علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

التعمير والتدمير.. الطبع يغلب التطبع

الغالب أن من شب على شيء شاب عليه، والعادات في حياة الناس قيود لا يمكن الفكاك منها، والموفّق من كانت له عادات حسنة، تشكّل حياته، كما تشكّل صورته في أعين الآخرين، أما العادات السيئة وكيفية الخلاص منها فأمر يحتاج إلى “إرادة وإدارة”، ومن يملك هاتين الخصلتين معًا من البشر قلة، ولهذا تجد قلة من الناس من يستطيعون التخلص من عاداتهم السيئة، لكن الغالبية من الناس تغلبهم عاداتهم فيعيشون وفقها ولا تموت إلا بموتهم.

الطبع يغلب التطبع

صحيح أن من يصلح للتدمير لا يصلح للتعمير، ويمكنك عكس المثل أيضًا، فمن يصلح للتعمير لا يصلح للتدمير، أتدري لماذا عزيزي القارئ الكريم؟ لأن الأمر كما يبدو لي لا يتوقف على الجانب العملي المنظور في التعمير أو التدمير، لكن هناك عمليات تسبق كلا عمليتي التعمير والتدمير، وما بروز هاتين العمليتين (التعمير والتدمير المادي المنظور) إلى العلن إلا المظهر الأخير، فقد سبقته عمليات عقلية ونفسية هي الأساس الذي انبثقت عنه عمليات التعمير أو التدمير المشاهد.

وعليه، فالتعمير والتدمير عمليتان تبدآن من الداخل دومًا، فالعقلية والنفسية التدميرية لا يمكنها أن تعمِّر وإن واتتها فرصة التعمير، لأن الأساس العقلي والنفسي طُبِعَ على التدمير، والطبع في الغالب يغلب التطبع.

لا تستوحش طريق الحق لقلة سالكيه

why people believe in conspiracy theories 900x600 1 - التعمير والتدمير.. الطبع يغلب التطبععلى العكس من ذلك، فإن من يملك عقلية التعمير ونفسيته، لا يمكنه أيضًا التدمير لأن جهازه الداخلي مجهّز للتعمير، وإذا أُريد لهذا الإنسان أن يدمّر فلا بد من تغيير جهاز التعمير الداخلي لديه وتحويله إلى جهاز تدمير، وهذا ما تقوم به منظمات ومؤسسات ودول.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إذ إن تحويل الإنسان من كونه معمِّرًا إلى كونه مدمرًا أسهل من تحويله من كونه مدمرًا إلى كونه معمِّرًا، والواقع يشهد بذلك، فالسائرون في طريق التدمير من الكثرة بمكان، وكذا المشاريع المرشحة للعمل في مشروع التدمير محليًا وعربيًا وعالميًا تعمل ليل نهار ولها أتباع كثر، بينما مسار التعمير موحش مقفر إلا من قلة تعاكس اتجاه تيار التدمير، وتعيش لأواء موقفها النبيل. والعاقبة –إن شاء الله– لسراة التعمير وإن طال المسير، لأن سنة الله جارية، “وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)” سورة الأنبياء، و(الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) سورة هود.

مقالات ذات صلة:

النظريات المفسرة للسلوك الإنساني

سوار (بافلوك) _ كيف نغيّر عاداتنا؟

العقل الجمعي .. التجرد وطريق الخروج

اضغط على الاعلان لو أعجبك

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

د. يحيى أحمد المرهبي

أستاذ أصول التربية المساعد كلية التربية والعلوم التطبيقية والآداب – جامعة عمران. الجمهورية اليمنية.

مقالات ذات صلة