مقالات

تغيير الثقافة الغذائية

على الرغم من انتشار التكنولوجيا وتنوع النظام الغذائي العالمي أكثر مما كان عليه من قبل، وكيف يؤثر ذلك ليس فقط على صحتنا بل أيضا على علاقاتنا الاجتماعية، والطريقة التي نأكل بها الآن مع عالم متغير، إلا أن الطريقة التي ننتقي بها طعامنا الآن أصبحت تتبع نهجًا اجتماعيًا واقتصاديًا معقدًا.

ومن نتائج تحول التغذية بعد أن ينتقل بلد ما من الفقر إلى الثروة، يعني الازدهار، تناول المزيد من الدهون واللحوم والوجبات السريعة ونسبة أقل من الحبوب الكاملة والبقوليات. لاحظ أنه عندما يتم اعتماد هذا النظام الغذائي، يجلب معه حياة أسهل بالإضافة إلى مجموعة من الأمراض.

من مراحل تطور النظام الغذائي البشري بداية من مرحلة الصيد، مرورا بمرحلة الزراعة، ثم التنويع بين النباتات واللحوم، وصولا إلى المرحلة الحالية التي تضمنت مجموعة أكبر من الخضراوات والأطعمة المحفوظة. تلك المرحلة تتضمن وفرة في الغذاء بشكل محير إلا أنها تتضمن خلطا غريبا غير متجانس للأنظمة الغذائية التقليدية.

وأصبحت اختياراتنا الغذائية متدهورة في عالم يتسم بالوفرة والاختيار، إلى الحد الذي يجعلنا مرضى، إضافة إلى مخاطر البيئة السامة، والأطعمة فائقة التجهيز المليئة بالمواد الحافظة، كما يجب أن نشك في العديد من نظريات التغذية والطريقة التي يجب أن نتناول بها طعامنا، حيث ينظر إليها على أنها اتجاهات دون دعم علمي كبير.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

والمشكلات الصحية الحديثة هي نتاج الانتقال في نظامنا الغذائي من الخضراوات وأجزاء صغيرة من اللحوم إلى تناول كميات كبيرة من الأغذية المصنعة التي تحتوي على نسبة عالية من الملح والسكر والدهون، مع وجود قيمة غذائية قليلة تؤدي إلى تدهور النظام الغذائي.

تأثير الرأسمالية على ثقافتنا الغذائية

العلامات التجارية العالمية تغزو الثقافات الغذائية المحلية وتدمرها في النهاية، وتكشف حقيقة القوى العالمية والاقتصادية التي تحدد كيف نطعم أنفسنا، في ظل العولمة التي تقودها الرأسمالية غير المقيدة والتي تقود أذواق الناس من خلال الإعلانات، وتركز على زيادة الأرباح إلى الحد الأقصى بدلًا من توفير طعام جيد وصحي. من ذلك يتضح دور شركات الأغذية الكبرى في إيجاد مشكلات صحية حالية في جميع أنحاء العالم.

إن تأثير عوامل الفقر والنوع والعرق والظلم الاجتماعي على عاداتنا الغذائية وثقافة الطعام يُظهر كيف يتم استغلال الأشخاص المستضعفين واستهدافهم من قبل الشركات الكبرى، وكيف اختفت الثقافات الغذائية المحلية مع تجانس الخيارات الغذائية في جميع أنحاء العالم، بحيث اختفت السمات والعادات الغذائية المميزة للشعوب، واتضح أنه في هذه الأيام يتناول الكثير من الخبز الأبيض المعتمد على القمح المعدل وراثيا.

إن المخاطر الصحية لذلك في ازدياد مع تضاعف نسبة انتشار السمنة لدى الأطفال، وكذلك الأمراض المرتبطة باختلال النظام الغذائي مثل النوع الثاني من السكر. والحل يكمن في إصلاح نظامنا الغذائي عبر تحسين الزراعة، وتفضيلات الأكل.

إن تنوع العادات والميول الغذائية والوجبات الخفيفة والطهي وأوقات الوجبات، ومتعة تناول الطعام الجيد، وطرق الاستمتاع بتناول وجبات الطعام في الشوارع ووجبات المطاعم، تظهر ما وصلت إليه البشرية من طقوس لتناول الطعام، وتأثير التكنولوجيا على اختياراتنا الغذائية، مع الأخذ في الحسبان أننا نعيش في ثقافة طعام اتخذت إلى حد كبير طابعا شخصيا متخصصا،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حيث نعيش في عصر يتم فيه تخصيص كل شيء لذلك، كانت مسألة وقت فقط قبل أن يصبح الطعام مخصصًا وفقا لرغبات الأفراد، وساعد على ذلك انتشار تطبيقات الطعام، ليس فقط توصيل الطعام بل تكوينه وفقا للتفضيلات الشخصية للمستهلك، وتشير إلى أن تذوق الطعام هو نتاج ثقافتنا وتربيتنا أيضًا، لذا فالنكهات التي ننجذب نحوها تمثل تلخيص ذكريات تعرضنا لها، وأن الأذواق الشخصية لدينا ليست شخصية تمامًا كما نعتقد. وبمرور الوقت، يمكننا تعلم الاستمتاع بالنكهات التي وجدناها ذات مرة.

أهمية إحياء الثقافة الغذائية المحلية

إن ثقافتنا الغذائية التي تبدو أنها في تدهور مستمر تتناقض مع ما وصلت له البشرية من تقدم في ظل وفرة وتنوع نظامها الغذائي والتطور التكنولوجي، الذي بات يدخل في مراحل مختلفة من تصنيع وتطوير الطعام.

إن تأثير العولمة والشركات الكبرى الرأسمالية على تشكيل اتجاهات وعادات التغذية يؤكد أهمية إحياء الثقافة الغذائية المحلية، ليس فقط حفاظا على الصحة العامة بل على الخصوصية الثقافية، وإن الثقافة الاقتصادية لها تأثير على الثقافة المستحدثة، لأن الحالة الاقتصادية الجيدة تتيح للإنسان الاتجاه إلى الوجبات السريعة أفضل من الإرهاق في عمليات الطهي وغيرها.

كل هذه الثقافات المستحدثة على ثقافة الغذاء كانت تفرضها ضرورات التنوع في الأغذية، حتى نحصل على التغذية المثلى والمتزنة التي تفي بكل احتياجات الجسم وتمده بكل العناصر اللازمة له.

إن تلك الثقافات تعتمد على الكم وليس الكيف، ولكن كانت ثقافتنا تعتمد على الكم والكيف، أي في اتزان بينهما، وذلك للحصول على كل العناصر الغذائية، ولذا يجب أن نهتم جيدا بمفهوم الثقافة الغذائية من حيث التعريف بأسلوب الطهي الصحي والتنوع في الوجبات والإكثار من الخضروات والفاكهة، حتى نحصل على وجبات غذائية متزنة يستفيد منها الجسم ويقيه من الأمراض.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

متعكم الله بالصحة والسعادة.

اقرأ أيضاً:

إدمان الحياة المادية

العلامات الصحية

وباء البدانة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. سعيد فتحي

دكتور تغذية علاجيه‏ مستشفى باب الشعريه الجامعى (مستشفى سيد جلال)‏ ‏

دكتوراة فى الكيمياء الحيوية‏ في ‏كلية الزراعة جامعة الازهر‏

مقالات ذات صلة