الأخذ والعطاء
من الكتب التي تستحق القراءة كتاب الأخذ والعطاء (give and take)، للكاتب آدم جرانت. عن مقارنة في النجاح والتوفيق بعيد المدى، بين من يريد أن يأخذ فقط، ومن هو مستعد للعطاء حتى لو كان دون مقابل.
عن ماذا يتحدث كتاب الأخذ والعطاء؟
الكتاب يتحدث عن علاقة العطاء للآخرين بالنجاح والفشل، والسعادة الشخصية والسعادة في مجال العمل، والكتاب مبني على أبحاث ومتابعات وإحصائيات.
يقول الكتاب أن البشر حين يتعرضون إلى طلب المساعدة من شخص غريب أو زميل أو جار، يمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أنواع..
المستحوذين
أولًا: نوع لا يريد العطاء، يريد أن يأخذ فقط، وحين يطلب منه أحدهم المساعدة يخطط أن يأخذ في المقابل مكسبًا أكبر أو عطاء أكبر! ولو لم يضمن هذا المكسب لا يساعد ولا يعطي!
لو ساعدتك بمجهود يساوي 20% فأنا أريد أن آخذ في المقابل ما يساوي 40%، يفكر هل سوف أحصل على مقابل أو مكسب أكبر من هذا العطاء أم لا؟ يعطي فقط بعد ضمان المكسب المقابل، مكسب في الوقت القريب ومضمون.
المماثلين
ثانيًا: نوع مستعد للعطاء مقابل قدر مساوٍ بالضبط لما يأخذه! لو ساعدتك بمجهود يساوي 20%، فلا بد أن آخذ منك مقابله مجهودًا يساوي نفس القدر 20%.
المُعطين
ثالثًا: نوع مستعد للعطاء بلا مقابل أو مقابل مكسب قليل، يحب العطاء من أجل العطاء ومساعدة الناس، مثل طالب مستعد للشرح ومساعدة زملائه، أو شخص مستعد لمساعدة أقاربه أو أشخاص لا يعرفهم حتى دون مقابل، إلخ من صور العطاء وفعل الخيرات.
مخاطر العطاء ومكافآته
قارنت الأبحاث بين الثلاثة أنواع من الشخصيات، من ناحية النجاح على المدى البعيد.
وجدت الأبحاث أن أغلب البشر من النوع الأول والثاني، يبحث عن مكسب أو على الأقل مقابل مساوٍ أمام كل شيء يعطيه أو يقدمه أو يفعله للآخرين، وأغلبهم يعيشون حياة عادية.
لكن أيضًا وجدت الأبحاث أن النوع الثالث هو النوع الذي يحقق إما نجاحًا كبيرًا أو فشلًا كبيرًا في حياته المهنية على المدى البعيد، نجاح كبير أو فشل كبير! هم أكثر الناس سعادة أو تعاسة في حياته الشخصية والمهنية!
أليس هذا عجيبًا؟! العطاء يجعل الإنسان على المدى الطويل إما أكثر نجاحًا أو فشلًا؟!
هذا مبني على متابعة هذا النوع من الشخصيات، المستعد للعطاء دون انتظار الثمن أو البحث عن المكسب المباشر، متابعة طلبة كلية الطب في بلجيكا، متابعة المهندسين في شركات كاليفورنيا، متابعة مندوبي المبيعات في ولاية كارولينا الشمالية، أبحاث كثيرة طويلة المدى، كلها تقول أن أغلب الناس لا يعطي إلا حين يضمن مقابلًا، مقابلًا مناسبًا وفي وقت مقبول.
بينما النوع المستعد لمساعدة الناس وزملائه حتى دون مقابل، هو النوع الذي يحقق على المدى الطويل إما نجاحًا كبيرًا أو فشلًا ذريعًا!
ما الذي يجعل بعض المُعطين يفشلوا في حياتهم؟
طيب النجاح جميل، مبروك لهؤلاء الناس الطيبين المستعدين لمساعدة الآخرين، هذا جزاء الدنيا والآخرة.
لكن ماذا عن الذين يفشلون رغم العطاء؟ ما السبب؟!
اتضح أن السبب يرتبط بثلاثة عوامل، هي ما تحدد مسار نجاح أو فشل الشخصية المعطاءة، فاعل الخير الذي يساعد الناس دون حسابات معقدة عن المكسب والخسارة، لماذا يفعل الخير؟ متى؟ لمن؟
أسباب فعل الخير
لماذا؟ وجدت الأبحاث أن الذي يفعل الخير لأنه مضطر أو محرج أن يقول لا للآخرين، ينتهي بالفشل في حياته، بينما من يفعل الخير وهو حر في اختياره، وبمزاجه، هو من يحقق النجاح والسعادة والرضا.
توقيت فعل الخير
متى؟ من يفعل الخير في وقت لا يناسبه، أو ظروف لا تناسبه، يكون أكثر تعاسة وفشلًا على المدى الطويل من الذي يفعل الخير في التوقيت والمكان والزمان الذي يناسبه، مع الأشخاص الذين يرى أنه راضٍ عن العطاء لهم، وليس مضطرًا.
لمن نفعل الخير
لمن؟ من يفعل الخير لأشخاص، وهو يعرف أنهم يستغلونه ويستغلون طيبته، يشعر بالتعاسة، ويفشل على المدى البعيد ويتعرض للأمراض النفسية، بينما من يعطي لأشخاص يشعر أنهم لا يستغلونه، يشعر بالرضا والسعادة والثقة بالنفس.
من يعطي وهو مضطر أو لشخص لا يستحق أو في وقت لا يناسبه، عادة ينتهي إلى الشعور بالإجهاد النفسي والدمار، وبالتدريج يقع في الإحباط والفشل والشعور بالمظلومية! الشعور أنه دائمًا ضحية استغلال الآخرين له ولطيبته!
كيف يمكننا اكتشاف المستحوذ المُتلبس بعباءة المعطي؟
يقول الكتاب أن الأشخاص الاستغلاليين الذين يجب البعد عنهم، وعدم تقديم العطاء لهم كي لا يستغلونك ويدمرون حياتك، يمكن أن تعرفهم من ملامح النفاق.
مثلًا يكون قاسٍ على من لا يحتاجهم أو أضعف منه، بينما يكون لطيفًا وشديد اللطف مع الناس الذين يحتاجهم أو يحتاج خدمات منهم، أو أعلى منه في المركز والقوة.
هؤلاء أشخاص نرجسيون يعدّون أنفسهم واحتياجاتهم ورغباتهم مركز العالم، وعلى كل الناس الاهتمام بها والشعور بها، بينما ليس عليه تقدير مشاعر الآخرين وظروفهم.
يعني مثلًا الناس الذين قال عنهم القرآن الكريم: “يسألون الناس إلحافًا”.
كتاب ممتع جدًا، فيه كثير من الإحصائيات والأرقام التي تساعد كل من يحب العطاء على أن يطمئن إلى أن النجاح قادم، وتساعده أيضًا على اختيار من يستحق المساعدة والبعد عن من يريد استغلاله، ليصل إلى هذا النجاح.
مقالات ذات صلة:
ملخص ومراجعة لكتاب بناء الأعمال على الإنترنت
كتاب الانهيار للمؤلف “جارد دياموند”
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا