إصداراتمقالات

أين نحن الآن؟

خلق الله هذا الكون بكل ما فيه من موجودات وجعل الإنسان أمينا على كل ذلك؛ وباختلاف بني البشر بينهم من معتقدات وأشكال وأجناس وثقافات ولغات كانت وما زالت هناك صفة مشتركة بين الجميع مع اختلافاتهم وهي “الإنسانية”.

مُيز الإنسان عن سائر الموجودات بالعقل تلك القوة الجبارة التي كان لها الفضل في تطور البشرية من العصور البدائية للإنسان حتى عصور ما بعد الحداثة “ما نعيشه الآن”، وجعله مناط تكليفه للتعامل مع كل ما هو موجود على ظهر ذلك الكوكب؛ ذلك الكوكب الذي كان للإنسان المسئولية عن الإخلال بالتوازن البيئي والطبيعي فيه وليس فقط ذلك بل الإخلال بفطرة الإنسان نفسها التي فطره الله عليها ووسط ذلك التصارع بين قوى الإنسان العقلية والشهوية والغضبية وبين ذلك التزاحم بين إرادات بني البشر كان النصيب الأكبر لوجود تلك الصفات العدمية من الشرور والفساد والجهل والفقر كناتج طبيعي للإخلال بذلك التوازن، فلم يكن من الغريب في القرن الواحد والعشرين سماع السؤال الذي طالما ظل يؤرق البشرية على مر العصور المختلفة وسط أطروحات فكرية متفاوتة بما كان له متسع من الوقت للإجابة عليه إجابة وافية ومازال وهو: من أين وإلى أين وبأيّ؟

ذلك السؤال الذي يشترك فيه الطفل الصغير والفيلسوف الكبير أيضا لما له من إجابة قد تغير معتقدات وقناعات وسلوكيات البعض بل مصائرهم أيضا، فللإمام الغزالي مقولة تقول “فالواجب عليك أن تعرف نفسك بالحقيقة حتى تدرك أي شيء أنت ومن أين جئت إلى هذا المكان ولأي شيء خلقت وبأي شيء سعادتك وبأي شيء شقاؤك؟”

تلك الرحلة التي يخوضها الإنسان للبحث عن الحقيقة بداية من معرفة حقيقة نفسه إلى حقيقة وجود خالق ومنظم لهذا الكون العظيم ..رحلة البحث عن الكمال؛ فكمال النفس البشرية الاهتمام بما هو أصيل ومجرد فيها حتى تصل لتلك السعادة الحقيقية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

“السعادة” كلمة لها رواج كبير في المجتمع وما أكثر بائعيها ولكن حتما بكثرة الأطروحات والأفكار فهناك دوما حقيقة وهناك دوما سبيل يرشدنا إلى تلك الحقيقة ولكن لكل شيء يستحق يجب أن يبذل له الجهد والعطاء والتضحية في سبيل نشر الحقيقة المنشودة المطابقة للواقع ( أي الحقيقة كما هي في ذاتها)؛ لكنّ الحال الذي نعيشه الذي يهتم بما هو مادي بالإنسان الذي طمس هوية الحقيقة وجعل لها وجوها كثيرة ما كان لذلك إلا الترحيب في البعض المجتمعات والترسيخ له وتطبيقه وإسقاطه على القيم الإنسانية التي لا خلاف عليها

فأصبح العدل أمرا نسبيا قد يكون ما تراه أنت ويكون أيضًا ما أراه أنا تلك المجتمعات التي اختلت بها جميع القيم وتهاوت وأصبحت المادة هي من لها السيادة  وأصبح البقاء للأقوى وأصبح الإنسان هو مركز كل شيء والذي بدوره وضع العقبات للوصول للحقيقة بموانع ومعوقات للتفكير فواجب أن نطرق تلك الأبواب في عقولنا لندخل إليها النور ” نور المعرفة والعلم لتضيء عقولنا كي ينتج لنا المفكرون والعلماء والفلاسفة الذين ما كانت حياتهم سوى تكريس لتلك المخرجات العلمية من كتب في شتى العلوم المختلفة وأطروحات فكرية تدرس حتى الآن بالجامعات.

دعونا نمضي سويا لخلق ذلك التوازن الذي هو مراد الله في الارض وخلق سبل للتوافق ومجال للحوار فالإنسان العاقل هو من يترك مساحات للحوار والنقاش هو من يميز الحق عن الباطل، هو من يدرك الحسن والقبح، هو القادر على التفكير بصورة سليمة ومنهج عقلي سليم كأداة كاشفة للواقع للوصل إلى الحقيقة المنشودة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

محمد حسن

 

طالب

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة