قضايا شبابية - مقالاتمقالات

قوة القصة.. قوة الحدوتة!

سوف أحكي لكم مثالًا حيًا واقعيًا نراه بأعيننا، عن كيف لفئة مستضعفة ضعيفة في العالم اليوم أن تنتصر وتسيطر على كل شيء، وتحول العالم للعمل لصالحها! فقط من القصص والتأثير العاطفي على العقول، دون سلاح، دون منطق، دون أي قوة عقلية أو عسكرية!

الحركة النسوية!

في العصر الحديث كانت النساء تتعرض في الستينيات والسبعينيات لأسوأ نوع من الاستغلال! تحت شعار حرية المرأة!

في الستينيات، كانت ما تسمى الثورة الجنسية والتحرر الجنسي، ونتيجته استغلال أجساد النساء بواسطة الرجال بلا مقابل، عنف، استغلال، تفكك، ضياع حقوق.

من ناحية أخرى كان رجال المال والأعمال يستغلون النساء بمرتبات أقل وعمل مرهق ولا ترقيات، ولا مساواة مع زميلها الرجل في أي شيء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

يعني في الستينيات والسبعينيات فقدت المرأة كل حقوقها تحت شعار حرية المرأة.

فقدت ميزات الزوج والزواج وسكينة البيت والأسرة والأبناء وطمأنينتهم، وفقدت أن تحصل على دخل مادي مرتفع أو مناصب عليا في الشركات والمؤسسات والحكومات.

يعني كانت القدوة للنساء في هذا العصر: باربي، العروسة الحمقاء الغبية، فارغة العقل الشقراء، التي تهتم بالنحافة والعري، والموضات والتسوق، وإشباع غرائز الرجال الجنسية! وتعمل في خدمته.

من هذه المرحلة ظهرت الحركة النسوية الحديثة (الحركة النسوية الأولى كانت في العشرينيات، وكان أقصى أملها أن يُسمح للنساء بالتصويت في الانتخابات).

ظهرت الحركة النسوية الحديثة، في صورة نساء مؤمنات بقضية، قضية العدالة للمرأة، (طبعا من وجهة النظر الأوروبية)، يعني تتضمن ليس فقط الحصول على مناصب ومساواة في التقدير، لكن أيضا عدم الزواج وعدم الالتزام بأي قيم دينية أو أخلاقية أو تقاليد المجتمعات طوال آلاف من السنين.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بغض الطرف عن اتفاق أو اختلاف مع الأفكار، نحن هنا ندرس التجربة في ذاتها لنتعلم، تجربة كيف تحولت فئة مستضعفة إلى فئة قوية.

كما تحول اليهود الأوروبيون من قبل إلى فئة مسيطرة بعد الحرب العالمية الثانية، وتخلصوا من الاضطهاد والعنصرية ضدهم، وتحولوا إلى التفضيل والمعاملة الخاصة في كل شيء!

ظهر جيل من النساء مؤمنات بالنسوية، بدرجات متفاوتة، تتراوح بين التعصب والجنون، وبين العقل والمنطق.

بالتدريج أصبح بعض الرجال يؤيدون هذه الأفكار، ثم وصلت هذه الأجيال من النساء والرجال المؤمنين بهذه الأفكار إلى مناصب قيادية، وإلى مراكز صناعة القرار، وإلى مراكز المال والأعمال.

بالتدريج ظهرت قوانين الثمانينيات والتسعينيات واليوم، فيما يسمى قوانين حقوق المرأة والنسوية، وتمكين المرأة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بالتدريج تغير الحال في العالم كله كما نرى اليوم، حتى أصبحت حقوق المرأة أكثر بكثير من حقوق الرجل، حتى لو كانت مهارات الرجل أعلى وأكبر!

أصبح من المنطقي، بل من القانوني أن تُفضَّل المرأة على الرجل في المناصب والفرص والتعليم وكل شيء! فيما يسمى قوانين تمكين المرأة أو تفضيلها!

كيف حدث هذا التحول من السبعينيات إلى الألفينيات؟

هل قامت النساء بحرب عصابات؟ هل حملت النساء السلاح وقررت الاستيلاء على الحكم؟

هل مظاهرات النساء ومسيراتهن هي ما أجبر الحكومات على تغيير القوانين؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هل قررت دولة أن تحارب في سبيل نصرة النساء؟

الإجابة: لا!

لقد حققت الحركة النسوية نصرًا كبيرًا واضحًا دون إطلاق رصاصة واحدة، ودون أي تصرف عنيف، بتغيير أفكار الأجيال حول العالم!

كيف؟ نعود إلى مرحلة السبعينيات!

في هذه المرحلة، تحت الظلم والاستغلال الشديد، تكون نوع من التضامن والترابط بين النسويات المظلومات.

من هذا الترابط نشأت قصص عاطفية تربط النسويات، تثير التعاطف والحماس بالتدريج دخلت هواتي النسويات المؤمنات بقضيتهن إلى مراكز التعليم والإعلام، أصبح وجود النسويات كبيرًا في مؤسسات الجامعة والبحث العلمي، في مؤسسات الإعلام والفنون، مؤسسات إنتاج الأفلام، الروايات، التمثيليات، الشعر، الرسم، الموسيقى، الغناء عبر مؤسسات صناعة عقول المستقبل ودون استعجال.

استمرت عملية تسريب الأفكار وزراعتها في الأجيال من مواليد التسعينيات والألفينيات، أفلام تسخر من الرجل وتتعاطف مع المرأة، أفلام تظهر فيها المرأة قوية وحكيمة، والرجل أحمق ومهزوز، روايات تحكي عن كفاح المرأة وتثير التعاطف معها ضد الرجال.

قصص صحفية تبالغ في صورة المرأة الضحية المظلومة، وصورة الرجل الظالم المفتري، حتى لو قصص فردية أو شاذة أو يؤلفونها ويختلقونها لاستعطاف الناس، مناهج دراسية تغسل عقول البنات والأولاد.

النتيجة: صناعة أجيال وعقول تؤمن بالأفكار النسوية وتمكين المرأة، وتفضيلها على الرجل في القوانين والتشريعات، حتى لو كان هذا ظلمًا للرجل، وحتى لو كانت أفكارًا غير منطقية.

هذه الأجيال خرج منها مسؤولون يعملون في أجهزة الدولة والمؤسسات الدولية ويسيطرون على السياسة والاقتصاد، ويصدرون التشريعات، والتمويل تمول النساء من دون الرجال! تقدم لهن التسهيلات وتحرم أزواجهن وإخوانهن، تفضل المرأة وتظلم الرجل في القوانين والحقوق، كل هذا تحت شعار تمكين المرأة، شعار غير منطقي، تحول إلى منطقي وإلى قوانين!

كله بحجة أن المرأة كائن كان مظلومًا وضعيفًا لسنوات طويلة!

لقد انتصرت الحركة النسوية وسيطرت على المال والحكومات والإعلام والمؤسسات الدولية دون أي عنف ولا مواجهة، فقط بالتسرب التدريجي إلى عقول الأجيال، والإيمان بقضيتهم وأفكارهم وزراعة هذه الأفكار في الأجيال التالية.

انتصرت باستعمال أقوى سلاح لدى المرأة، تربية الأجيال وزراعة الأفكار والتأثير العاطفي والقصص والحواديت والكلام الكثير، انتصرت لأنها استعملت نقاط قوتها، وبهدوء ومثابرة، بدلًا من محاولة استعمال سلاح لا تتقن استعماله، مثل التحليل المنطقي أو العنف أو الجدل والمناظرة والمناقشات.

أتمنى أن تتعلم شعوبنا المستضعفة من الدرس، الشطارة ليست بالصراخ، لكن بالعمل الهادئ، والصبر والاستمرار إلى أن تصل، وتستعمل السلاح البسيط المتوفر لديك وتتقن استعماله، وتبدع في طرق استخدامه.

طبعًا سيقول لك أحدهم، إن هذا بسبب مساندة اللوبيات والمؤسسات، والجمعيات التي تسيطر على العالم، والمؤامرات، إلخ من الحجج، يمكن أن تقول له: ولماذا لا تعمل أنت وتبحث عن وسيلة للوصول إلى هذه اللوبيات والمؤسسات والجمعيات، وتدخل فيها، وتسيطر على العالم؟

استعمل ما لديك، بدلًا من إلقاء اللوم على الظروف والملابسات والأحوال والمؤامرات!

خذ بالأسباب، وتعلم من العدو قبل الصديق!

مقالات ذات صلة:

قضية المرأة بين الحقيقة والوهم

قاسم أمين والأميرة نازلي

النسويات خطر يهدد مجتمعنا

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة