قضايا شبابية - مقالاتمقالات

الزواج هكذا يجب أن يكون .. الجزء الثالث

انتهى المقال السابق بهذا السؤال: “كيف يستمر الزواج سعيدًا؟”.

نحاول في هذا المقال التعرض إلى بعض جوانب استمرار الزواج سعيدًا وفق المعايير المنطقية والواقعية، والتي يمكن تحقيقها بسهولة شرط أن يقتنع الطرفان بطبيعة العلاقة الخاصة في الزواج، والقائمة في الأساس على القيم الأخلاقية ومبدأ التكافؤ كما في المقالات السابقة من السلسة.

إن الواقعية والموضوعية وحسن الأخلاق من أهم عوامل بقاء العلاقات عمومًا والزواج خصوصًا، فالشخص صاحب الخلق الحسن والتفكير المستقيم هو شخص يعرف ما له وما عليه، وفق رؤية سليمة عن الواقع وعن نفسه، فلا هو يجور ولا هو يقبل بالتدني، وهذا ما تم التأكيد عليه في المقال السابق بأن الارتباط من صاحب الأخلاق الحسنة هو ضمانة لحياة زوجية سليمة، فهو إن لم يكن سببًا في سعادة زوجته فهو على أقل تقدير لن يكون سببًا في ظلمها، وهذا ينطبق بكل تأكيد على الزوجة أيضًا، إذ يجب أن يكون المعيار الأخلاقي هو الأساس في اختيار شريكة الحياة.

هذا ما يجب التأكيد عليه اليوم وبكل قوة، فتلك المعايير الأخلاقية لا بد من رعايتها والتمسك بها في بناء العلاقة من البداية، حتى يستطيع الطرفان أن ينعما بحياة سليمة وبناء الأسرة وتكوينها وحفظها كي تدوم وتبقى.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إن المحبة القائمة على تلك المعايير الأخلاقية والفكرية السليمة هي القضية الأساس في العلاقة الزوجية الحقيقية، فمع تلك المحبة تكون كل المصاعب التي تحدث داخل البيت وخارجه هينة يسهل حلها والتغلب عليها، إذا وجدت المحبة السليمة فهي التي تثبت كيان الأسرة، وهي أيضًا أساس الرفاه في الحياة، وببركة تلك المحبة تذلل الصعوبات، فحيث وُجدت المحبة الحقيقية وُجد الوفاء ولم يعد هناك سبب للجفاء أو الخيانة.

نحن نطالب شبابنا اليوم ليس بالمحبة الحقيقية فقط بل بالمزيد منها، فهي ضمان حقيقي ونعمة كبيرة أودعها الله في قلوب الزوجين، حتى تكون الحياة بينهما قائمة على المودة والرحمة التي أشرنا إليها في بداية البحث، فمهما كثرت المحبة بين الزوج والزوجة فهي ليست زائدة، لأن تلك المحبة هي نفسها ما تجلب الثقة التي تكون أساس العلاقة بين الزوجين، فالعلاقة الزوجية السليمة لا تخلو من الثقة.

يستمر الزواج سعيدًا عندما يهتم كل طرف بالطرف الآخر، هذا نتاج المحبة، وقد تكون هي في نفس الوقت من أسباب حصول السعادة وزيادتها، يجب أن ينظر الطرفان إلى الأمور التي تثير حساسية الزوج أو الزوجة وأن يجتنباها، فمثلًا المرأة قد تكره عادة معينة لدى الرجل والرجل لا يبالي، ويعاود تكرار هذه العادة، هذا أمر سيئ، وقد تجد بعض النساء يفضلن رغباتهن الشخصية مثل شراء متطلبات معينة أو الذهاب إلى مكان معين على حساب راحة زوجها، هذا أيضًا أمر سيئ، إذا لم يهتم كل من الزوج والزوجة ولم يبالِ بأحاسيس الآخر ستكون بداية للبغض والفرقة فيما بينهما.

كما يجب أن يدرك كل من الزوج والزوجة أن المحبة أصلها الود والاهتمام فهي ليست أوامر، بإمكانكم أن تزيدوا محبّتكم في قلب شريك حياتكم يومًا بعد آخر بالأخلاق الحسنة والسلوك اللائق، وبالوفاء له والتودّد إليه، فإذا أرادت الزوجة أن يحبها الزوج فلا بد من العمل والسعي لتحقيق ذلك، وإذا أراد الرجل أن تحبه زوجته فلا بد أن يسعى هو الآخر لتحقيق ذلك، فالمحبة هي سعي وابتكار، وتدوم مع مراعاة الحقوق، فهي ليست أوامر ونواهٍ.

كثيرون اليوم يسيئون استعمال مضمون الحب، فالغالبية يعتبرون أن الانفعالات الغريزية هي الحب، في الحقيقة هذا ليس حبًا بل انفعال غرائزي يمكن أن يحدث دون حب أصلًا وفي حالات غير لائقة للأسف الشديد، الشيء الذي له قيمة حقيقية ذلك الحب القائم على الأخلاق الحسنة، ذلك الحب العميق والصادق والمصحوب بالشعور المتبادل بالمسؤولية بين الزوج والزوجة، إذ يعتقدان أنّهما ومن الآن وجودٌ واحدٌ ويَنشدان هدفًا واحدًا. تلك هي المحبة التي تشكل العلاقة بين الزوجين ومن بعدها الأُسرة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الحب أمر لا بد من تهيئة الأرضية اللازمة له، والأرضية اللازمة أن تُحاوِل المرأة أنْ تكسب ثقة الرجل بها، والرجل كذلك يحاوِل أن يكسب ثقة المرأة، فإذا وُجدت الثقة المتبادَلة واطمئن كل منهما لوفاء الآخر فإن المحبة ستزداد.

كذلك يظهر لنا أن الوفاء مهم جدًا، فإذا شعرت الزوجة بأن زوجها وفي لها، وشعر الزوج كذلك بأن زوجته وفية له، فإن هذا بحد ذاته ما يجلب المحبة، عندها سيثبت كيان الأُسرة، وسيمتد هذا الكيان القوي والثابت إلى سنين متمادية.

أيضًا الاحترام المتبادل بين الزوجين من الأمور التي لها التأثير الكبير في استمرار الزواج ومتانة الأسرة، هذا الاحترام ينعكس إيجابًا على الأبناء وسلامة حياتهم في المستقبل، أما التحقير والبغض وعدم الاحترام بينهما فنتائجه سلبية جدًا أقل ما فيها زوال المحبة والثقة، وبداية انهيار الأسرة، فالظلم والإهانة هي أمور خاطئة دائمًا، فلو كان الرجل من مستوى أعلى من زوجته لا يحق له أن يوجه أدنى ظلم أو إهانة أو حتى معاملة بجفاء لها والعكس بالعكس صحيح تمامًا.

الرجل يجب أن يكون السند الذي تتكئ عليه زوجته، وواجب عليه إن أراد حياة زوجية سليمة أن يحافظ على حالتها المعنوية، وعلى الزوجة نفس الواجبات فيجب أن يتكئ عليها زوجها وأن تحافظ على حالته المعنوية، فهذه وغيرها مواصفات الحياة الأسرية السليمة لمن يريدها حقًا.

لا بد للرجل خصوصًا أن يفهم مشاعر زوجته ولا يغفل عن حالها، ولا يعد نفسه صاحب الاختيار المطلق في شؤون الأسرة، الحياة الزوجية مشاركةٌ في كل شيء فلكلٍّ منهما أفق فكري وروحي. على الرجل أن يساعد المرأة لكي تجبر تأخُّرها في مجتمعها، نتيجة النظرة السلبية إلى المرأة في المجتمعات التي غاب عنها العدل والإنصاف، وجعل قضية المرأة والرجل قضية صراع وفصلت المرأة عن الرجل والأسرة ما تسبب في كثير من المشكلات التي انتشرت بكثافة في وقتنا الحاضر.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

على الرجل أنْ يراعي مشاعر زوجته، والزوجة كذلك أن تراعي هي الأخرى مشاعر زوجها، وإذا حصلت هذه المراعاة لن تتفكك الأسر، فتفكك الأسر إنما يحصل في الغالب بسبب عدم المراعاة، فالرجل الذي لا يعرف كيف يراعي والمرأة التي لا تتصرّف بعقل، كذلك الرجل الذي يستخدم العنف والحدة المفرطة وهذا لا يصح في حق شريكة الحياة، هذا كله خطأ، حدّة الرجل خطأ وعناد المرأة خطأ أيضًا، فإذا لم يكن الرجل حادًا وأخطأ ذات مرة فعلى المرأة أن لا تعاند. عليهما أن يراعيا ويتآلفا، عندها ستبقى العلاقة إلى الأبد.

هنا يجب الإشارة إلى أمر في غاية الأهمية والخطورة وهو موضوع العفة، إذا كان الرجل والمرأة عفيفين ويجتنبان قبائح الأفعال في مجال الغريزة الجنسيّة، فإنّ احتياج الرجل والمرأة أحدهما إلى الآخر سيكون أكثر، وإذا كان الاحتياج أكثر، فإنّ هذه الأسرة والتي أساس بنائها الرجل والمرأة ستكون أكثر تماسكًا، كذلك ستكون العفة لصالح المجتمع كله، فكم من جرائم اليوم هي نتيجة غياب العفة في المجتمع.

يتبع…

مقالات ذات صلة:

الجزء الأول من المقال

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الجزء الثاني من المقال

تزوجوا وبكروا في الزواج

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

مقالات ذات صلة