الرائحة تحمل كثيرًا من التفاصيل
نعرف عن التاريخ وعن الشعوب والبلاد الأخرى من الكتب المكتوبة، أو المحاضرات المسموعة، أو من الأفلام الوثائقية، كلها وسائل تتعامل مع السمع والبصر فقط! الصورة والصوت، ربما تقليد بعض الأصوات.
لكن البشر لديهم خمسة حواس؛ السمع والبصر والشم واللمس والتذوق.
تأثير الروائح على الإنسان
مثلًا، بالتأكيد سيختلف الأمر في عقلك حين لا تكتفي بالصورة والصوت وتشم رائحة أسواق القاهرة أو بغداد في العصر العباسي، حيث تنتشر روائح البخور والعطور، وتضع هذه الرائحة مع صورة الناس والألوان وأصواتهم في شوارع القاهرة الإسلامية.
مثلًا سيختلف الأمر حين لا تكتفي بالصورة والصوت، وتشم رائحة الفرسان الصليبيين، التي تقول كتب التاريخ أنها كانت مقرفة ونتنة بسبب عدم نظافتهم وعدم الاستحمام.
تخيل قصرًا صورته جميلة، لكن رائحته مقرفة! رائحة البصل مثلًا! تخيل امرأة رائعة الجمال لكن تفوح منها رائحة عدم النظافة أو القذارة، تخيل رجلًا عجوزًا فلاحًا بسيطًا لكن تفوح منه رائحة القمح والقش الجميلة، تخيل فلاحة بسيطة تفوح منها رائحة الفرن والخبز.
سيختلف الأمر في عقلك حين تشم رائحة المطر على الأرض الجافة وليس فقط صورته أو فيلم يحكي عنه، رائحة طفل رضيع في حضن أمه، رائحة جدتك، رائحة مقهى تحبه، رائحة القرية وقت الفجر، التي تختلف عن رائحة القرية وقت المغرب، رائحة الأرض والعشب، رائحة الصحراء، رائحة الغابة، رائحة الموت، رائحة الحرق والبارود، إلخ.
البشر لهم روائح تتأثر بنوع الأكل ومستوى النظافة، ونوع المواد المتواجدة في البيئة أو البيت، ونوع العطور، إلخ.
يحكي لنا الصحابة عن رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجميلة، كم كنت أتمنى أن أشمها، أن أضع رأسي في حضن رسول الله، واستنشق الهواء معطرًا برائحة جسده الشريف، ياه!
اقرأ أيضاً: التاريخ كما يجب أن يكون
علاقة الروائح بالذكريات
نحن البشر ترتبط الروائح بكثير من الأفكار في عقولنا، وتؤثر على فهمنا للأمور، بل إنك يمكن أن تشم رائحة مصادفة، فتفتح في عقلك ذكريات قديمة منسية وحنينًا، أو خوفًا أو مشاعر حب وذكريات.
بعض الأبحاث تقول أن الرائحة تؤثر في انطباعات البشر وتثير مشاعر الحب أو الخوف أو الشك، باستثارة ذكريات في اللا وعي.
يعني يمكن أن تستريح لإنسان ولا تعرف لماذا، في حين أن السبب رائحة هذا الإنسان تشبه رائحة يحبها عقلك الباطن وترتبط فيه بذكريات جميلة، كذلك مكان أو شخص.
اقرأ عن: العقل ومتاهات الأفكار
رائحة التاريخ تحمل تفاصيل جمة
لن نفهم التاريخ فقط بمحض السمع والبصر، الرائحة للأسف تحمل كثيرًا من التفاصيل التي لا نعرفها، ولا توجد تكنولوجيا اليوم لتنقلها إلينا.
من الممكن أن يقدم لك الفيلم صورة جميلة وبطولية، لكن في الحقيقة الرائحة نتنة مقرفة، أو العكس!
لذلك حين تسمع قصة أو تشاهد فيلمًا، تذكر أن تفكر وتسأل نفسك، يا ترى ما رائحة هذا المكان أو ذلك البيت أو تلك الأرض التي تظهر في الفيلم وتقع الأحداث عليها؟ يا ترى ما رائحة البطل وهو يقاتل، او رائحة الجد وهو يحتضن حفيده أو رائحة الأرض والقصر والمكان والهواء؟ هل هي جميلة مثل الألوان التي تشاهدها في الشاشة، أم غير ذلك؟
اقرأ أيضاً: الفن وتدوين التاريخ
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا
