علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

حديث السيدة الشابة

السيدة الشابة

سيدة شابة كانت تتحدث معي بتعاطف شديد عن معاناة الكلاب والقطط في شوارع مصر، وتحكي لي بتأثر يصل إلى حد البكاء عن كلاب ضالة صغيرة وقطط شوارع جائعة. وقلت لنفسي أثناء حديثها: “ما أجمل قلب هذه السيدة الطيبة ورقة مشاعرها ورحمتها!”.

وبينما تحكي السيدة بتأثر شديد تغير مجرى الحوار، لأكتشف أن هذا القلب الرقيق الطيب الحساس هو قلب قاسٍ مثل الحجر!

تكلمت بحقد وغل شديدين عن الفقراء المزعجين الفوضويين الذين يملؤون الشوارع قذارة، وعن الناس الأغنياء المبسوطين الذين لا بد أنهم لصوص وحرامية لا يستحقون ما هم فيه، وعن الرجال المفتريين المتوحشين الذين يأخذون حقوق المرأة في كل شيء.

اكتشفت أن هذا القلب القاسي يداري قسوته ببعض شعارات حب الحيوانات والتصرفات البسيطة التي لن تضطر فيها أن تضحي بشيء يستحق، أو أن تكشف عن الجانب المظلم من قلبها!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هناك أشخاص قساة القلب ولكنهم يصطنعون غير ذلك، يصطنع الرحمة والشفقة، لكن هذه الرحمة والشفقة بشروط! مثلا يحقد على البشر ويؤذيهم، بينما من ناحية أخرى يتحدث عن الرحمة بالكلاب الضالة أو قطط الشوارع! مثلا يتحدث عن الرحمة بالفقراء، بينما هو يحمل الحقد على الأغنياء، أو يرحم ويتعاطف مع النساء، لكن نفس الموقف من الرجال لا يثير تعاطفه!

من يملك الرحمة في قلبه يحب كل الكائنات

صاحب القلب النظيف لا يضع شروطا للرحمة والشفقة، لا يكون عنده توزيع الرحمة والشفقة بشروط ومواصفات عنصرية!

لا ينتقي الحيوان الجائع ويترك الإنسان الجائع ليتعاطف معه ويرحمه ويساعده!

لا ينتقي الأبيض الضعيف ويترك الأسود الضعيف ليتعاطف معه!

لا ينتقي المرأة المريضة ويترك الرجل المريض لمساعدته!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لا ينتقي الطفل الذي يشعر بالبرد ويترك البالغ الذي يشعر بالبرد ليرحمه!

قساة القلوب يحبون إقناع أنفسهم وإقناع الناس بغير ذلك، عن طريق النفاق وإظهار العطف والرحمة في بعض الوجوه التي تناسبهم وتتناسب مع أهوائهم الشخصية ومزاجهم وراحتهم ومصالحهم، رحمة في حدود ما يسمح به وقت الفراغ!

بينما من يملك الرحمة في قلبه يحب كل الكائنات، ويساعد قدر استطاعته، ويحب الخير للجميع، سواء أفقر أو أغنى منه، سواء ذكر أو أنثى، سواء على دينه أو غير دينه، يوافق أو يختلف معه في الأفكار، لا تحدد الرحمة لديهم مصلحة أو رغبات أو أهواء.

هو يحب ويتمنى الخير لجميع مخلوقات الله، دون تفرقة أو شروط، هذا النوع من أصحاب القلب النظيف هم الذين يحميهم الله ويبارك لهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لأنهم حقا من أولياء الله الصالحين.

اقرأ أيضاً:

إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقام التسامح

ما أكثر الناس، وما أندر الإنسان!

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة