إصداراتفن وأدب - مقالاتمقالات

على هامش فيلم اثنا عشر رجلاً غاضباً – الطريق إلى الحقيقة يبدأ بالشك

الشك المعقول: منذ فترة شاهدت فيلم بعنوان { اثنا عشر رجلا غاضبا } حيث تدور أحداث الفيلم حول هيئة محلفين عددهم اثنا عشر رجلا في قضية قتل طفل لوالدة وكان مطلوب منهم حكمًا نهائيًا بخصوص “هل المتهم مذنب أو غير مذنب؟” حيث كانت تنتظره عقوبة الإعدام على كرسي طبقا للقانون المعمول به في مثل هذه القضايا. وكان لا بد أن يكون القرار بالإجماع وفعلا عقدوا اجتماعًا مغلقًا للتصويت وكانت النتيجة إحدى عشر صوتًا مذنبًا وصوتًا واحدًا غير مذنب وهذه النتيجة لا تقبلها المحكمة حيث كان المطلوب الإجماع؛

فتعجب أعضاء هيئة المحلفين من قرار هذا الشخص بأن المتهم غير مذنب حيث أن جميع أدلة ضد المتهم وأن الإقرار بأنه مذنب واضح للعيان وطالبوا هذا الشخص الذى أقر بأن المهتم غير مذنب بتوضيح لماذا تبنى هذا القرار رغم وضوح الأدلة؟ فكانت الإجابة في أنه يشك في شهادة الشهود وفند بعض الشهادات بأنها غير مقنعة مما جعله يشك، حيث قال قد يكون قراركم صائبًا ولكنى أصابني الشك وأطلق عليه { الشك المعقول }

ما هو الشك المعقول ؟

الشك المعقول جملة تحمل من المعاني الكثير والكثير حيث تعبر عن هذا الإنسان الباحث عن الحقيقة الراغب فيها لا في غيرها يبحث عنها في كل مكان.. في كل موقف.. في كل تجربة يمر بها.. لا يعيش كما يعيش أغلب الناس الراضين بالأمر الواقع، الموافقين للعقل الجمعي لمن حولهم غير مبالين إن كانوا على الصواب أو الخطأ.

إن الشك المعقول الذى لا يرضى بأن يخضع نفسه لكل من حوله لمجرد الشك أنهم ليسوا على صواب. هذا الشك هو من القدرات التى أعطاها الله لهذا المخلوق الذى ميزه عن غيره من الكائنات بالقوة العاقلة التى تتجسد في جانب هو غاية  في الخطورة ألا وهو هذا الشك المعقول الذى يدفعنا للبحث والتدقيق للوصول لحقائق الأشياء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وعلى الرغم من وجود الطريق الموصل للحقائق من خلال تعلم المعارف الحقة والتى باتباعها نصل لحقائق الأشياء إلا أن الكثير يجهلها ولا يعرف سبيلًا للوصول إليها ولكنا هنا لسنا في معرض الحديث عن هذا الأمر، لكن حديثنا في المقام الأول عن جموع شبابنا ونتوجه لهم بالسؤال: لماذا لا تشكوا الشك المعقول ؟ طالما سمعنا منكم أن هناك الكثير من الممارسات الخطأ والكثير من الأشياء السلبية في مجتمعاتنا وبالرغم من ذلك فإن الغالبية العظمى منهم لم يمارسوا هذا الحق الإنساني الحصري لهم دون غيرهم من الكائنات الأخرى..

لم يمارسوه للوصول للحقائق ولا حتى لرفض ما يملى علينا من قيم ومعايير خاطئة تخالف فطرتنا الإنسانية.. لم يمارسوه حتى لعدم الموافقة الضمنية منهم بالموافقة بسبب عدم إبداء أية وجهة نظر في أمور هي في الأساس شديدة التعلق بمستقبلهم وحاضرهم، أيضا لم نرَ الشباب يشك في قيم تجعله مهمشًا عديمَ الفائدة والنفع، ولم نشاهدهم يشكوا في المعايير التى ترسم لهم سبل وطرق السعادة على الرغم من وضوح زيفها.. لم نشاهدهم يشكوا في الأدلة الواهنة التى تعتبرهم شبابًا لا يستطيع تغير واقعهم للأفضل، مع أنهم يستطيعون تغيير هذا الواقع المرير كما فعل أسلافهم في كل الحضارات الإنسانية السابقة.

لماذا يجب أن نشك ؟

إن هذه الميزة التى يمتلكها الإنسان وإن لم تقُدهُ للحقيقة فبالحد الأدنى لا يجب أن تقوده للقبول بهذا الزيف الذى شك في سلامته بل يجب عليه على الأقل عدم الانخراط  وراء هذه الشعارات الكاذبة ويمارس حقه الإنساني في البحث عن حقيقته كإنسان أولا حتى يعرف بأي شيء شقائه؟ وبأي شيء سعادته؟

وهذا هو الهدف الأسمى من هذه العملية {الشك المعقول} هذا الشك الذى يقودنا ويكون الدافع لنا في البحث لنعرف لماذا تغيرت القيم في مجتمعاتنا؟ لماذا أصبحت المعايير مقلوبة؟ لماذا هذا التناقض في كثير من الممارسات التى نشاهدها على كافة المستويات؟ لماذا وصل بنا الحال إلى هذا التدني الأخلاقي والقيمي؟ لماذا فقدنا الكثير من مصادر قوتنا وأصبحنا نساق كما تساق الغنم؟ هل نستحق هذا المصير هل نستطيع تغييره؟ وإذا أردنا… كيف نبدأ ومن أين نبدأ؟

كل هذه التساؤلات المشروعة لا بد من الإجابة عليها، والتي لا تحصل دون هذا الشك المعقول الذى لا يكون الغرض منه هو الشك بعينه، ولكن يكون الغرض الأصيل منه هو الوصول من هذا الشك إلى اليقين ومعرفة الإجابة على كل ما سبق من تساؤلات حتى نستطيع تعويض ما فات لأن مرحلة البناء تحتاج الكثير من الجهد والعمل وهذا لا يتم إلا إذا كنا قد تأكدنا من التشخيص السليم واتباع المسار الواقعي الحقيقي للأمور. فما من حركة إلا ونحن نحتاج فيها إلى معرفة يوضح لنا الواقع وتفسره لنا حتى نستطيع التعامل معه كما ينبغي أن يكون

اضغط على الاعلان لو أعجبك

.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

اقرأ أيضاً:

نعم أنا متشكك

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هل الكون نشأ صدفة ؟

لماذا يتركنا نتأرجح بين الألم والملل ؟

مقالات ذات صلة