مقالاتفن وأدب - مقالات

لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم – هل طلب المساعدة معناه الضعف؟ (الجزء الثالث)

تحدثنا في الجزء الأول والجزء الثاني أن هنالك تسعة أخطاء لا بد من الابتعاد عنها حتى لا نكون لطفاء أكثر من اللازم، وقد قمنا بشرح الخطأ الأول والخطأ الثاني، والآن ننتقل إلى الخطأ الثالث ( طلب المساعدة )

الخطأ الثالث: هل تحتاج إلى المساعدة؟

وهو عدم قول ما تريد، يقول ديوك روبنسون يواجه الشخص اللطيف أحيانا حالات عندما يريد شيئا ما من الآخرين، فيكون خائفا بأنه إذا طلب فسوف يعتقدون أنه مستغل ولن يعطوه له، أو أنهم يستغلون صداقته، وإذا لم يطلب سيفترضون أنه لا يريده، وفي أي من الحالتين فلن يحصل على ما يريد،

هو يخاف أن يرفضون طلبه مع أنه لم يحاول حتى أن يجرب، وهذا السلوك يصعّب علي اللطفاء حياتهم؛ إذ إنهم يواجهون كل المشاكل بمفردهم دون طلب المساعدة من أي أحد.

يقول ديوك روبنسون على بعض الدوافع النفسية التي تقود اللطفاء إلى عدم القدرة على طلب المساعدة برغم أنه وكما أوضحنا في المقالات السابقة قد يفعل ما فوق طاقته حتى يخدم غيره ولكن دوافعه النفسية تقيد فمه عن النطق فيما يخص الحديث عن احتياجه للمساعدة،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومن هذه الدوافع أننا نعتقد أن ما نطلبه قد يكون غير مناسب اجتماعيا ونهتم جداً بآراء الناس في أفعالنا ولا نقوم بأي فعل إلا بعد التفكير في مدى صداه وأثره عند الناس في المنظور العرفي وليس الصواب والخطأ، فنحن نرفض أن نقوم بأي فعل من شأنه أن يؤثر على لطفنا أمام الآخرين فنحن لا نريد الظهور بمظهر الضعفاء.

الفرق بين مفهوم المساعدة ومفهوم الضعف

فدائما ما يخلط الشخص اللطيف بين مفهوم المساعدة ومفهوم الضعف، ولرفضه بأن يراه الآخرون في حالة ضعف يستغني عن طلب أي مساعدة من أي شخص ويتحدث ديوك روبنسون أيضاً أن من أحد أهم هذه الدوافع التربية الخطأ؛ إذ إن بعض الآباء يقومون بزرع فكرة رفض المساعدة أو أن يقولوا لأبنائهم أنهم قد كبروا ولا يجوز لهم طلب المساعدة من أي أحد، فيتولد لدى الأبناء الربط بين النضوج والاستقلالية وعدم طلب المساعدة،

ويتدخل الخطأ الأول وهو النزعة إلى الكمال والخطأ الثاني وهو الالتزام بما هو أكثر من الطاقة ليدفعونا لعدم المقدرة على قول ما نريد وأن نظهر أننا في أحسن حال، بينما نحن في أمس الحاجة إلى المساعدة، ولكن خوفنا على أن يفهمنا الآخرون بشكل خاطئ أو أن يهجرونا، وخوفنا على مظهرنا وتصوُّرنا أن طلب المساعدة يتعارض مع اللطف، كل هذا يجعلنا نطوي طلباتنا طي الكتمان!

ثمرة التعاون

ولكن هل تستمر الحياة بهذا الشكل؟

للأسف لا؛ فنحن نمنع أنفسنا من التمتع بأحد مميزات الصداقة وهي التعاون، ومن أجل ذلك وجب علينا أن نعترف أن عدم قول ما نريد هو خطأ محبط للذات ونتقبل فكرة أن سكوتنا عن طلب المساعدة هو خطأ في حق أنفسنا حتى لا نفعله مرة أخرى ونتقبل فكرة التعاون ومعرفة أن العلاقات الناجحة مع الأصدقاء تنتج ثمرة التعاون ومساعدة الآخرين،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومن الأفضل الاعتراف للآخرين بأن لديك مشكلة في طلب المساعدة حتي يتمكن الآخرون من إبداء النصائح والوقوف بجوارك في محنك، وهذا دورك أنت الآخر في حالة ما إذا طلب أحد منك المساعدة.

الإنسان مدني بطبعه، أيْ كائن اجتماعي يحتاج لغيره كما يحتاج غيره له ومن هذه القاعدة علينا معرفة أن مساعدتنا للآخرين ومساعدة الآخرين لنا يقوي العلاقات ولا يضعفها طالما كانت في حد المعقول.

نستكمل إن شاء الله…

اقرأ أيضا :

لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم (الجزء الأول)

لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم (الجزء الثاني)

اضغط على الاعلان لو أعجبك

متى يكون الإنسان ممسوخاً؟

مؤمن أحمد سيف

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ أسيوط

مقالات ذات صلة