مقالاتقضايا شبابية - مقالات

العودة حق! فلسطين القضية الكاشفة – نكبة أم تطهير عرقي للشعب الفلسطيني

ذكرى النكبة الفلسطينية و تطهير عرقي لشعبها

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حاليا صورة لأهلنا في فلسطين بين عامي 1948 و2018، في صورة عام 1948 يخرج الفلسطينيون حاملين أطفالهم وأمتعتهم وذكرياتهم وآمالهم وأحلامهم، يجترون آلامهم مبعدين من أرضهم، وفي صورة عام 2018 يعودون! في مسيرات العودة الكبرى التي يقوم بها أهلنا في غزة وغيرها من أجزاء فلسطين الحبيبة حاليا، يسعون للعودة لديارهم التي أُخرجوا منها بالقهر والعدوان والمجازر.

ذكرى النكبة

تطل علينا في تلك الأيام ذكرى ثقيلة على النفس والقلب، موجعة لكل ضمير يقظ، ذكرى النكبة، نكبة الشعب الفلسطيني والضمير الإنساني في ذكرى إعلان قيام”دولة إسرائيل” .

وإلى النكبة يشير الدكتور عبد الوهاب المسيري في مقال له بعنوان”نكبة أم تطهير عرقي ” موضحا ضرورة التعبير عما حدث في عام 1948 ووصفه بـ”التطهير العرقي” وذلك نقلا عن المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه  في كتابه “التطهير العرقي في فلسطين “.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وعن تعريف التطهير العرقي أولا يقول المسيري:” تعرّف موسوعة «هاتشينسون» Hutchinson «التطهير العرقي» بأنه طرد بالقوة من أجل إيجاد تجانس عرقي في إقليم أو أرض يقطن فيها سكان من أعراق متعددة. وهدف الطرد هو ترحيل أكبر عدد ممكن من السكان، بكل الوسائل المتاحة لمرتكب الترحيل، بما في ذلك وسائل غير عنيفة”

خطة لتهجير الشعب

ويشير المسيري في مقاله لرفض المؤرخ الإسرائيلي وتفنيده لأفكار خروج الفلسطينيين طواعية من أرضهم أو بسبب وعود الجيوش العربية بعودة النازحين لديارهم بعد انتهاء الحرب وغيرها من الأكاذيب التي يروجها الصهاينة، ويقوم بتوضيح أن ما جرى في فلسطين هو عملية تطهير عرقي تمت وفق خطة محكمة سميت الخطة “داليت”. وضعها الصهاينة بقيادة “بن جوريون” لتهجير الفلسطينيين من أرضهم بالقوة وذلك لأنهم رأوا أن أرضا معظم سكانها من الفلسطينيين لن تقوم عليها دولة يهودية، لذلك كان الحل هو التخلص من السكان الفلسطينيين بحيث تميل كفة الميزان الديموغرافي لصالح اليهود وبالفعل تم طرد ما يقرب من 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين.

وكانت الخطة هي إثارة الرعب والترويع من أجل إخلاء السكان بالقوة وشَمل ذلك كل ما يمكن أن تتخيله من طرق بشعة شملت تلويث قناة المياه التي تصل عبرها المياه إلى عكا بجراثيم التيفود، وعشرات المذابح مثل مذبحة دير ياسين وغيرها وحالات الاغتصاب المتعددة وهدم القرى وتدمير المدن وطرد القبائل البدوية، ومن أمثلة تلك الجرائم أن كانت القوات الصهيونية تُدحرج براميل مملوءة بالمتفجرات وكريات حديدية ضخمة في اتجاه المناطق السكنية العربية، وتصب نفطاً ممزوجاً بالبنزين على الطرقات وتشعله. وعندما كان السكان الفلسطينيون المذعورون يخرجون من بيوتهم راكضين بغية إطفاء تلك الأنهار المشتعلة، كان اليهود يحصدونهم بالمدافع الرشاشة، وغيرها من صور الوحشية والبشاعة والقتل بدم بارد التي يمكنك الاطلاع عليها مُدونة في صفحات تاريخ الإنسانية السوداء! تملأ الكتب التاريخية.

