قضايا وجودية - مقالاتمقالات

الطفل “ريان”، والعدالة الإلهية

الشر في عالم الطبيعة:

الإله جمال محض، لا يصدر عنه إلا كل خير.

وما نظن بجهلنا أنه شر هو في حقيقته خير، فمثلًا الزلازل والبراكين مهمة جدًا لوجود الحياة واستمرارها على الأرض، والأمراض والافتراس مهمان جدًا للتوازن البيئي واستمرار الحياة أيضًا، كما أثبت العلم بطرق كثيرة.

وحتى هذه الأمور -التي نظن بجهلنا أنها شر- قليلة جدًا بالنسبة للأمور التي هي خير تام، فالمرضى أقل من الأصحاء، ويمرضون لوقت فقط في حياتهم، وفي عضو فقط من أعضائهم، بينما باقي أعضائهم وباقي حياتهم في عافية وصحة، وهكذا.

الشر الإنساني: 

الإله جمال محض، لا يصدر عنه إلا كل خير.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومن أوجه الخير في العالم وجود الإنسان الذي يتميز بعقله فيمتلك القدرة على الاختيار، فبالعقل الإنساني يعرف الإنسان الحق والخير والفضيلة ويسعى لنشرهم، وبالعقل الإنساني يجعل الحياة والطبيعة أفضل وأفضل.

لكن العقل الإنساني يتيح له ارتكاب الشر النسبي أحيانًا، إلا أن هذا الشر قليل، ففطرة الإنسان تسعى للخير بطبيعتها، ففي كل بيت تقريبًا توجد أم تضحي من أجل أطفالها، وأب يعمل جاهدًا لأجل أسرته، وفي كل مجتمع توجد الأعمال الخيرية، ويوجد الأطباء الذين يعالجون المرضى، والمعلمون الذين ينشرون العلم، ورجال الأمن الذين يسعون لنشر الأمان، و …

وهذا الشر القليل الذي يقوم به الإنسان ليس شرًا محضًا، فهو ضروري كي يكون الإنسان عاقلًا حرًا مختارًا وهذا خير عظيم كما سبق، كما أن من يرتكب الشر يكون هدفه خيرًا أو مصلحة ما، فقد يكون هدفه حماية نفسه أو الوطن أو جلب منفعة ما، لكنه يقوم بذلك بشكل خاطئ نتيجة لجهل أو غياب عقل، ومن يتعرض لهذا الأذى يتم تعويضه في اليوم الآخر بشكل لا يتصوره بشر، لأنه تعويض يتناسب مع الكرم الإلهي المطلق.

وواجبنا هو العمل على تقليل هذا الشر الإنساني النسبي القليل، عن طريق دفع الجهل ونشر العلم والحق، والتربية والتدريب على الأخلاق الحسنة والطيبة، والعمل على الأخذ بيد من سار في طريق الشر النسبي، أو الضرب على يده لحماية الآخرين إن رفض الخير وأصر على إيذاء الآخرين.

الطفل ريان:

ما حدث للطفل ريان داخل تحت هذه المعادلات أيضًا، وهو ليس فقط من قبيل الشر الطبيعي الذي في حقيقته خير، بل إن ما حدث لريان قد يدخل فيه جانب من التقصير الإنساني، فمن المهم أن يتحول تعاطفنا معه إلى فعل إيجابي يبحث عن إجابات لأسئلة مثل:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لماذا توجد آبار خطرة كهذه في القرية؟

ولماذا يتاح للأطفال اللعب بجوارها؟

وهل تمت عملية الإنقاذ بأفضل صورة أم كان يمكن الاستفادة بخبرات أخرى؟

وهل دولنا مستعدة لمثل هذه الأزمات أم لا؟

ولماذا يتم إذاعة تصوير طفل يحتضر على وسائل الإعلام؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وهل من المقبول إذاعة صور لبشر غيره يحتضرون؟

ولماذا تم استغلال الحادثة من البعض لرفع المشاهدات على وسائل التواصل وغيرها؟

ولماذا تعاطفنا مع ريان ولم نتعاطف مع آلاف الأطفال الجوعى والعطشى والمحاصرين والجرحى والمقتولين في فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا ومجاعات أفريقيا و … ؟

وكيف يمكن منع تكرار المأساة مستقبلًا لكل هؤلاء؟

وهل ننتبه ونتعاطف فقط مع من تركز عليه وسائل الإعلام؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الرحمة الإلهية:

أخيرًا كما سبق فالرحمة الإلهية تسع كل شيء، وكل ما يحدث خير، وهناك يوم آخر فيه تعويضات لا يتصورها إنسان.

وقد اكتشف العلم بعض آثار هذه الرحمة على الإنسان في المواقف الصعبة، مثل مواقف الألم الشديد أو لحظات قبل الموت، حيث يتم إفراز كميات كبيرة من المواد المخدرة الموجودة في المخ بشكل طبيعي، فتجعل الإنسان لا يشعر بالألم، بل ويشعر بالطمأنينة.

كما أن النصوص الدينية الصحيحة تذكرنا أن الإله يجعل النار بردًا وسلاما، وبطن الحوت حفظًا وأمانًا، ويعوض المظلومين عوضًا كريمًا عظيمًا.

رحمك الله يا ريان، ورحم كل ضعيف ومستضعف في هذا العالم، بعظيم جوده وكرمه.

اقرأ أيضاً:

اسمه زيان

من يتجاهل الأمل هو شخص ميت

هل الأمل ما زال موجودا حتى بعد كل ما أرته لنا الحياة؟

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أحمد عزت هلال

د. أحمد عزت

طبيب بشري

كاتب حر

له عدة مقالات في الصحف

باحث في مجال الفلسفة ومباني الفكر بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

صدر له كتاب: فك التشابك بين العقل والنص الديني “نظرة في منهج ابن رشد”

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

حاصل على دورة في الفلسفة القديمة جامعة بنسفاليا

مقالات ذات صلة