مقالاتأسرة وطفل - مقالات

حكايات الحاجة ” عائشة ” لتحيي في نفوس الصغار روح الحق والعدالة

بتلك الابتسامة الطيبة التي عَلت ثغرها ونفسِها الراضية المُطمئِة بعدل قضاء رَبِها اختتمتْ الحاجة “عائشة” صفحة يومها. استلقتْ على فِراشها وأطلقتْ عنان التأوّه من شِدّة أوجاعِها فنال الألمُ منها ثأر كِتمانها وتناسيها عنه. فجسدُها الهَرِم المُصاب بالعَجَز والمُثقل بالمرض لم يتسنَّ له خلال ساعات النهار الشّاق أن يُفصح عن آلامه أمام قوى نفسها وصلابة إرادتها فآثَر السكون عنها؛ لأنه حتى لو تجرأ الشكوى كان سيُقابَل من جِهة الحاجة “عائشة” بالتجاهل وعدم الاكتراث.

فأبداً لن تسمحَ لمرضِها أن يَعوق سير أحداث نهارها الجليلة كما تعهدته منذ عشرات السنين.

حكايات الحاجة عائشة

فهيهات لتلك الآلام أن تردَعَها عن استبطاء ساعات الليل الطويل والتطلع لوقت الفجر وبزوغ خيوط شمس الغد لتباشر مهام يومها المقدسة من جديد دون ملل أو سأم فقد وهبتْ حياتها لنصرة الحق ومقاومة الظلم والعدوان بما أوتيت من مهارة تدوين القصص وفن سرد الحكايات.

ففي كل صباح تتعهد الحاجة “عائشة” إلى كِتاب قِصَصِها الذي قد دَونته بخطها الجميل و زخرفتْ أُطُر صفحاته بالورود الملونة وزينته ببعض الرسومات البسيطة لتُضفي عليه طابع الجذب والبهجة، فتقرأ منه ما تيسرلأطفال القرية الذين حضروا مع ذويهم إلى بيتها المتواضع لتطرب آذان الصغار بالكلمات السهلة والعبارات الشيقة فتثري عقولهم وتبهج قلوبهم بنبرات صوتها العذب وقسمات وجهها المُعبرة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كانت حكايات الحاجة “عائشة”  تُؤرخ لحياتها الهانئة البسيطة التي قضتها في صِباها مع أفراد أسرتها وعلاقات الود والتراحم فيما بينهم.

تحكي عن شهامة الأصدقاء وأصالة الجيران.

حتى لا ينسى الصغار

تحكي عن النكبة الفلسطينية وتشريد أهل الأرض والتهجير واللجوء. تحكي عن موت الأحبة وفراق الأهل. تحكي عن القتل والمذابح التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق الآمنين. تحكي عن تضحيات الأبطال والمناضلين والفدائيين في سبيل مقاومة الاحتلال والدفاع عن عزتهم وأرضهم. تحكي عن المعتلقين والأسرى في سجون الاحتلال من الرجال والنساء والأطفال.

فقد أرادت من خلال قصصها إحياء ذاكرة الأطفال وإشعال نفوسهم حتى لا يغفلوا عن حق العودة وحق الأرض المغتصب وأن يبقوا حاملين لواء قضية وطنهم دون استسلام أو يأس .

أخيراً  تمكن سلطان النوم من الحاجة “عاشة” فهجرت أُنس السُهاد واستسلمت للسُبات على أمل الرجوع الذي طالما داعب فِكرها وتوطن وجدانها؛على حلم العودة إلى الدار المهجور واسترداد الأرض المحتل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 

إقرأ أيضا:

الحرية الشخصية بين التحرر والاستعباد.. ماذا يعني أن أكون حراً ؟

أنا مين فيهم.. أفكاري وليدة الظروف والبيئة أم وليدة الوعي والفهم ؟

أين أجد إجابات للأسئلة المصيرية ؟ وكيف يتم التوافق ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندى علاء منصور

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة