علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

السعادة في حياة الفضيلة

إن الغاية من الحياة الإنسانية دومًا هي السعادة، فكل البشر في حياتهم إنما يسعون إلى تحقيق أكبر قدر من السعادة، لكن معظمهم للأسف يخطئون في فهم معنى السعادة وطرقها!

السعادة كما يراها أرسطو

لذلك سعى الفلاسفة عبر تاريخ الفلسفة إلى بيان مفهوم السعادة وكيف للناس التماس طريقها الحقيقي. كان أرسطو أشهر من حرص على ذلك في كتابه الشهير “الأخلاق إلى نيقوماخوس”، ونيقوماخوس هذا هو ابنه، وقد فضل أن يهدي إليه ما كتب عن الأخلاق ظنًا منه أن الشباب هم من يسيئون الاستماع إلى الكلام في الأخلاق والفضيلة!

بدأ حديثه مميِّزًا بين الغايات والوسائل، وبالطبع فإن الغاية أفضل من الوسيلة، والغاية تكون أفضل إذا ما كانت غاية في ذاتها وألا تتحول يومًا إلى وسيلة لغاية أبعد. فإذا سألت مريضًا مثلًا: لماذا تجمع المال؟ لقال لك إن غايته هي العلاج من المرض الذي ألم به، وإذا ما سألته: وما غايتك من العلاج؟ لكانت الإجابة هي: الصحة، وإذا ما سألناه: وما الغاية من الصحة؟ لكانت الإجابة ممارسة الحياة ممارسة تحقق اللذة والمتعة، وإذا ما تساءلنا مرة أخرى: وما الغاية من هذه اللذة وممارستها؟ لكانت غاية الغايات التي لا يمكن عدها وسيلة لغاية أبعد هي: السعادة!

تعرف على: مفهوم الحكمة في الفلسفة

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أنواع الفضائل بالنسبة لأرسطو

5 facts about philosopher aristotle - السعادة في حياة الفضيلةالفضائل الأخلاقية “الأخلاق عند أرسطو”

إن أي فعل إنساني إذًا له غاية، وكل غاية تتحقق تنقلب في لحظة ما إلى وسيلة لتحقيق غاية أبعد، حتى ننتهي من سلسلة الغايات والوسائل إلى غاية الغايات التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها في حياته، والتي تمثل الخير الأقصى له وهي: السعادة.

فمن يرى أن الفضيلة المحققة للسعادة هي اللذة أو الجاه ناقشناه فيما يتصور، إذ إن اللذة إذا كان مقصود بها كما هو شائع اللذة الحسية كشفنا له أنها لذة وقتية ويعقبها الألم، فضلًا عن أنها لا تحقق ماهية الإنسان ووظيفته الأسمى.

أما من يرى أنها في الجاه أوضحنا له أنه وضع سعادته في يد غيره، إذ إنها هنا لدى مانح الجاه أكثر مما هي لدى ممنوحه، ثم أن الجاه من الفضيلة يعد في منزلة الجزاء أو المكافأة، أي أنه الجزاء الذي يصيب من اختار حياة الفضيلة، وبالتالي فحياة الفضيلة متقدمة على هذا الجزاء أو تلك المكافأة!

الفضائل الفكرية لدى أرسطو

الشجاعة التي هي وسط بين التهور والجبن، إلخ، وتلك هي الفضائل التي تصح بها حياة المجتمع الإنساني ويمارسها الإنسان وسط الناس وبين أفراد مجتمعه، أما الفضائل العقلية فهي ما عرفت لديه بفضيلة التأمل النظري التي هي فضيلة العقل بما هو كذلك، والتي بممارستها –في رأي أرسطو– تتحقق ماهية الإنسان، فبالتأمل يعرف الإنسان حقيقة الوجود من حوله، وبها أيضًا يدرك ضرورة وجود الإله ويتشبه به، ذلك لأن الإله عند أرسطو عقل يتأمل ذاته ونحن نتشبه به حينما نمارس فضيلة التأمل النظري، تلك الفضيلة التي تكسبنا الحرية والاستقلال عن الناس والمجتمع، ذلك لأن المرء لا يحتاج لممارستها إلا إلى عقله الواعي، فهنيئًا لمن عاش حياته ممارسًا لنوعي الفضيلة، لأنه في واقع الحال يكون قد أدرك وعاش حياة السعادة الكاملة.

“منقول بإذن من كاتبه”

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة:

مفهوم السعادة في الفكر الفلسفي اليوناني

“الإنسان” ذلك الكائن الأخلاقي

فيليس تمتطي ظهر أرسطو

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. مصطفى النشار

رئيس الجمعية الفلسفية المصرية، ورئيس لجنة الفلسفة بالأعلى للثقافة

مقالات ذات صلة