مقالات

مدن سنة ٢٠٣٠

قرأت عدة مقالات عن مدن المستقبل، مدن سنة ٢٠٣٠، ولمن لا يصدق إن ما سأقول قادم في ٢٠٣٠.

أحب أن أذكره أننا في سنة ٢٠٠٠ كان الهاتف المحمول اختراع عجيب، وأغلب البشر يعتمدون على الهاتف الأرضي، كانت الإنترنت اختراع حديث! سنة ٢٠٠٥ كانت شاشة الهاتف باللمس، وإنترنت على المحمول، وفيس بوك، وأندرويد، كل هذه كانت أخبار وهمية يسمع عنها الناس بتعجب!

تقول إن نموذج المدينة الكبيرة المزدحمة والشوارع الواسعة والمباني العملاقة والشقق المتراكمة ووسائل المواصلات الكثيرة سينتهي، تقول الدراسات أن مدن المستقبل ستكون نظيفة وصغيرة وبيوتها صغيرة ومنتجة للطاقة النظيفة!

أولا:

مصادر الطاقة نظيفة، طاقة الشمس، طاقة الرياح، طاقة سخونة الأرض، تنتج الطاقة المساكن وليس محطة طاقة خارجية، كل مبنى ينتج الطاقة التي يحتاجها من ألواح وأجهزة به، تستخرج الطاقة من الطبيعة المحيطة بدون تلويث، مما يعني أن الناس مستقلون في الحصول على الطاقة بعيدا عن الحكومات ومحطات الكهرباء والغاز والمازوت والبنزين الكبيرة المركزية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثانيا:

أماكن العمل والمصانع لا يخرج منها تلوث، حيث يتم إعادة تدوير أي مواد أو فضلات، مما يجعل وسط المدن نظيفا.

ثالثا:

بما أن وسط المدينة نظيف _يعني بدون تلوث_ سيسكن الناس قريبا من مكان عملهم، لأنهم لا يحتاجون لترك وسط البلد للبعد عن التلوث أو الضوضاء.

رابعا:

هذا يعني استعمالا أقل بكثير لوسائل المواصلات، مما يوفر المزيد من الوقت، واستهلاكا أقل للطاقة.

خامسا:

إذن وسائل مواصلات بسيطة، وغالبا مواصلات جماعية وتعتمد على الكهرباء أو الطاقة النظيفة، مثل القطار الكهربي، وتكون للسفر بين المدن الصغيرة، وسيكون استعمالها قليل، لأن الناس سيقضون أغلب حياتهم وأيام عملهم في مدنهم الصغيرة الهادئة، والسفر يكون لقضاء عطلة أو سفر عمل كل بضعة أسابيع مثلا.

مما يعني أن صورة المدينة الكبيرة المزدحمة الملوثة كثيرة الدخان والضوضاء سيتلاشى بالتدريج!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حسن.. هنا يأتي سؤال أين يمكن أن تتخلص المصانع الحالية والمؤسسات الحالية من المنتجات القديمة المصنوعة لمنظومة المدن القديمة الملوثة؟ سيتم بيعها للبلاد المتخلفة! يتم بيع محطات توليد كهرباء من الغاز والبنزين والمازوت.. إلخ إلى البلاد المتخلفة، لأنها ستكون بلا لزوم في العالم خلال بضع سنوات!

سيتم بيع وسائل بناء ومستلزمات عمل كبارٍ وطرق سفر كثيرة مصممة لسيارات ملوثة، لأن هذه المنظومة تناسب مدن الماضي المزدحمة الملوثة، وستكون بلا لزوم في العالم خلال بضع سنوات!

كذلك الكثير من وسائل النقل والمواصلات والكثير من أساليب البناء والمباني، سيتم بناء مبانٍ وعمارات والكثير من الأشياء، ثم يتضح بعد بضع سنوات أنها خارج الخدمة، وانتهت موضتها منذ زمن بعيد وأصبحت خارج الزمان وخارج الخدمة!

سيتم التخلص من الكثير من التكنولوجيا والمستلزمات التي تناسب المنظومة القديمة في البلاد المتخلفة! وستهلل الشعوب المتخلفة في البداية بعقد صفقات بناء محطات كهرباء وبعض الطرق والكباري وبعض وسائل المواصلات والنقل وبعض المباني والعمارات والشقق، ثم تكتشف بعد بضع سنوات أنها اشترت شيئا قديما، أشياء انتهت صلاحيتها وموضتها!

ولن يتبقَ غير مشاكل التشغيل والعقوبات الدولية القادمة على تلويث البيئة والبصمة الكربونيةcarbon print! تماما مثل نصاب يبيع لك هاتفا موديل ١٩٧٠ في سنة ٢٠٢١! تكتشف أنه لا يعمل، أو لا تستطيع استعماله، أو تكلفة تشغيله والمجهود الضائع في تشغيله لا يستحق، لكن تكتشف بعد أن تشتريه!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

الغزو الثقافي – وضياع المستقبل

التكنولوجيا وصراع البقاء

الهيمنة المادية

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة