مقالاتأسرة وطفل - مقالات

غسيل المواعين على مين؟ الزوج ولا الزوجة؟

صراع من جديد يشتعل على مواقع التواصل الاجتماعي عن خدمة الزوجة لزوجها في المنزل، فينشر أحد الأفراد من المشايخ أن خدمة الزوجة ليست واجبة في الشرع لزوجها؛ بل هو تفضل منها عليه ولا يجب عليها أن تشارك في معاونتها لزوجها في المنزل إلا إذا رغبت،

فيرد فرد آخر عليه في التعليقات من ذوي الأفراد المعروفين أيضا على مواقع التواصل عن خطئه في توضيح الحقوق والواجبات ومدى تعنت رأيه وكيف أنه يتخبط في الدين ويأخذ ما يتفق مع هواه اتهاما له بأنه يريد جذب المتابعين ليس إلا، وتنهال التعليقات أيضا بين مؤيد ومهلل ومعارض ..إلى آخره.

مَن منهم على صواب يا تُرى؟

لنعلم أن القضايا منها ما هو كلي وما هو جزئي، القضايا الكلية هي منطقة عمل العقل مثل قبول العدل ورفض الظلم وحسن الأخلاق وقبح تاركها وهكذا.
أما القضايا الجزئية فهي منطقة عمل النص الديني كتوزيع الإرث وكيفية تأدية الصلاة وغيرها من الأمور التفصيلية التي لا يمكن للعقل أن يحكم فيها بمفرده فيأتي دور النص الصحيح.
ومن تلك القضايا الجزئية هنا موضوعنا الذي سنتناوله وهو حقوق الأزواج خاصة في الأعمال المنزلية، ولذلك تناولنا للقضية سيكون من المنظور العقلاني كحكم كلي عام وليس من المنظور النصي.

ما حكم العقل؟

لنحكم بالعقل في أمر كهذا؛ علينا أن نتصور أولا أي نفهم القضية المطروحة للجدال “خدمة الزوجة للزوج؛ واجبة عقلا أم لا؟” وقبل أن نبدأ بموضوع الخدمة والأعمال المنزلية علينا أن نتصور أولا مفهوم الزواج.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

والزواج كما أوردنا سابقا في مقالات عدة هو علاقة تكاملية بين المرأة والرجل، اجتمعا من أجل أن يتشاركا حياتهما فيعينان بعضهما البعض على تحقيق أهدافهما النبيلة، ومن ثَمَّ فالاختيار من البداية لا بد أن يكون قائما على عوامل رئيسية لا غنى عنها في شريك الحياة كحسن الأخلاق والاتفاق في المبادئ والقيم الفاضلة والرؤية السوية السليمة للغاية من الزواج حتى يكون الاجتماع بينهما مبني على أسس وعمدان ثابتة لا تنهار بسهولة أمام مصاعب الحياة.

إذن فهناك عوامل أساسية يتقبلها العقل لبدء تلك الحياة التي تجمع بين طرفين لكل منهما احتياجاته ومتطلباته ومسعاه لتحقيق أهدافه الخَيِّرة.

ولنعود لتحليل القضية المطروحة للجدال بعد أن استجمعنا سريعا الرؤية السليمة للزواج، حيث جاء في المنشور المعلن عنه في بداية المقال “خدمة الزوج غير واجبة وليس له أي حقوق يطالب بها الزوجة في بيتهم”

ما رأيكم في ما تم طرحه؟! هل على الزوجة ألا تشارك شريكها في المنزل؟ وهل عليها أن تترك المنزل بلا توفير الاحتياجات اليومية من مأكل وترتيب وتنظيم وغيره من الأعمال المنزلية؟ هل تلك هي القيم والأخلاقيات والأهداف السوية التي يجتمع عليها الشريكان؟ هل هكذا يتحقق الدعم والفضيلة والتراحم والود بين الشريكين؟

محال لا، فطالما اجتمع الزوجان سويا من البداية على القيم؛ إذن فتلك القيم تُوجب عليهم إعطاء كل ذي حقٍ حقه وتحقيق العدل ورحمة كل منهما الآخر والتخفيف عن الآخر في الأعباء الحياتية ونشر الود بين بعضهما البعض وتقديم يد العون ومشاركة لحظات الحزن قبل الفرح وغيرهم من المعاني الطيبة التي تجعل الطرفين يكملان حياتهما على اتفاقهما الذي تعاهدا عليه من البداية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وإذا نظرنا لمجتمعاتنا؛ نجد أنه بالعرف العام يتم الاتفاق ضمنيا بين الطرفين أن تقوم المرأة بخدمة الزوج في البيت ومراعاة احتياجاته المتفق عليها بينهما وعلى الرجل في الاتجاه الآخر العمل وتحمل أعباء الحياة الخارجية وتحصيل العائد المادي لسد احتياجات البيت ومراعاة زوجته. وهو ما يتفق مع المبادئ السابقة التي تم إيضاحها في الأعلى.

لا خلاف بين العقل والنص

أما عن رأي النص فإذا أردنا أن نتعرف على حكم الشرع البين في ذلك؛ فيكون اتجاهنا هنا للبحث عن أهل التخصص والثقة فهم على دراية وعلم بما ورد في تلك القضية الجزئية.

ونأخذ هنا برأي مؤسسة الأزهر الشريف وهو “أن خدمة المرأة في بيتها ليست واجبة عليها، ولكن هي سُنة حسنة صارت عليه نساء المسلمين منذ بدء الخليقة . لذا يجب على الزوج أو الرجال عموما أن يقدّموا الشكر والامتنان للمرأة على ما تقدمه للرجل ولأولاده عمليا ولفظيا وبحسن الخلق وتوفير متطلباتها كلما تيسر ذلك.” فالأصل في العلاقة الزوجية أنها مبنية على المودة والرحمة.

قال تعالى:
«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)»الروم.

ومن ثَمَّ لا نجد خلاف بين ما أقرّه العقل وما جاء به النص؛ فنستطيع أن نصل هكذا بالدليل القاطع للحكم الصائب في قضية خدمة الزوج لزوجها ومن ثَمَّ لا نقع في فخ مغالطات ليس لها أساس من الصحة تُبث لنا من خلال آراء البعض على مواقع التواصل الاجتماعي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

المصادر:

https://www.elbalad.news/4132905

اقرأ أيضاً:

الزواج في المنهج العقلي

الأعمال المنزلية والتأثير الاجتماعي لكيان الأسرة

المشكلات الأسرية

اضغط على الاعلان لو أعجبك

خلود أشرف

طالبة بكلية العلوم جامعة القاهرة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة