائل وفزع الأهالي وخروجهم من منازلهم، تمكن الخبراء من تحديد مركز الزلزال تحت البحيرة مباشرة.
  2. التكلفة الكبيرة لحفر قناة بطول 75 كم في الصخور الجيرية السائدة في المنطقة، بالإضافة إلى تكلفة إزالة الألغام التي وضعت أثناء الحرب العالمية الثانية.
  3. تمليح التربة وعودة جزء من المياه المالحة إلى أراضي الدلتا بسبب الانحدار من الغرب إلى الشرق وفقًا لدكتور نادر نور الدين.
  4. التأثير السلبي على واحة سيوة كمحمية طبيعية.
  5. البعد الاستراتيجي من حيث تأمين المنطقة.
  6. اقتطاع جزء من مساحة مصر وتحويلها إلى بحيرة كبيرة.

اقرأ أيضاً:

عين العالم على القناة

اضغط على الاعلان لو أعجبك

التجارة الإلكترونية

اقتصاد بالألوان

تساؤلات مشروعة

  1. هل تمت دراسة الآثار التي قد توجد في المنطقة لاستخراجها ونقلها للحفاظ عليها؟ مع إضافة تكلفة هذه العملية إلى التكلفة الإجمالية للمشروع.
  2. كيف سيتم تعويض سكان المنطقة وأصحاب الأراضي؟
  3. وفقًا للدكتور محمود زغلول عالم الجيولوجيا فإنه توجد شقوق في قاع المنخفض قامت بتصويرها طائرات الأواكس الأمريكية والأقمار الصناعية، ومن هنا يأتي التساؤل، هل ستؤثر مياه البحر على المياه الجوفية العذبة؟
  4. ما هي تكلفة الفرصة البديلة؟ أي مقارنة العائد والتكلفة للمشروع مع العائد والتكلفة لتطوير بحيرات مصر (البردويل – البرلس – المنزلة – ناصر – مريوط) بالإضافة إلى البحرين الأحمر والمتوسط.
  5. ما تأثير الرياح الشمالية الغربية التي ستحمل بخار الماء من البحيرة -بعد تكونها- إلى محافظات الدلتا والقاهرة على المناخ؟
  6. هل سحب هذا الكم من المياه سيؤدي إلى خفض مستوى المياه في البحر المتوسط؟ وما تأثير ذلك؟
  7. كيف سيتم التصرف عند امتلاء المنخفض بالكامل بعد 50 عامًا، وبالتالي لن يكون ممكنًا توليد الكهرباء؟
  8. كيفية التعامل مع شركات البترول التي تمتلك امتيازات في المنطقة تنتهي عام 2029؟

إيجابيات مشروع منخفض القطارة

T1517953278c29fe4c0690e000932c5d38047ac4725image.jpgw1200h675q95img 1024x576 - مشروع منخفض القطارة حلم أم وهم؟

  1. استصلاح مساحات شاسعة من الأراضي بما يساهم في الاكتفاء من المحاصيل الاستراتيجية.
  2. توفير فرص عمل مستدامة في الزراعة والصيد وتصنيع الأسماك.
  3. سد الفجوة الغذائية في البروتين الحيواني.
  4. زيادة القوة الشرائية للمواطن دون الحاجة إلى رفع الرواتب من خلال زيادة المنتجات المعروضة.
  5. توليد الكهرباء.
  6. نقل جزء من التكدس السكاني إلى الصحراء الغربية.
  7. تخفيف الضغط عن ميناء الإسكندرية من خلال إقامة ميناء.
  8. القضاء على مشكلة نقص المياه العذبة عن طريق استخدام الكهرباء المتولدة في تحلية المياه.
  9. التوسع في السياحة العلاجية والسفاري مما يوفر مصدرًا للعملة الصعبة.

إضاءات للتغل0ب على صعوبات مشروع منخفض القطارة

  • إقامة محطات تحلية لمياه البحر بالطاقة الشمسية قبل السماح لها بالدخول إلى المنخفض، وبالتالي التغلب على مشكلة تمليح التربة والمخزون الجوفي من المياه، وأيضًا زيادة العمر الافتراضي للتوربينات، حيث أن مياه البحر المالحة ينتج عنها تآكل بها، أيضًا فإن استخدام المياه العذبة في الزراعة والصناعة والشرب سيؤدي إلى سحب المياه باستمرار فلا يمتلئ المنخفض، فيصبح صالحًا لتوليد الكهرباء باستمرار، ولكن ذلك يحتاج إلى حساب معدل الدخول والسحب.
  • التمويل عن طريق الاكتتاب العام، وبالتالي شعور المواطنين بأهمية المشروع واستفادتهم منه وحرصهم عليه، مع عدم تحميل ميزانية الدولة أعباء جديدة.
  • إذا ثبت أن هناك فوائد للمشروع على دول جنوب المتوسط فمن الممكن مشاركتها في تمويله.
  • المسح الجوي لكامل المنطقة باستخدام السونار لتحديد مواقع الألغام ومن ثم إزالتها أو تفجيرها قبل التنفيذ.
  • تكوين لجنة فنية للتفاوض مع شركات البترول المالكة لامتيازات التنقيب في المنطقة للوصول إلى حلول وسط دون اللجوء إلى التحكيم الدولي.
  • يمكن تعويض أصحاب الأراضي من خلال منحهم بديلًا لها في المشروع.

 

وأخيرًا يبقى القول الفصل في هذا الأمر لأصحاب الاختصاص، من علماء الاجتماع والبترول والبيئة والزراعة والثروة الحيوانية والآثار والقانون الدولي والمناخ والجيولوجيا، للحكم على مدى جدوى المشروع من عدمه وكيفية التغلب على آثاره السلبية مع الأخذ بالدراسات السابقة التي تمت في هذا الصدد.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

المصادر:

  • موقع معرفة.
  • بوابة المصري اليوم الإلكترونية.
  • موقع الوطن نيوز.
  • موقع الأقباط متحدون.
  • جريدة البيان الإلكترونية.

 

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط

 

مقالات ذات صلة