علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

فن اللقطة في زمن الفهلوة

في كثير من تعاملاتنا اليومية في مختلف مواقعنا تجد مصطلح “فن اللقطة”، وهو فن يجيده أولئك الذين يعرفون خباياه وفنونه وأنواعه وأسس استخدامه وتوقيتات استخدامه.

بداية أجيبك عن سؤال مهم جدًا: ما سمات عشاق هذا الفن؟ ولماذا يهرولون إلى إدمانه بشراهة؟!

سمات الشخصية الفهلوية

أقول لك مجيبًا:

عشاق فن اللقطة هم أناس لهم سمات مميزة عن غيرهم من البشر، تعرفهم جيدًا وتستطيع بمنتهى السهولة أن تحددهم بدقة، فهم يتسمون بما يلي:

اضغط على الاعلان لو أعجبك
  • تراهم دائمًا في مقدمة الصفوف، وهم آخر الحضور!
  • تراهم على منصات الوعظ والإرشاد والتوجيه، وهم بعيدون كل البعد عن تحمل المسؤولية، بل ويفرون منها فرار الشاة المذعورة من الأسد!
  • تراهم دائمًا يعشقون الزحام، إذ يندفعون وسطه ولا يعرفون سببه، لكنهم عشاق للظهور الزائف!
  • تراهم دائمًا يسخرون من غيرهم ويسفهون آراءهم، لمجرد إثبات أن وجود غيرهم والعدم سواء!
  • تراهم دائمًا وراء كل خراب أو توتر أو ضوضاء، لمجرد إثبات وجودهم أنهم عشاق النظام والالتزام والانضباط!
  • تراهم دائمًا كالبرق الخاطف يظهرون فجأة (في المولد وسط الشو)، ثم يخلدون إلى السبات العميق، يرهقك البحث عنهم أو الوصول إليهم عندما تحتاجهم فعلًا!
  • تراهم دائمًا بوجوه متعددة وشخصيات متنوعة حسب مصالحهم وحسب مطامعهم، لا تعرف لهم وجهًا واحدًا!
  • تراهم حولك في كل مكان ينعقون كما تنعق الغربان بالخراب والفساد والضوضاء والضجيج لإثبات حضورهم!
  • تراهم يشوهون كل لوحة مميزة، إذ يرون تميز غيرهم نارًا تحرق قلوبهم، فيبادرون بسن أسنانهم للوشاية والخراب!

تلك عزيزي القارئ الكريم أهم سماتهم، ويبقى التساؤل الحائر: لماذا يتخذون الفهلوة عشقًا واعتقادًا ومنهاج حياة؟!

لماذا أصبحت الفهلوة أسلوب حياة؟

negative character flaw - فن اللقطة في زمن الفهلوة

أقول لك:

  • يرون أن “اللقطة الغالية الانتهازية” فرصة لا تعوض للظهور والانتشار والتوهج!
  • يرون أن “وجودهم المميز” يمثل طوق النجاة الوحيد الذي يحمي غيرهم من الكوارث والأزمات والمصائب!
  • يرون أن اللقطة هي الحياة وهي متنفسهم للظهور والتوهج، وإقناع الآخرين أنهم من يجدّون ويجتهدون ويتحملون المسؤولية وحدهم، وغيرهم صناع للفشل وهم من أنقذوا البشرية بعبقريتهم المتوهجة من الخراب!
  • يرون في اللقطة علاجًا لآلام وأوجاع نفسية راسخة ومتأصلة في الوجدان، مرتبطة بشهوة الظهور وأنانية الأنا وامتهان الآخر، وعشق الظهور الأوحد على مسرح الأحداث!
  • يرون أن اللقطة المرتبطة بفهلوة المواقف تصنع تاريخًا من التميز، وهذا واقع فعلًا، لكن لدى السذج الذين يرون الوجه الظاهر من عشاق اللقطة محترفي الفهلوة.

مخاطر الشخصية الفهلوية

shutterstock 1440380528 780x470 1 - فن اللقطة في زمن الفهلوةإذ يبدون ودًا وخيرًا وتعاونًا، بينما الوجه الخفي الرابض في أعماقهم ملطخ بالغل والحقد وعشق الوشاية والتربص بالغير، واللعب على كل الأوتار بلا أخلاق ولا ضوابط ولا مهنية، إذ هم عبيد الأنا شعارهم “فهلوتي ولقطتي هي سكتي”!

واقع مؤسف تجسده فلسفة اللقطة في زمن الفهلوة، إذ ترى المنافقين يتسيدون المشهد العبثي الملطخ بالمكائد والدسائس، وقذارة المواقف النفعية حسب أهوائهم وتطلعاتهم ورغباتهم الدفينة، ودينهم “الغاية تبرر الوسيلة”!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أخيرًا لا تحزنوا، فلن يصح سوى الصحيح ولن تستمر فقاعات الفهلوة في التحليق، ولن تستطيع اللقطة أن تبني قلاعًا من الثقة، فاحذروا عشاق فن اللقطة في زمن الفهلوة مدمني النطاعة وعشق الذات.

مقالات ذات صلة:

مجتمع الواجب ومجتمع الفهلوة

ثقافة اللقطة

السلام مع النفس

اضغط على الاعلان لو أعجبك

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب

مقالات ذات صلة