مقالات

هل أنت بحال جيد؟ .. الجزء السادس

تحدثنا في المقال السابق عن الدور المحوري في الاعتقاد بحاكمية الله ولطفه بعباده، من خلال هذا الاعتقاد والعمل به يصل الإنسان إلى حال جيد، إلّا أن حقيقة صدق الاعتقاد نظريًا وعمليًا تتفاوت بين الناس، فنجد من يمثل هذا الاعتقاد بدرجة ضعيفة، وآخر بدرجة متوسطة، وقليل جدًا من يكون اعتقاده في مرحلة قوية وثابتة.

السنن الإلهية في الأنفس والمجتمعات

سنة النصر والتمكين

لذلك من المفيد مع الاعتقاد بلطف الله أن نتعرف على سنن الوجود التي أقام خالق الوجود عليها هذا العالم البديع والمنظم، من ضمن تلك السنن القائمة الاعتقاد أن الله غني لا يحتاج ولا يظلم، بناء على ذلك نفسر أن ما يمر به الإنسان من محن ومصاعب في الحياة له شقين.

أحدهما مرتبط بجهل الإنسان بتلك الحقائق والسنن، ما يجعله يخالفها في سلوكه.

مثلًا الزرق بيد الله، بالرغم من ذلك قد يسرق الإنسان ويغش غافلًا عن أن هذا مخالف لما اعتقد به من أن الزرق بيد الله، لأن الله كفل له رزقه بالطرق المشروعة، غير أنه لا يرضى عن تلك القسمة، فيسعى بنفسه إلى تغييرها غير مهتم بالأثر السيئ الذي يحدثه هذا السلوك القبيح على سوء حاله.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الشق الآخر الذي نفسر به ما نمر به من صعاب اعتمادًا على كمال خالق الوجود وأنه غني لا يحتاج، أن تلك الصعاب إنما وجدت كي يرتقي الإنسان بالتفكر فيها والتغلب عليها، فمثلًا من يمارس الرياضة فإنه بلا شك يواجه صعوبة ومشقة، إلا أن النتيجة من تلك المشقة هي سلامة البدن.

سنة الابتلاء والتمحيص

قيمة الانسان 1 - هل أنت بحال جيد؟ .. الجزء السادس

كذلك هي الابتلاءات والمحن تعد مشقة على النفس، غير أن أثرها يكون إيجابيًا لو تعامل معها الإنسان وفق السنن والقوانين الصحيحة، من تعرض مثلًا لفقد محبوب له بالموت، فإن هذا البلاء وإن كان صعبًا إلا أنه يفتح عين الإنسان وبصيرته عن أهم حقائق هذا الوجود أن الجميع مصيرهم الموت، ما يكون له أثر إيجابي لو فهم الإنسان تلك الحقيقة وعمل وفقًا لها، من تربية نفسه وعمل لليوم الذي يفارق هو نفسه هذه الحياة، هنا تكون الاستفادة من سنن الوجود من مقدمات حسن حال الإنسان.

سنة الاختلاف والتدافع

كذلك من سنن هذا الوجود الاختلاف مثلًا بين الرجل والمرأة، والاختلاف بين الأجيال والثقافات، يجب على الإنسان أن يكون عاقلًا ويسلك مسلك العقلانية في فهم تلك الاختلافات، حتى لا يقع في الوهم أو التعصب الأعمى، إن العقلانية في إدراك حقائق الوجود لها الأثر الكبير جدًا في أن يكون الإنسان حكيمًا وعادلًا ويضع الأشياء في موضعها الصحيح.

قد يسوء حال الأب من سلوك أحد أبنائه نتيجة تغيرات هذا العصر، مثل ازدياد الارتباط بأجهزة الهاتف المحمول على سبيل المثال، هنا يجب أن يدرك الأب وهو يربي ابنه أن زمان ابنه غير زمانه، وهذا لا يعني أن القيم نفسها تغيرت، بل المقصود أن التحديات والأساليب هي التي تغيرت، فبدلًا من أن يمنع عنه الهاتف المحمول يمكن أن يشارك ابنه اهتماماته ويضبطها بما يصلح الحال، يمكن أن يوجهه للتعامل الأمثل والمفيد لتلك الوسائل التقنية، وهذا بدوره سينعكس بحسن الحال على الأب والابن معًا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

السنن الإلهية وأثرها في فهم الواقع

pexels photo 1046896 1080x675 1 1024x640 - هل أنت بحال جيد؟ .. الجزء السادسفي حال تقبلنا تلك السنن والقواعد، التي لا نستطيع تغييرها في الدنيا، وتعاملنا معها بعقلانية سيتحسن حالنا بشكل كبير جدًا.

لا بد للإنسان أن يعرف قيوده الذاتية وقيود حياته وقيود العلاقات مع من حوله، وهذا ليس غريبًا فكل ما في الوجود حولنا له قواعد وقوانين، فكيف لنا أن نسير في الطريق مثلًا دون الالتزام بقواعد المرور؟ كيف لنا أن نعالج أبداننا دون الالتزام بتعليمات الأطباء؟

هكذا نرى أن العقلانية والتفكير السليم من مقدمات حسن الحال، من خلال التعرف على سنن الوجود الثابتة والتعامل بها بالحكمة الواجبة، كذلك نجد أن تقبلها باعتبارها خارج نطاق سيطرة الإنسان يجعلنا نتعلم العبرة من وجودها ويكشف لنا الطريق السليم لاستكمال الحياة بحال جيد.

يتبع..

مقالات ذات صلة:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الجزء الأول من المقال، الجزء الثاني من المقال

الجزء الثالث من المقال، الجزء الرابع من المقال

الجزء الخامس من المقال

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

مقالات ذات صلة