مقالات

ماو تسي تونج

سنة 1911 بتقوم ثورة على آخر سلالة إمبراطورية حاكمة في الصين، سلالة تشينج، الإمبراطورية خلاص كانت في نهايتها، والناس مش طايقة السلالة، وعمالين يسجنوا وينفوا أي حد بيفكر حتى مجرد شوية تفكير، اللي بيفكر يبقى عدو الدولة معروفة، فالفصائل كلها بتجتمع في سلسلة من التمردات في مناطق الصين وفي المنفى وفي كل حتة، بتكبر وتبقى ثورة لحد ما في النهاية بيقدروا إنهم ينهو الإمبراطورية خالص لآخر إمبراطور وريث وهو “بوئي”، وتتحول الصين إلى جمهورية، الكلام ده كان يوم ١٠ أكتوبر سنة ١٩١١م، العيد القومي الصيني المعروف بعيد العشرتين وثورة “شينهاي”.

في نص الثورة، شوية مثقفين صينيين على قدهم عملوا حزب متأثر بروسيا والماركسية وأفكار الشيوعية وكده، اللي هو إيه؟ الحزب الشيوعي الصيني، بقياده شاب صغير ضعيف اسمه “ماو تسي تونج”، الحزب ده تحالف مع الرئيس المؤقت “سون” عشان يحاولوا إنهم يعملوا حاجة اسمها “حكومة الصين الواحدة”، عشان الصين كانت بتفرط منهم وعمالة تتقسم ومحدش عارف مين مع مين وأهو ياخدوا دعم روسيا بالمرة، بس التحالف فشل، ورجعت اتقسمت تاني.

مين ماو تسي تونج بقى؟ هقولك…

نشأة ماو تسي تونج

ماو اتولد في 26 ديسمبر 1893 في مقاطعة هيوفن الصينية، من أب فلاح لا ليه في السياسة ولا غيرها، وكان المفروض ماو هيورث الفلاحة عن أبوه، لحد ما وهو عنده 18 سنة، قامت ثورة شينهاي، وتأثر بيها الشاب الصغير ماو لدرجة إنه بدأ يقرأ ويدرس في الشيوعية اللينينية الروسية، وقدر يوصل لأنه يبقى أستاذ في جامعة بكين، وواحد من مؤسسي الحزب الشيوعي الصيني في بداياته خالص وصولًا لأنه يبقى زعيمه سنة 1937.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بس الصين مكانتش الصين اللي إحنا نعرفها، وعشان تفهم ماو وصل للحكم إزاي محتاجين ناخد لفة في الصين قبل الحرب الأهلية التانية، ركز معايا.

ساعة الثورة، بيرجع واحد من الثوار اسمه “سون يان سين” من المنفى عشان يبقى قائد من قادة الثورة وأول رئيس للصين، وبقى رئيس مؤقت وبدأ يعمل ديموقراطية وانتخابات، لكن أهم حاجة عملها هي “الكوميتانج”، اللي هو الحزب القومي الصيني، أو الحزب الوطني الصيني يعني عشان يأسس لحكمه للصين، ركز مع الحزب ده عشان هو أساس القصة كلها.

اقرأ أيضاً: الحرب الأهلية الأمريكية

الاحتجاجات السياسية

121195930 69628d96 dd7a 46d6 9a74 7053e0fefd20 - ماو تسي تونج

المهم، واحد من أمراء الحرب في الصين اسمه الجنرال “يوان شيكاي” اللي حكينا عنهم فوق ساعة التمرد، شارك في الثورة على الإمبراطورية، وكان معاه جيش زي ما أمراء الحرب معاهم، بس جيشه “الشمالي” كان كبير وقوي ومنظم إلى حد ما، فعشان ميحاربش الثورة ويقلب عليها وينهيها، طلب إنه يبقى هو الحاكم مكان سون، وفعلًا بقى الحاكم سنة ١٩١٢م، وفجأة أعلن إنه بقى إمبراطور.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الكلام ده معجبش حد، واتقسمت الصين ما بين واحد عايز يبقى إمبراطور، وواحد معاه حزب قومي من الشعب، وكام أمير من أمراء الحرب كل واحد عمال يستقل بالحتة بتاعته ويعلن إنه رئيسها، أشهرهم واحد اسمه “سو تشي تشان” اللي أعلن إنه “رئيس جمهورية الصين الشعبية”، وفيه رئيس أصلًا اللي هو سون، وحاجة آخر لخبطة.

المهم إن الموت بيفاجئ “يوان شيكاي” اللي كان أعلن إنه إمبراطور من شوية ده، وموته خلق حالة من الفراغ السياسي، خلى أمراء الحرب دول يحاولوا يسيطروا على أكبر عدد من الأراضي تحت نفوذهم، وبدأ العالم نفسه يتدخل زي أمريكا وزي اليابان، اللي هي كمان سيطرت على مجموعة أراضي صينية، وده في عز الحرب العالمية الأولى.

مات سون هو كمان سنة ١٩٢٥م، والدنيا مقسومة وأحزاب وشيوعيين وحاجات كده، وجه قائد اسمه “تشانج كاي تشيك” تولى الزعامة في حزب القوميين اللي هو الكومنتانج، وبدأ خطة كبيرة عشان يقضي على أمراء الحرب ويوحد الصين، وفعلًا نجح في ده لحد ما قدر إنه يخلي الحكم في إيد القوميين بس، وأمراء الحرب استسلموا وبقوا حكام محليين في مناطقهم تحت الحكومة الصينية.

اقرأ أيضاً: هل تدمر أمريكا الصين كما دمرت أوروبا؟

بداية الحرب الأهلية الصينية

مبقاش حد واقف قدامه غير مين؟ الحزب الشيوعي الصيني بس، فبدأ يركز معاهم عشان ينهي وجودهم من الصين خالص، ويبقى هو وحزبه الحاكمين الحقيقيين، وحاول إنه يبني الصين تحت اسم “جمهورية الصين”، ويقاوم باقي نفوذ أمراء الحرب، والشيوعيين، وهو كان بياخد دعم من أمريكا، والشيوعيين من روسيا، ومكنش قدامه غير الخيار العسكري عشان يقاومهم، ومن هنا سنة ١٩٢٧م بدأت الحرب الأهلية الصينية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الحزب الشيوعي اللي كان فيه “ماو تسي تونج” كان ضعيف، ومش قادر إنه يواجه الحكومة المركزية الصينية، فعملوا خطة اسمها “المسيرة الطويلة”، بمعنى، إنهم والمؤمنين بأفكارهم يهاجروا إلى الريف، وكل ما حد عايز يحاربهم يهاجروا هجرات جماعية لتحت أكتر أو إلى الجبال وكده، لحد ما ينظموا دنيتهم، وكانوا بيهاجروا على رجليهم مئات الكيلومترات بأعداد عشرات الآلاف، والفقراء بيسيطروا على أراضي الأغنياء وعاملين جيش اسمه الجيش الأحمر، حلو؟

في نفس الوقت اللي القوميين بيحاولوا يرسخوا رجليهم في الحكم، وعاملين حملة شاملة على المتمردين دول، بتقوم الحرب العالمية التانية، واليابان بتستغل اللي بيحصل ده وبتجتاح الصين وتحتل منشوريا، ومعاها طبعًا جزيرة تايوان، جميل؟

الظروف دي خلت الحزب القومي الحاكم للصين، والحزب الشيوعي المسيطر على الريف والجنوب، إنهم يتحالفوا عشان يواجهوا اليابان، سموه “الوحده الثانية”، وفعلًا بيقدروا يصدوا الغزو الياباني وبتستسلم اليابان سنة ١٩٤٥م وبتسلم الأراضي الصينية اللي كانت محتلاها إلى الحلفاء.

رحيل الحزب القومي إلى تايوان

Mao Zedong group followers 1944 1024x796 - ماو تسي تونجخلصت الحرب مع اليابان، فالصين بتقرر تكمل الحرب الأهلية بتاعتها مع الشيوعيين، بس “ماو” كان ذكي، كان بياخد دعم الحلفاء في الحرب يظبط بيه الجيش بتاعه تحسبًا إن حرب جديدة تقوم مع القوميين، وفعلًا لما بدأت المناوشات بين حكومة الصين والشيوعيين كان التفوق ظاهر على قوات الشيوعيين بسبب الدعم ده.

في النص كده، حكومة القوميين كانت بتطالب إن تايوان ترجع للصين، لأنهم الوريث لسلالة تشينج في حكم الصين، وده مكنش عاجب أهل تايوان، فالصين قررت إنها تاخدها غصب، وإعلان الأحكام العسكرية سنة ١٩٤٨م، بس وهي مشغولة كده في الحاجات دي، ماو تسي تونج والشيوعيين استغلوا القصة دي وكثفوا الهجوم على القوميين.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وبترجع الحرب تاني في الصين.

بقوا الحكومة القومية تحارب، والشيوعيين بيكسبوا، وأمريكا تتدخل، وروسيا تتدخل، لحد ما سنة ١٩٤٩م القوميين بدأوا يخسروا أراضي لصالح الشيوعيين، لحد يوم ١٠ ديسمبر لما “شيانج كاي شيك” بيحس إنه بيخسر قصاد الشيوعيين وبقى ضعيف، بيقرر إنه يلم احتياطي دهب الصين كله، وياخد حكومته ورجالته ورجالة حزب الكوميتانج، و٢ مليون صيني من المؤيدين للقوميين، ويهرب على تايوان اللي كان أخدها بالقوة.

تعرف على: حضارة الصين النهرية

ماو تسي تونج زعيم للصين

أما “ماو تسي تونج” فأعلن أخيرًا سيطرته على الصين كلها، وإنه رئيس الصين الحقيقي من بكين، وأعلن دولة “الصين الشعبية المعروفة لينا النهاردة، بعد ما قتل اللي سماهم أعداء الثورة، شوية منهم من قادة الثورة المعادية ليه وشوية من الإمبرياليين ومن الرجعيين السياسيين وقطاع الطرق.

وبدأت فترة ماو…

في بداية فترته عمل شوية إصلاحات كده، وقدر إنه يحول الصين لأمة عصرية بعد ما كانت عايشة في تخلف وأنظمة قديمة، فاهتم بالتعليم والتصنيع والصحة، وحول النظام الاقتصادي من الرأسمالية للاشتراكية، وقدر إنه يسيطر على كل أجهزة الدولة واستخدمها للدعاية لنفسه ولحزبه، ويمكن أكبر إنجاز ليه هو تحويل الولاء الصيني من الولاء إلى الآباء ضمن تعاليم كونفشيوس، للولاء إلى الوطن.

بس فترته مكانتش أحسن حاجة…

أهم انجازات الرئيس ماو تسي تونج

2000 5bc222c9a8bf8 1024x755 - ماو تسي تونجفي البداية أعلن عن مشروع سماه “القفزة الكبرى”، واهتم بالصناعات الصغيرة في الحقول والقرى في الريف، بس بالإجبار، يعني حول الفلاحين لعمال، وضغط عليهم عشان يحقق نتيجة سريعة، بس ده أدى إلى فشل المشروع، ومش مجرد فشل لأ ده دخل الصين في واحدة من أكبر حقبات الفقر في تاريخها، وشعب الصين بقى مش لاقي ياكل ولا يلبس، لدرجة إن ماو اضطر يشتري القمح من الدول الرأسمالية عشان يأكل شعبه.

يسكت؟ لأ

يقوم عشان ينهض بالزراعة يوجه حملة دعائية لقتل طائر الدوري، لأنه كان بياكل الحبوب، سماها “حملة الآفات الأربعة”، واتقتل في المجزرة دي آلاف العصافير والفئران، عشان يحصل خلل في التوازن البيئي، والزرع ميطلعش، وتحصل أسوأ مجاعة شافتها البشرية في تاريخها كله، مات فيها 45 مليون إنسان في الصين.

المهم إن زي ما فيه الوحش، فيه الحلو، وقدر ماو إنه يوفر رعاية طبية مجانية، وإنه يستعيد كرسيه في الأمم المتحدة على حساب تايوان، ويرسخ اسمه في التاريخ الصيني، لحد وفاته سنة 1976م، ودفنه في مراسم عسكرية في بوابة الصين أو “ضريح ماو تسي تونج”، وحزن عام في البلاد على مدار أيام من الحداد، عشان تنتهي قصة واحد من أكثر الزعماء إثارة للجدل في القرن الـ20.

اقرأ أيضاً: الصين: تقدمها وحفاظها على الهوية

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

محمد أمير

كاتب ومؤرخ وصانع محتوى

مقالات ذات صلة