قضايا شبابية - مقالاتمقالات

من حقي أجرب وأغلط

ينتشر بين بعض الشباب فكرة “أنا من حقي أن أخطئ وأتعلَّم من خطئي”، وربما نشاهد في التلفاز بعض المثقفين الذين يحثون الشباب على عدم الخوف من الخطأ، فلتخطئوا وتتعلموا من أخطائكم، الأمر الذي أصبح يصاغ على أنه حق: فالشاب من حقه أن يخطئ.

والصواب في رأيي أن هذه الصياغة مخادعة وغير منضبطة، فمتى كان الخطأ حقا للإنسان؟ ثم ما نوع هذا الخطأ؟ هل هو صغير أم كبير؟ ثم ألا يحق لنا أن نتساءل عن حق الضحية (الشخص الذي وقع الخطأ في حقه) في الحماية والحفاظ على نفسه وماله وكرامته من الانتهاك؟

ماذا لو أخطأت في حق إنسان أقوى منك أو أكبر سلطة أو ثراء إلخ؟ كيف يمكن أن تأمن غضبه كردِّ فعل؟ وهل معنى ذلك ألا أجرِّب أو أتعلَّم؟ هل معنى ذلك أن أظل خاضعا لتوجيهات الأب والمعلم والمجتمع إلخ ولا تكون لي شخصية؟ متى سأتعلم الاختيار؟ وهل ذلك له أثر سلبي على أجيال الشباب في إبداعهم وتطلعهم للمستقبل؟

أسئلة كثيرة تثيرها هذه الفكرة، لكن علينا أن نفكر في الأمر بروية وهدوء وتعقل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هل يحق للآخرين أن يخطئوا في حقك؟

فالخطأ يستدعي ثلاثة أمور: مرتكب للخطأ – نوع الخطأ – ضحية أو لنسميه متأذٍّ. والتفكير العاطفي فيما يحق للشاب كي يتعلم ويعيش تجربة صحية لا ينبغي أن ينسينا العنصرين الآخرين، ولا ينبغي أيضا أن ينسينا أن المجتمع لا بد فيه من الحفاظ على الحقوق والواجبات، وأن الطرف الذي سنخطئ في حقه له حق وكرامة.

إذًا من يدعوك كي تستسهل الخطأ، وتتجرأ على فعل دون تفكير في عواقبه ونتائجه، أو نوع التصرف من حيث إنه صحيح أو خطأ، شخص بكل بساطة يغرر بك لانتهاك قيمة أصيلة في المجتمع، وهي: الناس سواسية.

ثم فكر هل يحق للآخرين أن يخطئوا في حقك؟ ثم ما نوع الخطأ الذي يمكنك أن تتقبله؟ ماذا لو كان خطأ جسيما؟

ومن هنا ستقدر الحب الأبوي ونصيحة معلمك في التزام جادة الصواب واحترام القيم كي لا يوقعك اندفاع طائش أو فكرة مغلوطة أو تسرع غير محمود في خطأ ربما تكون عواقبه الأخلاقية _بل والقانونية_ قاسية.

حسنا، أنت تريدني أن أكون شابا مثاليا! إجابتي: ولم لا؟ ألست تريد حبًّا مثاليا؟ ألست تريد هاتفا أحدثَ نسخة؟ ألا تطلع لأن يكون كل شيء لديك على أحدث طراز؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ألست تشاهد مباريات الفرق العالمية الكبرى لتستمتع بالرياضة في صورتها النموذجية المحترفة؟ومع ذلك فإن الإنسان لن يستطيع أن يكون مثاليا تماما، لكن سعيه نحو الرقي بالتأكيد سيجعل منه إنسانا راقيا.

ولذا فإنه يمكننا القول:

الخطأ ليس حقا، بل لا أحد عاقل يريد أن يخطئ، ولكن لأننا بشر ومن طبيعتنا أن نخطئ ونصيب، سنقول لك: حاول دائما أن تفعل الأمور بصورة مهذبة وأخلاقية وصحيحة، وابتعد عن الأخطاء الكبيرة (كالسرقة والكذب، وكل ما يصيب الإنسان في نفسه وممتلكاته) فإن أخطأَ أحدهم خطأ غير مقصود في حقك فأنت صاحب حق، وهنا يكون أخذ الحق أو العفو كلاهما متاح.

وتذكر دائما نحن لسنا أغنياء، ولكننا سنبذل كل ما في وسعنا لنكون كذلك.

عفوا

أقصد نحن لسنا مثاليين، لكننا سنبذل ما في وسعنا لنلتزم بالأخلاق الفاضلة، لأننا بشر ولسنا حيوانات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

الانطباع الأول وحدوث الخطأ في التفكير

الخطأ ليس النهاية، بل قد يكون مجرد البداية!

كيف تعرف الواجبات المفروضة عليك كما تعرف حقوقك؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. محمد السيد قياسة

مدرس اللغويات – كلية اللغة العربية بالمنصورة – جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة