مقالات

كيف تعرف الواجبات المفروضة عليك كما تعرف حقوقك؟

قوام المجتمع

لا تقوم للإنسان قائمة دون أن يتواجد في مجتمع، ولا يقوم للمجتمع قائمة إلا عن طريق حقوق وواجبات واضحة للجميع، ووجود من يضمن الحفاظ على الحقوق وأداء الواجبات.

وهذا أمر ثابت عند كل التيارات وإن اختلفت طريقة التعبير عنه، أو اختلفت طريقتهم في تحديد الحقوق والواجبات، وتحديد من يقوم على ضمان حفظها وأدائها.

وعند توسيع النظرة بشكل أكبر نجد أن للموجودات الأخرى حقوقا وواجبات أيضا، فللحيوانات والنباتات حقوق، ولكوكبنا وبيئته ونظامه حقوق، وإن لم نراع ذلك تعسنا وهلكنا.

وفي النظريات الإلهية نجد للخالق حقوقا أيضا، فهو الموجد والرازق فيستحق الشكر، وهو العالم الحكيم فيستحق الطاعة، وهكذا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وبشكل عام يمكن أن نقول إن لكل موجود حقوقا، لكن الاختلاف دائما هو في تحديد نوع الموجودات الموجودة في العالم مثل هل يوجد إله؟ وتحديد نوع الحقوق التي يستحقها كل موجود.

فكيف نتوصل لحقوق الموجودات؟ وكيف نعرف أولا الموجودات في عالمنا؟ هذه هي الأسئلة الأهم إذن.

كيف نتوصل لمعرفة حقوق الموجودات؟

والإجابة على هذه الأسئلة تختلف وتتباين تباينا كبيرا، فالبعض يقول أصلا إننا عاجزون عن معرفة أي شيء من حولنا وبالتبعية عاجزون عن معرفة الحقوق والواجبات. وهذه رؤية متهافتة لأننا عندما نقول: «نحن لا نعرف» فهذه أصلا معرفة! فنحن نعرف أننا لا نعرف!

بينما يقول البعض إن طريقة المعرفة لا تكون إلا بالحواس والتجارب، وتنقض هذه الرؤية بأن الحس والتجربة عاجزان عن معرفة كل شيء، بل إن المبادئ التي تقوم عليها التجارب والبحث العلمي لم يتم معرفتها بالحس والتجربة! بل إن إثبات صحة الحس والتجربة غير ممكن دون استخدام وسيلة أخرى تحكم بذلك!

يقول آخرون إن الطريقة الوحيدة هي النصوص الدينية، ولكن اختلفوا بينهم، فكل فئة ادعت أن نصها الديني هو الحق، ثم تفرقت هذه الفئة نفسها فرقا، كل فريق يدعي أن فهمه للنص الديني هو الصحيح، فلا بد من معيار يفرق لنا بين الحق والباطل في هذه الرؤى، ويثبت صحة مبادئها أصلا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

في النهاية لا يجد الإنسان أمامه طريقا للوصول لمعرفة سليمة إلا عقله، فهو الذي يدرك كل المعارف التي لدى الإنسان، وهو الذي يقوم بالفهم، ويتمكن من الوصول للأحكام السليمة. وهو المميز للإنسان في عالمنا هذا.

فيبدأ الإنسان رحلته في البحث في الموجودات ومالها من حقوق باستخدام عقله هذا، وتفكيره السليم المبني على البديهيات أو المدركات الفطرية، كما يوضح ذلك تفصيلا علم المنطق.

العقل أول طريق معرفة حقوق وواجبات الموجودات

هذا العقل سرعان ما يثبت صحة الحواس وأنها ناقل أمين، ويعرف كيف يستخدمها استخداما صحيحا ويتجنب الأحكام التي قد تصدر خطأ اعتمادا عليها. كما يضع مبادئ التجارب والبحث العملي، ويقرر الطريقة السليمة للنظر في العالم المادي.

أيضا يثبت العقل ببراهينه المتينة وجود الإله وكماله المطلق ووجود الرسالات، وببحثه في النصوص الدينية يميز الثابت منها، فيعرف أيها يقيني وحق.

كما يستخدم قواعد العقل الصحيح وقواعد البحث السليمة في رحلته لوضع منهج لفهم النص والحكم فيه وبه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بهذه الطريقة يُكوّن العقل نظرته للوجود والموجودات، ثم ينطلق من ذلك للبحث في حقوق تلك الموجودات.

فلكل شيء حق أو أكثر طبقا لحقيقته وماهيته، وطبقا لما يحقق النظام الأصلح والأكمل للوجود. ومعرفة حقيقة الأشياء وكيفية تحقيق النظام الأصلح لا يكون إلا بطريقة البحث السابقة، التي يقوم بها العقل ويستعين فيها بباقي أدوات المعرفة كما سبق.

فسؤال الحقوق والواجبات التي اختلفت الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية في إجابته، وأعطت إجابات متباينة تشتبه وتشتبك عند المتلقي، لا يمكن الإجابة عليه إجابة سليمة تشفي غليل الباحث إلا بالعودة لنقطة البداية، عندها يستطيع الإنسان أن يشق طريقه الصحيح في هذا العالم.

إن معرفة حقوق وواجبات الموجودات  هي الخطوة الأولى في سبيل تحقيق العدل، أي إعطاء كل ذي حق حقه، هذا العدل الذي يسعى له الفرد والمجتمع في كل حركة، لأن فيه سعادة الإنسانية كلها!

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضا:

لا تتركوني وحيدا – التربية ودورها في إنشاء الطفل تنشئة سليمة وسوية

حكايات الحاجة ” عائشة ” لتحيي في نفوس الصغار روح الحق والعدالة

صفقة القرن واتجاه العالم .. حول كرة القدم وما تشكله لنا من أهمية!

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

أحمد عزت هلال

د. أحمد عزت

طبيب بشري

كاتب حر

له عدة مقالات في الصحف

باحث في مجال الفلسفة ومباني الفكر بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

صدر له كتاب: فك التشابك بين العقل والنص الديني “نظرة في منهج ابن رشد”

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

حاصل على دورة في الفلسفة القديمة جامعة بنسفاليا

مقالات ذات صلة