أضرار المخدرات
أعجبني مشهد في مسرحية “على الرصيف”، فيها الفنان “حسن عابدين” يفصح بكلمات وجهها لشخص كان يتعاطى المخدرات، قائلا له: “بتهرب يا جبان!”، فالمخدرات هي وسيلة للهروب اللحظي من واقع لا يريد المدمن مواجهته،
وهو يغيب وقتا من الزمن ثم يفيق ويجد أزماته كما هي لم تحل، ويحتاج إلى الهروب مرات ومرات، وتكون أعصابه هي الضحية وجسده الضعيف هو القربان الذي يُذبح على نصب المخدرات،
وعلينا أن نعلّم الشباب كيف يواجهون مشاكلهم وأن يقوموا ببناء عالم خاص يحتفظون فيه بكامل قواهم العقلية، يستطيعون من خلاله مواجهة مشاكلهم وأزماتهم، ولا يسمحون لمؤثر خارجي هدام كالمخدرات أن تكون لها الكلمة الأولى والأخيرة في بناء عالمهم الخاص.
أضرار المخدرات على المجتمع
لا شك أن المخدرات تحمل ضررًا نفسيًا وجسديًا خطيرًا للفرد -وهو ما سنتطرق له تفصيليًا لاحقًا، ولكن هذا الضرر يمتد للأسف ليشمل المجتمع كله، وهو ما يمكن رؤيته ببساطة من خلال:
- تفشي جرائم العنف: فمع غياب العقل يصدر عن الإنسان أكثر التصرفات وحشية وقسوة، كالقتل أو السرقة مثلًا، لإشباع احتياجاته المادية المتزايدة نتيجة تعاطي المخدرات.
- التفكك الأسري والمجتمعي: فكيف لرب أسرة أن يتحمل مسؤولياته وقد ذهب عقله ضحية لتعاطي المخدرات، أو كيف له أن يتواصل نفسيًا وعاطفيًا مع أسرته وهو في هذه الحالة التي أبعد ما تكون عن الإنسانية.
- ارتفاع نسبة الحوادث: نتيجة تعاطي مذهبات العقل المختلفة.
- انتشار الأمراض المعدية: مع سلوكيات المتعاطي غير الحذرة طبعًا، فما بين ما تحمله تلك السموم من أخطار صحية، وبين ما يستخدمه المتعاطي من حقن مستعملة وأدوات ملوثة، تتفشى الأمراض وتنتشر.
- إهدار القدرات البشرية للمجتمع: فتذهب أدراج الرياح مع الأضرار النفسية والجسدية للمتعاطي.
- الانهيار الأخلاقي: فكيف لمن غاب عقله أن تحتفظ نفسه بالقدرة على الاختيار السلوكي الصحيح.
- المعاناة الاقتصادية: فيعاني المجتمع من قلة الإنتاج، بسبب ضعف القدرات البشرية، وارتفاع الاستهلاك لمنتج غير شرعي، وتردي الأحوال الاقتصادية لأفراده.
أضرار المخدرات على الأسرة
وتظل الأسرة هي الخاسر الأكبر أمام المخدرات، حيث أن الأسرة تعني أن يعلي المرء مصلحة الأسرة على مصلحته الشخصية والفردية، فيكد الأب في العمل وتكد الأم في العناية بالمنزل وأفراده، من أجل حياة أفضل للأسرة، وهو ما قد يتعارض مع الفردية والأنانية التي تتملك متعاطي المخدرات فتخلف آثارها على الأسرة من خلال:
- التفكك الأسري وكثرة الخلافات الزوجية: فمع إدمان تلك السموم يصعب اهتمام رب الأسرة بالبيت اقتصاديًا ونفسيًا وتربويًا، ومعها تزداد الفجوة بين أفراد الأسرة في الاتساع.
- العنف الأسري: فمن الأعراض المصاحبة للمخدرات مع غياب العقل الميل للعدوانية والعنف، وخاصة في لحظات الاحتياج المادي للحصول على تلك السموم.
- تردي الوضع المالي: مع ضعف إنتاجية رب الأسرة وغياب قدرته على العطاء، في مقابل الدخل المهدر لإشباع الحاجة للمخدرات.
- غياب أو تشوه القدوة والمثل للأطفال: فيفتقد الأطفال القدوة الأخلاقية العاقلة، وتنحرف مساراتهم في الحياة.
أضرار المخدرات على الفرد
أضرار المخدرات على الجسم
- ضعف المناعة.
- عرضة للأمراض المعدية: مع اللجوء إلى طرق غير مشروعة وأدوات ملوثة ناهيك عن ما تحتويه تلك السموم، تزداد الأمراض المعدية.
- عرضة لأمراض الكبد: مع التعرض المستمر للمخدرات وما تحويه من سموم يصبح الجسد عرضة للفشل الكبدي.
- عرضة للإصابة بالسكتات الدماغية: نتيجة ارتفاع نسبة الإصابة بالجلطات.
