علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

ثقافة التطفل وآفة الانشغال بالآخر

عجيب جدًا أن ترى تلك الآفة في المجتمع المصري دون غيره من المجتمعات، أعني آفة التطفل والانشغال بأمور الغير أكثر من الاهتمام بأمور الذات، إذ ترى من يتابع حركات الآخر وسكناته وخطواته –وهي كل همه– ناسيًا أو متناسيًا أمور ذاته، وتجد من يتطفل على خصوصيات الآخر الاجتماعية الدقيقة تحليلًا ونقاشًا وسردًا وتفنيدًا، دون أن يطلب منه صاحب الشأن ذلك، ولن يطلبه منه أصلًا، لأنه غير ذي صفة!

على المستوى المهني ترى أيضًا من يراقبك ويدس أنفه، ويتابعك ويحلل علاقاتك المهنية، شاغلًا باله بأمورك مهتمًا بها دون أي صفة ودون أي طلب منه للمساعدة!

– في ممارساتنا اليومية وعاداتنا الاجتماعية وأنماط حياتنا وتنوعاتها، تجد رادار المراقبة من المتطفلين موجهًا إليك بدقة، نقدًا وتجريحًا واستظرافًا دون وجه حق!

هنا يكمن السؤال: لماذا ثقافة التطفل؟!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثقافة التطفل ..”التدخل في خصوصيات الآخرين”

6188decae6569 - ثقافة التطفل وآفة الانشغال بالآخرفي تقديري إنها سمة من سمات الشخصية المضطربة التي لا تشعر بالأمان النفسي، التي ترى في الآخر عدوًا يتربص بها على الدوام، والتي تؤمن دائمًا بفلسفة الشك وسوء الظن الأبدي في ذلك الآخر، الذي يمثل وجوده قلقًا لها، فتصبح هنا عقيدة محاربته عقيدة راسخة في الوجدان.

من المهم هنا أن ننبذ تلك الثقافة وأن نحترم خصوصيات الآخرين، وألا نسبب لأنفسنا حرجًا مع الآخرين، الذين لن يسمحوا –بأية حال من الأحوال– أن يخترق أحد خصوصياتهم، أو دوائر علاقاتهم الاجتماعية وممارساتهم الإنسانية والمهنية، إذ لا يعلمون أن دوام راحة البال تكمن في القناعة والإيمان بالله، والرضا بالقضاء والقدر والانشغال بأمور النفس.

فكم من عوار يعتري نفوسنا وندعيه في غيرنا، فرارًا من مواجهة شرسة فاضحة مع النفس.

أنواع العلاقات الإنسانية بين البشر

ليعلم من يجهلون ثقافة الحوار المجتمعي ومفرداتها أن العلاقات البشرية نوعان:

عامة: وهي مضمون التعاملات العامة مع البشر، في المهنة والشارع وكافة ملتقيات البشر العامة، وهي علاقة تحكمها ضوابط التفاهم البشري والأسس الإنسانية والأخلاقية والقانونية للتعايش العام، ويسمح فيها –أحيانًا– بالتدخل للتوجيه والإرشاد والنصح.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

خاصة: وهي محور الخصوصيات الشخصية، وهي خط أحمر لا يجب لكائن من كان الاقتراب منه أو الخوض فيه تحت أي مسمى، والخوض يعد نوعًا من “الرخامة والجليطة”!

يتبقى لمجتمعنا أن يؤمن بأن منظومة قيمية يجب أن تُرسّخ، وأن مواجهة ثقافة التطفل لن تكتمل إلا ببناء ثقافة الرضا والقناعة، تلك التي تعتمد على السمو الروحي والاتزان النفسي والتصالح مع الذات واحترام الآخر وتقديره، والبعد عن تتبع خصوصياته ونشر الأكاذيب والافتراءات التي تمسه لمجرد إشباع هوى الذات المريضة.

مقالات ذات صلة:

الحدود الإنسانية وكيف أن عدم الإلمام بها يأتي بأسوأ النتائج الحياتية؟

وأنقذت بيتها من الدمار!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

النميمة وفراغنا

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب

مقالات ذات صلة