قضايا شبابية - مقالاتمقالات

نصح وإرشاد

أحبتي الطلاب، فلذات الكبد وقطع القلب:

اسمحوا لي أن أتحدث إليكم بهذي الكلمات الأخيرة، فاصغوا جيدًا وعوا ما فيها، فلربما لا نلتقي مرة أخرى، ولربما لن تسمعوا صوتي بعد ذلك، فإنها الأعمار، وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت.

كلمات مودع ناصح لكم، كلمات لا تخرج من اللسان، بقدر ما تعتمل في الصدر والوجدان، ويبوح بها الجنان.

أحبتي الطلاب:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقد كنت معكم طوال سنوات أربع من الملازمة والبحث والاجتهاد والجد، سنوات ملأى بالإنجاز والتحصيل، ويعلم الله أنني ما آليت جهدًا في تعليمكم ولا في التدريس لكم، كان همي الأول أن تفيدوا وأن تفهموا وأن تستوعبوا وتتفوقوا، فتنتقلوا من ثمة من مرحلة إلى مرحلة أخرى، لم أتوان في مراقبتكم وتأديبكم وتهذيبكم، حتى تكونوا على قدر المسؤولية.

حاولت قدر استطاعتي أن أكون لكم نموذجًا ومثلًا وقدوة، فعلًا لا تأطيرًا وسلوكًا لا تنظيرًا، بيد أنني في الوقت ذاته لا أبرئ نفسي من الخطأ ولا أعصمها من التقصير، فنحن بشر والكمال لله وحده، لكن وأيم الله ما كان خطأ عن عمد ولا تقصيرًا عن إهمال، بقدر ما هي طاقة البشر التي يعتريها الوهن ويشوبها النقصان، وتتخللها الملالة وتعترضها السآمة، فطرة الله التي فطر الناس عليها ولا تبديل لخلق الله.

أحبتي الطلاب:

كنت معكم طوال هذي السنوات الأربع –أو حاولت أن أكون– أستاذًا بحق ومعلمًا بصدق، أستاذًا يعي جيدًا معنى الأستاذية، ومعلمًا يدرك واجب المعلم، وخطورة مكانته وعظم دوره في النشء توجيهًا، وتربية وإدارة وضميرًا وسلوكًا.

حاولت أن أكون لكم أخًا وأبًا، يفهم معنى المسؤولية، ويعرف حجم التبعة الملقاة على عاتقه، امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم “كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته”، فما توانيت يومًا عن مساعدة أحد، ولا تقاعست عن واجب في ليل أو نهار، حسبة لله سبحانه وتعالى، رسالة أؤديها ولا وظيفة أمتطيها، ومن ثم كنت بينكم وفيكم ليل نهار صباح مساء، كانت هواتفي ووسائل اتصالي متاحة للجميع، فما أغلقت هاتفًا في وجه أحد، ولا تجاهلت من فرد!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كنتم جميعا سواسية عندي، لم أفرق بينكم أبدًا، بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو الفكر، معًا ضحكنا، ومعًا فرحنا، ومعًا نسجنا خيوط الحلم وغزلنا رداء المعرفة والعلم، بدأنا الطريق وها نحن نختمه معًا، ونصل إلى بر الأمان!

أحبتي الطلاب:

فلتسامحوني جميعًا، فلربما قد قسوت عليكم يومًا، لكن يعلم الله أنها قسوة الشفيق وشدة الأب الرفيق، الذي يروم أبناءه كأفضل ما يكونون، شدة نابعة من التهذيب لا التعذيب، ومن التأديب لا التأنيب، فما حاولت يومًا أن أهين طالبًا، أو أحقر من شأنه أو أقلل من شأوه، لرأي قاله أو لفكرة طرحها أو لدرجة متدنية حصلها.

أحبتي الطلاب:

وأنتم الآن على مشارف التخرج والانطلاق إلى سوق العمل أوصيكم بتقوى الله ومراقبته، فإنها السلاح لمن أراد النجاح والوسيلة لمن رام الفضيلة، ثم عليكم باستكمال ما قد درستموه وتهذيب ما حصلتموه، فلا زلتم تحتاجون كثيرًا من المعارف والمهارات التي تصقل مواهبكم، وتنمي قدراتكم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أحبتي الطلاب:

سيروا إلى الأمام، فانطلقوا ولا تباطؤوا، ولا تكاسلوا ولا تهنوا، فهيا، فقد آن أوانكم وجاء زمانكم، فعلى الله توكلوا فلا تكاسلوا، ولا تركنوا إلى من اضجعوا في مراتع الغي ومهاوي الردى، وماجوا في ميادين الوحل وتاهوا في بحر اللا مبالاة، وعموا في صوى الجهالة، فضلوا وأضلوا.

وأخيرًا لكم مني هذي الأبيات الشعرية:

أيها الطلاب أنتم               في حنايا القلب بِتُّم

أنتمو عقلي وروحي          وفؤادي حيث كنتم

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أنتمو نبض الحنايا              وبكل الحب حُزتُم

أنتمو مأوى لحلمي           وبصدري قد سكنتم

أنتمو نجم تدلى               وبكل الخير عمتم

أنتمو مصباح دنيا               في دجانا قد أضأتم

أنتمو للعلم نور                 ولكل الجهل بعتم

أنتمو جيل ازدهار              قد خططتم بل عزمتم

فاسمعوا نصحي وقولي     وانبذوا كرها عَرَفتُم

لا تروموا كل سخف           رايةٌ للحق أنتم

أنتمو أنتم وأنتم                قد تربعتم وسُدتُم

إنني أشتاق دومًا             لرؤاكم هل علمتم

فانفضوا عنكم غبارًا           واستقيموا هل أفقتم؟!

أيها الطلاب أنتم               أنتمو أنتم وأنتم

مقالات ذات صلة:

هل أستاذ الجامعة مثقف؟

سلسلة المهارات الحياتية الواجب تعليمها للطلاب

اجعلوا كل تلميذ يدافع عن حُلُمِه

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. محمد دياب غزاوي

أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية- جامعة الفيوم وكيل الكلية ( سابقا)- عضو اتحاد الكتاب

مقالات ذات صلة