- الأمراض القلبية: ضعف ضربات القلب والتعرض للجلطات.
- الهلاووس والإصابة بالأمراض الذهانية: فيصاب المتعاطي لتلك السموم بالهلاوس البصرية والسمعية التي ربما تؤدي في النهاية لإصابته بالذهان.
أضرار المخدرات النفسية
- الاكتئاب: فالمتعاطي يحصل على لحظات النشوة من المخدرات التي تتركه منطويًا منعزلًا صاحب نظرة سوداوية متشائمة.
- الأمراض الذهانية: جنون الارتياب والهلاوس السمعية والبصرية.
- العدوانية: ميل شديد للعنف والإيذاء البدني مع غياب العقل والأخلاق.
- ضعف الإدراك العقلي: ضعف التركيز والتحصيل والقدرة على التفاعل مع المجتمع.
- الانطوائية: مع ضعف قدرته على التفاعل مع المجتمع، وما قد يصيبه من جنون الارتياب والشعور الدائم بالضعف والعجز وفقدان الثقة، يميل المتعاطي إلى العزلة والانعزال عن الآخرين.
أنواع المخدرات
الأستروكس
انتشرت المخدرات انتشارًا كبيرًا بين الناس، وظهرت منها أنواع جديدة لم نكن على علم بها، وهذه الأنواع تكون أشد فتكًا وتدميرًا للإنسان المدمن المُبتلى، ومن هذه الأنواع الجديدة التي طلت علينا وهي الأشد فتكا بالجهاز العصبي للإنسان المدمن “الأستروكس”، وهذا المخدر في الأصل يُعطى للثيران الهائجة ليسهل التحكم بها، فما بالك بالإنسان الذي يتعاطى مثل هذه المادة؟!
وقد شاهدنا فيديوهات للمتعاطين لهذه المادة، سواء في داخل مصر أو خارجها، وقد تحولوا إلى أشخاص زومبي، فاقدين للتحكم بأنفسهم، تخرج الرغاوي من أفواههم، جاحظة عيونهم، يتمرغون في الأرض يمينا وشمالا،
في مشاهد مرعبة تُظهر لنا حجم تأثير هذا المخدر على أعصاب الضحية، مما يُفرض على المخلصين من أبناء هذا المجتمع بضرورة تدارك الأمر قبل أن يستفحل، ولا يكون من السهل بعد ذلك معالجته، خاصة وأن المستهدفين بهذه المادة -شديدة الخطورة- الشباب.
الترامادول
ناهيك عن الترامادول المنتشر بين من يمارسون الأعمال الشاقة والذين يريدون أن يمر يومهم الشاق دون أن يشعروا بمشاق العمل، لدرجة أنهم لا يستطيعون العمل من غيره، وعلى الرغم من صدور قانون يمنع صرفه من الصيدليات دون إخطار من الطبيب المختص، فالترامادول يجد طريقه للوصول إلى المتعاطين له.
الحشيش
أما الحشيش في بلادنا المُجَرَّم قانونا تعاطيه والإتجار فيه. وقد تابعت فيلمًا وثائقيًا عنه في ألمانيا أنهم سمحوا قانونا بالإتجار فيه، حتى أن المشترين له يشترونه من صيدليات تباع فيها مثل هذه المادة المخدرة ومعبأ تبغها في زجاجات مهيأة لذلك،
وحجتهم في ذلك أنه انتشر انتشارًا واسعًا بين الشباب ولا سبيل لمنعه، وضَررُه أقل من الأنواع الأخرى من المخدرات، والمشكلة عندهم في اتجاه الشباب لأنواع أخرى من المخدرات مستوردة من الخارج لا يعلم عنها شيئًا،
ولا عن مستويات الضرر فيها، وبعيدة عن رقابة الكيميائيين المختصين، وقد تعجبت من هذا، فالمخدرات كلها ضارة بخلايا المخ العصبية، كل المخدرات في ذلك سواء.
المخدرات كمؤثر خارجي، المروجون لها يعدون ضحاياهم بأن المخدرات كفيلة بأن تدخلك في عالم من المتعة والبهجة لا تشعر معه بمعاناتك ومشاكلك، حتى أنني سمعت فنانا مشهورا جدًا في برنامج تليفزيوني تكلم بكل صراحة أنه في مرحلة شبابه كان يحب أن يجرب كل شيء،
بما فيها حبوب الهلوسة ليدخل عالم المتعة والبهجة، ومن الأعمال السينمائية المشهورة التي ركزت على التأثير الوهمي للمخدر بالمتعة والبهجة فيلم “الفيل الأزرق”، والذي يتعاطى فيه البطل حبة “الفيل الأزرق” ليدخل عالم الأساطير، ويرى ما لا يراه الإنسان العادي في كامل قواة العقلية.
اقرأ أيضاً:
هل نجحت السينما في التصدي لظاهرة انتشار المخدرات؟
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا