قضايا شبابية - مقالاتمقالات

الزواج بين صناعة الأزمة والبكاء على اللبن المسكوب

شرع الله الزواج لحكمة السكن والاستقرار والطمأنينة وعمارة الأرض، وقديما كان الزواج يتم في إطار من البساطة والهدوء والوقار وغالبا ما يكون حجرة في بيت الأسرة الكبير.

مرت الأيام والشهور والسنون وتعقدت الدنيا وسيطرت الرأسمالية على العقول، واستبدت بالقلوب وحولت العلاقات الاجتماعية الراقية إلى معاملات تجارية فجة وصفقات إنسانية لا تحترم مشاعر البسطاء والمعدمين.

واقع مأساوي

حينما نتحدث عن أزمة العنوسة في المجتمع العربي بصفة عامة والمجتمع المصري بصفة خاصة نجد أنفسنا أمام واقع مأساوي بشع تتلخص معالمه فيما يلي:

– ارتفاع معدلات العنوسة بين الفتيات بنسب رهيبة في ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل والتفسير.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

– إحجام الشباب عن الزواج لدرجة العزوف والاستغناء.

– انتشار ظاهرة الزواج العرفي خصوصا في مجتمع الجامعات بصورة كبيرة.

– ازدياد حالات التحرش والتنمر بالفتيات في مشاهد مؤسفة تتكرر كل يوم بصور شتى.

– تنامي ظاهرة غياب التكافؤ في كثير من حالات الزواج في مجتمعاتنا العربية، إذ ترى الفتاة القاصر تُقدم فريسة سهلة للثري الكهل، وصغيرة السن في ريعان شبابها تتزوج كهلا راضية بكونها زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة، ومتعلمة مثقفة ضاع عمرها بين أروقة المدارس والجامعات يتزوجها جاهل أمي متخذا إياها سلعة رخيصة اشتراها بقليل ماله، وغير ذلك ظواهر شتى مؤسفة!

والتساؤل الحائر:

ما أسباب تلك الظواهر المؤسفة؟! وأقول لك: نحن السبب، نحن البشر من عقّدنا بساطة الزواج، وحولناه من ظاهرة ممتعة صانعة للأمل إلى متاجرة فجة تحت وطأة التقليد الأعمى والطمع والرغبة الزائفة في الاستمتاع المطلق بمتع الحياة الزائفة،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إذ ترى الشاب يتقدم لخطبة فتاة أحبها، فترى والدها يضع أمامه قائمة من الشروط التعجيزية العجيبة، ما بين شبكة ومهر وتأثيث منزل الزوجية وإقامة حفل الزواج في أرقى القاعات وأضخم الفنادق! كل تلك الشروط يُصدم بها الشاب في مقتبل حياته، فيفر لاعنا ذاته والظروف متخليا قهرا عن حبه الوحيد مستسلما لسطوة الواقع المادي البشع.

وتظل الفتاة ذات الحسن والجمال في انتظار فارسها المغوار، والذي ربما لن يأتي كما تهوى ويهوى والدها وهنا الطامة الكبرى، إذ تستسلم تلك الفتاة للواقع المر وتباع سلعة رخيصة لأول مشترٍ، ويقع الشاب المسكين الفقير أسير ألم العجز وخيبة الانكسار وضياع الحب الذي قتلته سطوة المال والمطامع.

إذن ما الحل؟! إنقاذا للوضع المؤسف علينا بما يلي على وجه السرعة:

– تخفيض نفقات الزواج وتبسيط إجراءاته.

– التخلص الفوري من آثار الواقع المادي المؤسف، والتركيز على الأخلاق والقيم والسمعة الطيبة كمقومات أساسية للزواج حسب شرع الله الذي تخلينا عنه.

– دعم مبادرات المجتمع المدني ورجال الأعمال في تمويل مشروعات زواج الشباب في إطار اجتماعي رعائي تكافلي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

– تمكين الشباب من العمل والتميز وإثبات الذات من خلال تبني الدولة لفلسفة تربوية واقتصادية واجتماعية جديدة فيما يخص تأهيل وتربية وتعليم الشباب.

– إطلاق حملات توعوية إرشادية على المستوى القومي لحث الشباب على الزواج تتضمن دعمهم ومساندتهم وتذليل الصعوبات التي تواجههم.

– تعزيز المنظومة القيمية الأخلاقية التي تؤمن بأن الزواج هو أرقى علاقة في الوجود.

تلك إضاءات على الطريق، فلنبسط إجراءات الزوج قبل أن يعصف بنا قطار الوقت دون رحمة.

حفظ الله شبابنا وسهل لهم كل صعب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

تأخر الزواج

الزواج في المنهج العقلي

مشكلات صعوبات الزواج مرة أخرى

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب

مقالات ذات صلة