مقالاتفن وأدب - مقالات

لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم (الجزء الثاني)

تحدثنا في الجزء الأول أن هنالك تسعة أخطاء لا بد من الابتعاد عنها حتى لا نكون لطفاء أكثر من اللازم وقد قمنا بشرح الخطأ الأول وهو النزعة إلى الكمال موضحين أسبابه وآثاره وكيفية معالجته، والآن نتحدث في هذا المقال عن الخطأ الثاني وهو:

1- القيام بالتزامات أكبر من طاقتك؛ (عادة دون أن نشعر، يوقعنا لطفنا في مأزق: إذا قلنا لا لشخص ما يطلب بعضا من وقتنا نشعر بالأنانية والذنب، وإذا حاولنا أن نفعل كل ما يطلب منا فإن التعب يستنزف حيويتنا وفعاليتنا واستمتاعنا بالحياة بلا شفقة.)

هل تخجل من قول لا وترفض أن تفصح عن عدم قدرتك على تنفيذ طلب شخص ما؟ هل قمت مسبقا بقبول أشياء أضرت بصحتك أو استهلكت وقتك لترضي شخص ما؟ هل استعار أحدهم أدواتك التي تحتاج إليها ولم يعدْها ولم تمتلك شجاعة الاتصال به وتطلبها منه؟

إذا كنت أحد هؤلاء فللأسف أنت على غير الصواب، ويجب عليك أن تتوقف عن هذا حتى لا تضر بمصلحتك فيما لا طائل منه، ولتوضيح مدى السوء النابع من عدم قدرتنا على قول لا وتكليف أنفسنا بما هو زائد عن طاقتنا سوف أحكي لكم قصتين بخصوص هذا الأمر

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 القصة الأولى

هي لصديق لي يدعى محمد كان يعمل في أحد الشركات وكان محباً لعمله جداً وكان ناجحاً في حياته العملية ولكنه مل من الروتين الخاص بالعمل فلجأ إلى أن يتطوع في عمل خدمي بجانب وظيفته؛ وذلك لكي يساعد المحتاجين ويقدم لهم الخدمات اللازمة، وبعد فترة بدأ محمد يهمل في عمله الخاص بالشركة ويصب كل جهده في العمل التطوعي وذلك لعدم قدرته على رفض أي طلب لمحتاج أو لأصدقائه في العمل التطوعي،

فبدأ يحمل نفسه ما لا تحتمل لدرجة أدت إلى الإهمال التام في العمل الخاص مما تسبب في رفضه من العمل بالشركة وأصبح عاطلاً وغير قادر على العطاء كما كان يفعل مسبقاً وأصيب ببعض الأزمات المالية والمشاكل الأسرية،

وبعد فترة من فقدة لمصدر عيشه أخذ محمد بترك العمل التطوعي والبحث عن عمل وهو يشعر أن السبب فيما وصل إليه هم أولئك الناس الذي كان يعطف عليهم وأنه أخطأ حينما انضم إلى عمل تطوعي ومن ثم أصيب بالاكتئاب!

في رأيكم ما هي الدوافع النفسية التي تسببت في تغيير حياة محمد بهذا الشكل؟ صحيح، هو التزامه بأشياء أكبر من طاقته وعدم قدرته على تنظيم أولوياته، فلو أن محمداً التزم بخدمة المحتاجين في أوقات فراغه لما فصل من عمله وما وقع في كل هذه المشاكل!

 القصة الثانية

حدثت أيضا لصديق، هو طالب جامعي وكان يخجل من رد أي طلب حتى وإن كان غير قادر على تنفيذه، فقد طلب منه أحد الجيران أن يقوم بمراجعة مادة اللغة الإنجليزية لابنته وهي طفلة في الصف الرابع الابتدائي، ولم يكن صديقي متميزا في مادة اللغة الإنجليزية بل على العكس،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولكن خجله من رفض الأمر جعله يوافق على الأمر وبالفعل قام بأقصى ما يمكن فعله تجاه الطفلة، ولكنه كان غير كافٍ؛ فقد رسبت الطفلة في مادة اللغة الإنجليزية مما تسبب في حزن الأب ومن ثم حدثت بينهم مشادة انتهى الامر بها لانقطاع الصداقة بينهما!

وهنا أيضا نسأل ما هو سبب هذه المشكلة بينه وبين جاره؟

كان السبب هو قبوله لشيء هو غير مؤهل له وليس في استطاعته. للأسف لطفك الزائد بتحميلك ما لا طاقة لك به لا يؤدي كما تظن لإرضاء الناس بل يؤدي إلى استغلالك، وقد يتسبب في مشاكل بينك وبينهم، إذا ما هو الحل؟

الإجابة هي أن نعلم أن ما نقوم به تجاه الغير هو ليس بواجب ولا بشرط لاستمرار العلاقة وإلا كانت العلاقة مشروطة بمصلحة وهذا يعني أن تنتهي العلاقة بانتهاء المصلحة، وهي بهذا الشكل تكون من البداية علاقة غير سليمة فلا يجب علينا أن نلزم أنفسنا تجاه الآخرين إلا بما في استطاعتنا وبما لا يضر بمصلحتنا الشخصية ونبتعد عن الأشخاص الذين يستغلون صداقتنا.

نستكمل في مقالات أخرى إن شاء الله

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضًا :

لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم .. كيف يؤدي بنا اللطف الزائد إلى السلوكيات الخاطئة؟ (الجزء الأول)

الحق سينتصر رغم انتشار الباطل – وسنن التاريخ لا تدعو لليأس

هو الحشيش حلال؟ بالمنطق تتضح الأمور لنصل إلى الحقيقة الكاملة

مؤمن أحمد سيف

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ أسيوط

مقالات ذات صلة