مقالات

أسطورة مسبار بلاك نايت!

القمر الصناعي الفضائي المجهول الذي يراقب البشر منذ 13 ألف سنة!

المشهد اللي قدامك دا مش مشهد عادي، بل صورة حقيقية لقطتها وكالة ناسا في التسعينيات، اللي ظاهر فيها دا يقال إنه عبارة عن مسبار فضائي من أصل مجهول وغير أرضي، بقاله أكتر من 13 ألف سنة بيراقب تطور الحضارة البشرية من مداره حوالين كوكب الأرض!

المسبار الغامض دا اسمه (Black Knight Satellite). والقصة اللي وراه غريبة فعلًا ومخيفة، ولو اتضح إنها صحيحة فعلًا وحقيقية، فدا هيكون معناه إن كل اللي كنا فاكرين إننا نعرفه عن تاريخ الأرض والحضارة البشرية محتاج يتكتب من أول وجديد!

حضر بقى كوباية شايك الحلوة والنعناع، وتعالى معايا النهاردا أحكيلك القصة كلها من البداية، وحضر نفسك لمفاجآت كتير مذهلة، هتتفوق على كل تصوراتك تمامًا!

شوف يا صديقي، قصتنا في الواقع بتبدأ من زمان جدًا، مع واحد من أعظم العلماء في تاريخ البشر، اللي اختراعاته واكتشافاته مسؤولة مباشرة عن أكتر من 80% من التكنولوجيا المتطورة الموجودة عندنا في العصر الحالي، نيكولا تسلا!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

سنة 1899، وفي أثناء ما كان تسلا بيشتغل في المعمل بتاعه في برج واردينكليف اللي كان بانيه في كولورادو سبرينجز، كان وقتها لسه مصمم ومبتكر تكنولوجيا جديدة لالتقاط ورصد الإشارات اللا سلكية من الفضاء، وفي أثناء ما كان بيعمل التجارب بتاعته على التقنيات اللاسلكية اللي بيشتغل عليها، فجأة ودون مقدمات لقط إشارة غريبة ومقدرش يفهم هي إيه.

الإشارة اللي لقطها مكانتش جاية من أي مصدر أرضي، وبالنسبة إليه مكانش ليها أي تفسير أو أصل مقنع غير إنها جاية من مكانٍ ما في الفضاء، وحسب كلامه في مقال كتبه عن الموضوع دا في مجلة (Collier’s Weekly) سنة 1901، فهو كان شايف إن الإشارات دي هي أول اتصال وتواصل ما بيننا وبين حضارة فضائية ذكية، جاية من عالم آخر!

اللي هو كان معتقده وقتها إن الإشارات دي في الواقع جاية من مصدر صناعي وذكي موجود على كوكب المريخ. وإن في هناك حضارة من الكائنات الفضائية كانت بتحاول تتواصل معانا وتبعتلنا الإشارات دي، لحد ما هو لقطها بالصدفة البحتة. وحسب لقاء عمله مع جريدة (Albany Telegram) سنة 1923، فالإشارة اللي وصلتله دي كانت بتحتوي على أرقام. وكان شايف إن حضارة المريخيين بتحاول تتواصل معانا باستعمال الأرقام، لإنها لغة كونية وأكيد هتبقى مفهومة لأي كائنات ذكية!

اقرأ أيضاً: سجلات فوياجر الذهبية

من هنا بقى بدأت القصة، وبدأت الأحداث تتطور وتصبح أكثر إثارة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بعد كلامه دا بـ4 سنين تقريبًا، وتحديدًا سنة 1927، كان في مهندس مدني وعامل راديو هاوي اسمه يورجن هالس (Jørgen Hals)، الراجل دا كان مواظب على إرسال إشارات راديو من بيته في مدينة أوسلو، للفضاء، كهواية واستكشاف شخصي عنده، بس اللي حصل في يوم من الأيام، كان إنه فجأة وسط ما هو بيبعت الإشارات دي، بدأ يستقبلها مرة تانية هي هي نفسها، بس بتأخير لمدة لحظات عن الوقت اللي خرجوا فيه من الأرض!

الظاهرة الغريبة دي كانت محيرة ومدهشة بالنسبة لـيورجن، اللي مكانش عمره شاف حاجة زيها قبل كده، وبالنسبة إليه التفسير الوحيد لحاجة زي كدا، كان إن الإشارات بتاعته بتتصادم مع جسم غريب وصناعي طاير في الفضاء، وبترتد عنه مرة تانية للأرض. بس يا ترى إيه بقى الجسم الصناعي اللي ممكن يبقى موجود في الفضاء في سنة 1927، في عصر سبق مهمات استشكاف الفضاء أو إطلاق الأقمار الصناعية أو حتى اختراعها؟!

بعدها بـ50 سنة تقريبًا، جه كاتب وباحث علمي اسمه دانكن لونان (Duncan Lunan)، ونشر مقال في واحدة من أشهر مجلات الخيال العلمي في التاريخ، اللي هي “الخيال العلمي التناظري والواقع” أو (Analog Science Fiction and Fact)، وحاول في المقال دا إنه يقدم تفسير مقنع ومنطقي للظاهرة اللي مر بيها يورجن في أواخر العشرينيات، والتفسير بتاعه دا قال حاجة مذهلة، أصبحت حجر الأساس لكل اللي جاي بعد كدا.

اللي قاله دانكن إنه مستحيل تكون الارتدادات الموجية دي مجرد أصداء لموجات حاجة جاية من الأرض، وقال إنها ممكن يكون ليها مصدر صناعي هو اللي بيطلقها، والمصدر دا حسب الحسابات بتاعته المفروض يبقى جسم بيلف في مدار حوالين القمر بقاله أكتر من 13 ألف سنة تقريبًا!

لو هتسألني ليه 13 ألف سنة بالتحديد؟ هقولك إن حسب كلام دانكن، فالحسابات المعقدة بتاعته دي كانت قايمة على اختبار الإشارات المرتدة للأرض ومواقعها، ومقارنتها بعناصر تانية متغيرة ليها علاقة بموقع النجم القطبي الشمالي (Polaris)، والمذهل بقى في الموضوع مش كل دا، المذهل إنه لما فحص الإشارات وترددها والوقت اللي بيفصل بينها بطريقة معينة، اكتشف إنها في الواقع عبارة عن خريطة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الخريطة دي لما فك شفرتها، لقى إنها بتشير لنظام نجمي ثنائي اسمه “الإزار” أو (Epsilon Boötis)، وموقعه في كوكبة “العواء” أو (Boötes) زي ما بيسموها! ومن هنا بقى القصة انفجرت أكتر، وتحولت إلى تريند كبير بمقاييس العصر دا!

ناس كتير قالت على اللي هو اكتشفه إنه في الواقع عبارة عن مسبار صناعي من أصل غير أرضي، بيدور في مدار واسع حوالين الأرض بقاله 13 ألف سنة حسب الحسابات بتاعته، وإن المسبار دا في الواقع بيبعت إشارات للأرض وبيدرس حضارتنا من دون ما نعرف، بقاله من عصور ما قبل التاريخ حرفيًا ولحد دلوقتي ومن غير ما حد يكتشفه!

اللي زود الموضوع غموضًا اللي حصل سنة 1954، لما طلعت بعض التقارير الصحفية والإخبارية، بتقول إن القوات الجوية الأمريكية رصدت جسم غريب أقرب لقمر صناعي بيطير في مدار حوالين كوكب الأرض في الفضاء، والتقارير دي كانت مذهلة حرفيًا لسبب مهم، إن أول قمر صناعي بشري أُطلِق في التاريخ كان القمر الصناعي سبوتنيك (Sputnik)، اللي أُطلِق بعدها بـ3 سنين!

فبتاع مين بقى القمر الصناعي الغريب اللي هما لقطوه دا؟! وإزاي أُطلِق وموجود في الفضاء من قبل ما الإنسان أصلًا يوصل لتكنولوجيا الأقمار الصناعية؟!

تعرف على: نظرية الأرض المسطحة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الأغرب من كدا إن مش القوات الجوية الأمريكية بس اللي رصدت الجسم الغريب دا، لأ دا رصدته كمان وزارة الاتصالات الفنزويلية بعدها بفترة، بعد إطلاق سبوتنيك، وقالوا إن الجسم الغريب دا بيلف في مدار عكسي غريب وغير مألوف، من اتجاه الشرق للغرب، أو اللي بيسموه (Retrograde Orbit)، بمعنى إنه بيلف عكس اتجاه دوران الأرض!

ودا طبعًا بالنسبة للتكنولوجيا اللي كانت موجودة وقتها، ونظرًا لإن تقنيات تصميم وإطلاق الأقمار الصناعية كانت لسه وليدة وبتبدأ تطورها، كان شيء غريب ومدهش، عشان كل الأقمار الصناعية في الوقت دا كانت بتلف مع اتجاه دوران الأرض، عشان تكتسب من الجاذبية بتاعتها قوة دفع تخليها في المدار وتحافظ عليها، فإشمعنى بقى الجسم دا بيلف في اتجاه عكسي؟! وإزاي بيحافظ على مداره ومش بيسقط ويحترق في الغلاف الجوي؟!

دا غير إن المدار بتاعه حسب اللي رصدوه وقتها، كان مدار قطبي أو (Polar Orbit) زي ما بيسموه، والنوع دا من المدارات في المعتاد بيستخدم لأغراض رسم الخرائط والاستطلاع والتتبع! وكان صعب أصلًا الحفاظ عليه وقتها بالتكنولوجيا المتاحة على الأرض.

اللي زاد الطين بلة كمان إن بعدها رصدوا الجسم الغريب دا كذا مرة من كذا جهة غير عسكرية، بشكل يستحيل معاه إنها تكون مجرد صدفة، يعني مثلًا رصده مرصد سميثسونيان (Smithsonian) في هارفارد، وكمان شركة جرومان للطيران (Gruman Aircraft Corporation) في نيويورك!

كمان رصده فريق في لجنة الفضاء الفرنسية بقيادة عالم الفلك الفرنسي المشهور (جاك فاليه). بس بعدها واحد من الفريق بتاعهم مسح الصور اللي رصدوها كلها لسبب غير مفهوم، ولما واجهوهم بالموضوع، جاك قال إنهم كانوا محرجين بسبب إنهم مقدروش يتعرفوا على الجسم اللي رصدوه!

في سنة 1960، مجلة (TIME) نشرت تقرير بتقول فيه إن الجسم الغريب اللي رصدوه قبل كدا دا، كان في الواقع عبارة عن شظية مكسورة من قمر الاستطلاع والتجسس الأمريكي (Discoverer 5)، اللي أُطلِق سريًا قبلها بسنين، بس رغم كدا، ناس كتير مكانوش مصدقين التفسير دا، ولا مصدقين الحكاية الرسمية اللي طالعة من الحكومة الأمريكية. وكانوا شايفين إنهم بيخبوا عليهم الحقيقة لأسباب مجهولة!

بعدها بشوية، في سنة 1963، رائد الفضاء الأمريكي جوردون كوبر (Gordon Cooper) قال إنه في أثناء مهمته على متن مركبة الفضاء (Faith 7)، وفي وسط مداره الـ15 حوالين الأرض، شاف جسم غريب ومجهول بيلف حوالين الأرض، وكان حواليه هالة خضراء ضوئية غريبة وغير مفسرة، بس لما رجع الأرض بفترة غير أقواله، وقال إنه مشافش أي حاجة من دي خالص، والتفسير الطبي كان إنها مجرد هلوسات بسبب استنشاقه لكمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون جوة المركبة الفضائية!

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي (حصاد 2023 وتحديات المستقبل)

بس لحد الوقت دا، كان كل القصص اللي بتتحكي وبتتقال عن المسبار الصناعي الغريب دا، مجرد قصص، محدش من العامة كان عنده دليل ولا صورة حقيقية له، ولا حد يعرف ممكن يبقى شكله عامل إزاي، ومحدش قادر يحدد موقعه فين بدقة، لإن الفضاء واسع جدًا والجسم دا صغير جدًا على إنهم يرصدوه بسهولة بالتليسكوبات. بس الناس ساعتها كانوا بيسموه: القمر الصناعي (الفارس الأسود) أو بلاك نايت (Black Knight)، ومحدش عارف أصل التسمية دي جه منين، بس كانت مثيرة فعلًا، وأسرت خيال ناس كتير وقتها.

مع مرور الوقت، وعدم وجود أدلة ملموسة أو صور، بدأت القصة تهدى نسبيًا، لكن كل شيء تغير لما سنة 1998، حصلت مفاجأة قلبت كل الموازين، ورجعت فجرت القصة مرة تانية في عقول وخيال الناس، وحولتها من مجرد نظرية مؤامرة لظاهرة بيتكلم عنها العالم كله!

المفاجأة دي هي الصورة اللي أنت شايفها قدامك دي.

photo 2024 02 06 15 06 47 - أسطورة مسبار بلاك نايت!

الصورة دي لقطتها وكالة ناسا سنة 1998، في أثناء أول مهمة فضائية أجروها على محطة الفضاء الدولية أو الـ(ISS) بعد إطلاقها للفضاء في يوم 20 نوفمبر من نفس السنة. ولو هتسألني إيه الجسم الأسود الصغير اللي باين فيها دا، هقولك إن الإجابة هتختلف حسب أنت مصدق إيه، لو مصدق الرواية الرسمية بتاعت ناسا، فاللي ظاهر قدامك دا بطانية حرارية أو (Thermal Blanket) ضالة، وقعت من إيد واحد من رواد الفضاء اللي كانوا على المحطة وقتها، في أثناء ما كان بيعمل بعض الإصلاحات خارج المحطة.

بس لو أنت مش مقتنع، وشايف إن الكلام دا مش حقيقي، وهتربط المشهد اللي ظاهر في الصورة دي، بالأدلة والظواهر الغريبة اللي رصدوها من قبلها على مدار السنين، فاللي قدامك في الصورة هو نفسه المسبار الصناعي المجهول (بلاك نايت)، اللي بقاله 13 ألف سنة بيلف في مدار عكسي حوالين الأرض، بيراقب الحضارة البشرية وتطورها!

طبعًا زي ما أنت متوقع، الكلام دا ناسا نفته تمامًا، وأعلنوا إن الصورة دي مش أكتر من بطانية حرارية ضلت طريقها، ووقعت بعدها في الغلاف الجوي للكوكب واتحرقت، ولحد النهاردا الرواية الرسمية إن مفيش حاجة اسمها مسبار (بلاك نايت)، وإن دي قصة خيالية مش أكتر.

كل الظواهر والأدلة اللي التُقِطت على مدار السنين قبلها، طلعتلها تفسيرات بتنفي معاها إنها تكون جاية من جسم صناعي أو فضائي مجهول، الإشارات اللي رصدها تسلا دي اتفسرت بإنها عبارة عن موجات راديو قوية كانت جاية من نجم نابض أو (Pulsar) بعيد في قلب الفضاء. ودا رغم إن التكنولوجيا البشرية متطورتش بما فيه الكفاية لالتقاط إشارات النجوم النابضة إلا في الستينيات! بس هنفترض إن تسلا كان عبقري لدرجة إنه صمم جهاز سبق التطور البشري بـ60 سنة!

الموجات المرتدة اللي لقطها يورجن هالس اتعرفت بعدها على إنها حاجة اسمها “أصداء طويلة الأمد” أو (Long Delayed Echoes)، أو اختصارًا الـ(LDEs)، ودي المفروض إنها إشارات بتتسمع في المعتاد كل 2.7 ثانية تقريبًا بعد إطلاق أي إشارات راديوية للفضاء تحت ظروف معينة.

كل الصور اللي لقطتها لجنة الفضاء الفرنسية اتمسحت ومالهاش أثر. التقرير الصحفي اللي كان بيتكلم عن الحاجات اللي رصدتها القوات الجوية الأمريكية اتقال بعدها إنه جزء من شظية انفصلت عن قمر تجسس أمريكي، وأي قصة تانية اتكلمت عنها أي جهة تانية انمحت تمامًا من الوجود.

لحد يومنا هذا، القصة الرسمية إن كل دا خيال ومالوش أدنى علاقة بالواقع! وللأسف محدش عارف ولا متأكد من الماهية الحقيقية للجسم اللي ظاهر في الصورة دا، عشان محدش من طرف محايد كان هناك عشان يتأكد!

بس تخيل أنت..

تخيل لو القصة دي طلعت حقيقة ومش خيال، وطلع إن فعلًا في يوم من الأيام كان في مسبار صناعي من أصل غير بشري، بيحوم حوالين الأرض بقاله أكتر من 13 ألف سنة، قبل ظهور أي حضارة حقيقية على كوكب الأرض، وبيسجل تطور البشر وتقدمهم وتاريخهم كله تقريبًا، لغرض مجهول ومخيف!

يا ترى إيه أو مين اللي ممكن يكون صمم الجسم الغريب دا لو كان موجود فعلًا؟ وإيه الهدف من وجوده؟! هل ممكن مثلًا كان عبارة عن مركبة استطلاع سابتها حضارة فضائية متطورة زارت كوكب الأرض زمان من آلاف السنين، وشافتنا وشافت بدائيتنا وقتها، وقررت تسيب وراها شيء تراقبنا وترصد تطورنا بيه، عشان تعرف إحنا هنوصل لفين؟!

ويا ترى لو كان دا حقيقي.. إيه اللي ممكن يكون منتظرنا في المستقبل، بعد ما شافوا مدى تطورنا وتقدمنا الحالي؟!

هو دا السؤال المخيف، وإجابته هسيبها لخيالك أنت.

مصادر:

https://www.popularmechanics.com/space/satellites/a34981277/black-knight-satellite-conspiracy-theory/

https://www.space.com/what-is-the-black-knight.html

https://www.discoveryuk.com/mysteries/what-is-the-black-knight-satellite-conspiracy/

https://www.livescience.com/what-is-the-black-knight.html

https://www.gaia.com/article/the-black-knight-satellite

https://www.iflscience.com/the-black-knight-satellite-the-13000yearold-satellite-conspiracy-theorists-think-sent-signals-to-tesla-60268

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. محمود علام

كاتب روائي وباحث، وسيناريست

مقالات ذات صلة