عملية تطهير عرقي

إذن كانت النكبة عملية تطهير عرقي تم تنفيذها وفق خطة محكمة من قبل حتى إعلان دولتهم المزعومة التي قامت على المجازر والمذابح والقتل والتشريد والتدمير والخراب.

واليوم يحاول أصحاب القرى العودة لقراهم التي تنادي أهلها، لبيوتهم التي أجبروا على الخروج منها، يعودون لذكرياتهم وآمالهم وأحلامهم التي تركوها هناك معلقة، يعودون لوطنهم .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

غير أن آلة القتل الإسرائيلية الهمجية تأبى عليهم ذلك، كما أخرجتهم منها من قبل تحصدهم شهداء وجرحى اليوم أيضا وترتكب مجزرة جديدة في قطاع غزة الأبيّ الذي يعيش أهله حالة حصار وتجويع مُتعمَّد من قبل الدولة العنصرية التي قامت على سلب حق أبنائه.

ترتكب تلك المجزرة وليس ببعيد منها تحتفل الولايات المتحدة الأمريكية بنقل سفارتها للقدس الشريف بعد الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، في مفارقة تنقلنا لما قبل سبعين عاما حيث كانت أمريكا هي أُولى الدول اعترافا بدولة اسرائيل بعد الإعلان عن قيامها!

أمريكا الحليف التاريخي والراعي لدولة العنصرية والظلم والقتل والتهجير والوحشية ووريثة التركة البريطانية في دعم الصهاينة، فقط لو أننا نأخذ من التاريخ عبرة وعظة تعُرِّفنا عدونا الحقيقي وعدو الإنسانية كلها!

تحية للشعب الفلسطيني

يستمر الشعب الفلسطيني في تقديم التضحيات والشهداء والجرحى دفاعا عن وطنه، وعن حقه، وعن العدالة في عالمنا، يواجه القتل والهمجية والعنصرية بثبات وصمود وعزيمة ويقين يعطي درسا في الكفاح والدفاع عن الحق لكل صاحب قضية في العالم ولكل مدافع عن حق.

ومن تلك المشاهد العظيمة مشهد الشهيد”فادي أبو صلاح” الذي فقد كلتا رجليه في الحرب على غزة عام 2008، إلا أن ذلك لم يمنعه من المشاركة في مسيرات العودة الكبرى دفاعا عن الأرض والحق والعدل ليرتقي شهيدا بعد أن أدى الواجب وليكون صفعة في وجه العالم المتخاذل عن نصرة المستضعفين والمقهورين ومسلوبي الحقوق المظلومين، وليضع كل منا في مواجهة أمام نفسه التي تتدعي العجز عن مواجهة الباطل ونصرة الحق وضيق الحال.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أمام تلك التضحيات العظام تبدو سخافة ادعاءات أن الفلسطينيين”هم اللي باعوا أرضهم” أو أنهم تنازلوا عنها برضاهم!

تحية لهذا الشعب العظيم المقاوم الصامد الثابت المرابط الذي كان ومازال قدوة في نضاله لكل مدافع عن العدالة ونموذج مشرف تفخر به الإنسانية حتى أن الكثيرين من أهل القول لا الفعل والظاهر لا الحقيقة يسارعون لإعلان رفضهم للعدوان الإسرائيلي الغاشم وللانحياز للمظلومين المقتولين المسلوبة حقوقهم لعلهم يصيبهم بعض من شرفهم وكرامتهم فقط، ولعلهم بذلك ينفضون عن أنفسهم عار التخاذل!

تحية لأهل غزة الذين صاروا حجة على كل متخاذل عن الدفاع عن الحق والعدل، والذين يواجهون أسوأ ما أنتجته البشرية من بشاعة وهمجية مع قلة الناصرين!

المراجع:

مقال نكبة أم تطهير عرقى

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقال الخطة داليت

مقال دير ياسين ونموذج التطهير العرقي

 

اقرأ أيضًا :

“فلسطين حرة.. ستبقى قضيةً حية”

القضية الأهم في عالمنا اليوم.. كيف ننصر فلسطين؟

فلسطين ومركزية القضية

داليا السيد

طبيبة بشرية

كاتبة حرة

باحثة في مجال التنمية العقلية والاستغراب بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

حاصلة على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

مقالات ذات صلة