مقالات

المزرعة السعيدة، كيف ننشأ مزرعة كل أعضائها سعداء؟

المزرعة السعيدة

الطفولة يا لها من عالم! الطفولة هي البذرة التي يتعهدها القائمون عليها “أولياء الأمور” آباء وأمهات، معلِّمون ومربُّون بالعناية والرعاية لتكبر ،وليستفيد المجتمع فيما بعد بثمار شاب وفتاة مؤهلين علميًا وخُلقيًا ليكون كل منهما مسئولا عما كُلِف به من أعمال لعمارة الكون، فيؤدي رسالته ويتكامل بما يحقق صلاحه وصلاح مجتمعه وتصبح المزرعة سعيدة !.

ماذا سيحدث للمزرعة؟

ولكن ماذا يحدث إذا لم يتعهد الزارع بذوره بالرعاية والعناية اللازمة لتنمو صحيحة معافاة؟  هل ستصبح المزرعة صالحة للحياة ؟ قد لا تنمو، وقد تنمو وبها آفة تجعلها غير صالحة للانتفاع، وهذا لا يمنع من أنها قد تنمو ولكن بصعوبة أكثر من المُعتنى بها سلفا.

ويتماشى الطفل مع عالم الطبيعة ويختلف عنها، اجتماع نقيضين هذا؟! لا؛ بل أقصد فيه من الطبيعة والمادة “الجسد”، وفيه أيضا من “الروح، وعالم المعنى”الذي تدركه قوته العاقلة المميزة له عن عالم الطبيعة والمادة.

فهو “إنسان” مركب -غير بسيط- مكون من مادة وعالم مجرد. جسد بقوتيه الشهوية والغضبية، وروح مجردة مدركة للمعنى بقوتها العاقلة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كيف نزرع؟

فكيف يستطيع المُربي “المزارع” تنمية هذه البذرة المختلفة عن كل البذور في الشكل والتكوين والتركيب في المزرعة؟! هل يتعهدها بالتغذية،بالسماد، بالإسقاء، وتهيئة الظروف المُناخية الخارجية؟!

أي هل يهتم بطعام الطفل وشرابه، والاهتمام بواجهته الاجتماعية بتعليمه لأجل فقط العمل المرموق ذي الأجر المرتفع، أو حتى ليلعب رياضة، أو يكون فنانًا لواجهته أو لـ “واجهتهم” الاجتماعية ولأجلها فقط؟! هل هذه التغذية المناسبة لينمو الطفل سويًا؟ قد تكون إجابة كثير من الآباء والأمهات بالطبع!

ولكن لحظة… ألم نتفق سابقا أن للإنسان قطبين بهما قوامه؛ أي لا غنى لأحدهما عن الآخر، الجسد بمتطلباته، والروح باحتياجاتها. إذا لماذا نغفل الجانب الآخر، أليس هو الجزء من الكل؟! أم أننا لا نؤمن إلا بما تلمسه أيدينا وتراه أعيننا؟! فقصرنا نفسنا على المادة التي تعتبر أخس المقدمتين فبالتالي ينتج عنها أخس النتائج “إنسان حيوان فقط لا ناطق”فينكب على تلبية احتياجاته ورغباته المادية التي قد تصل كمثل النار تأكل في الهشيم، لا تنطفئ ولا تشبع.

لو ألقينا نظرنا صوب الغرب “قِبلة المادية”وكثيرا ما نفعل، نرى مدى العناية الموجهة للطفل ونفسيته وسلوكه وأخلاقياته بعد تفشي السلوكيات الشاذة الناتجة عن الفكر المادي النفعي، فتوجه الماديون للنفس، والعالم غير المرأي؛ رغم عنادهم وإنكارهم المجردات. ونحن وللأسف بعد مسخ ثقافتنا وطمس هويتنا، واهتمامنا بالمظهر وغفلتنا عن الجوهر، تبنيَّنا المادية الخام وفي أسوء صورها!

على سبيل المثال معظم الأسر الآن تقع في حيرة عند بلوغ أطفالها سن التعليم،بين مدارس “الإنترناشيونال”أم “التجريبي” وماذا عن اللغات؟؟وغيرها، ويظلون في هذه الإشكالية إلى أن يصل الأبناء إلى المرحلة الجامعية،هل الجامعة الأمريكية أم الخاصة أم الحكومية؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إلى أن يجد الآباء أنفسهم أمام “منيو مدارس” فيحتارون في أي المدارس سيدخلون أبناءهم؟ وكم سيكلفهم الأمر؟! فالتعليم اللّا تعليمي واللّا تربوي أصبح تجارة رائجة هذه الأيام! وسرعان ما تنحسم حيرتهم بأن فلان أو علان أدخل أبناءه مدرسة كذا وهم ليسوا أقل منهم! وتتحول الوسيلة لغاية، فالمدرسة التي هي وسيلة للتعليم والتربية تتحول لغاية، فبها وبها فقط نماء هذا الطفل وتميّزه بين أقرانه.

فالغزو الثقافي أشد فتكا من الغزو المسلح، فلا شرف فيمن يُضيع هويته ويبيع ثروته وثقافته وحضارته بأبخس ثمن مقابل بضاعة سيئة المنبت رديئة الثمار نتائجها وخيمه على المجتمع، فأي تجارة تلك؟!

والتعليم والتربية أعزائي وجهان لعملة واحدة، إذا تخلف طرف، لم تكن العملة! فما الفائدة من تعليم بلا تربية؟ هل سينتفع بالعلم على الوجه الصحيح؟ هل سينعكس على أخلاقه وسلوكه؟ هل سيكون سببًا في اقترابه من إنسانيته ومن ثم كماله؟ أم سيكون مثل الببغاء يردد ولا يعي كيف يحلل ويستخدم كل معرفة الاستخدام الأمثل،وعلى الوجه الأفضل.

فهناك احتياجات نفسية وأخلاقية، تربوية وتعليمية، غير الفسيولوجية للطفل، والفلَاح لمن يفلح في مراعاة زرعه بما هوعام وخاص بنوعه وتكوينه ليصل به إلى كمال نموه.

ومزرعتك هي حياتك الآن، طالب، زوج، زوجة، أب، أم، ليست التربية والتعليم للنشأ الصغير فقط، قد يكون الاهتمام الأكبر بالأطفال والنشأ لسهولة الغرس فيهم، فهم أرض خصبة مؤهلة للغرس بشكل جيد، بعكس البالغين الذين قد يكون حدث لهم تجريف وتصحير وتغيرت فطرتهم فيحتاجون إلى جهد مضاعف في التهيئة والإصلاح، ولكنه في حيز الإمكان، فقط انهض وانزع القيود الفكرية والنفسية، وانفض عنك غبار اليأس من التغيير، فالقرار بين يديك

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فانظر إلى مزرعتك وما تغرس فيها، ومن ثم ما ستغرسه في غيرك فيما بعد، أنت طالب ثم زوج ثم أب، أو خال أو عم أو مُعلِّم… وأنتِ طالبة، ثم زوجة، ثم أم، أو خالة، أو عمة أو مُعلِّمة… أو غير كل هذا أنت شخص قدوة لشخص ما، في مكان  وزمان ما، فأي أثر تريد أن تخلفه؟.وهل المزرعة الخاصة بك سعيدة ام تعيسة ؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

ود أمين

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية

مقالات ذات صلة