مقالات

هل الوقاية من فيروس كورونا المستجد COVID 19تحتاج إلى تباعد اجتماعي أم تحتاج إلى تباعد جسدي؟

انتشر في وقت قريب منذ تفشي فيروس كورونا المستجدCOVID 19 ، في أواخر شهر ديسمبر الماضي عام (2019)، في مدينة “وهان” عاصمة مقاطعة “هوبي” وسط الصين، مصطلح ” التباعد الاجتماعي”  Social Distancing  وزاد من انتشار هذا المصطلح ارتفاع معدلات الإصابة به في “الولايات المتحدة الأمريكية”، والتي نادت بأهمية التباعد الاجتماعي بين مواطنيها؛ تقليلا لمعدلات الإصابة بالفيروس، ثم انتشر المصطلح إلى باقي دول العالم، خاصة بعد أن صرحت “منظمة الصحة العالمية”  WHO  أن الفيروس المستجد ينتقل بشكل رئيس عن طريق القطيرات التي يفرزها الشخص المصاب بالعدوى عندما يسعل، أو يعطس، أو يتنفس، ويمكن أن يصاب الشخص السليم بالعدوى عن طريق التنفس إذا كان قريبا جدا من شخص مصاب مسافة تقل عن ستة أقدام؛ أي مسافة (1,8) متر تقريبا، وبالتالي فإن الوقاية من الفيروس تتطلب الحفاظ على التباعد بين الأشخاص مسافة لا تقل عن (1,8) متر.

أين موقع التباعد الاجتماعي؟

وكان السؤال الذي يلح في ذهني مرارا – على اعتبار أنني أنتمي إلى مدرسة علم الاجتماع، وتحديدا مدرسة علم اجتماع جامعة المنيا، التي أفتخر وأعتز بانتمائي إليها – أنه إذا كانت هذه الشروط الوقائية الصحية تتعلق بالبعد الجسدي بين الأشخاص في حدود المسافات المذكورة، فأين موقع كلمة “اجتماعي” من الإعراب؟ وما الداعي إلى مزاحمة ومحاشرة كلمة “اجتماعي” مع “كلمة “تباعد” في مصطلح واحد؟

فالبشر عموما _الأسوياء منهم تحديدا_ وفي ظل الأوقات العصيبة يحتاجون إلى التقارب الاجتماعي، والتواصل العاطفي بينهم، وبين أصدقائهم، ومعارفهم، من باب المؤازرة، والتقارب، والتعاطف، فإذا كانت الوقاية من الفيروس المستجد تستلزم البعد الجسدي، إلا أنها في الوقت نفسه لا تستغني عن التقارب الاجتماعي، وإذا كان إبطاء انتشار الفيروس، وتستطيح منحنى الإصابة به يتحقق ببقاء الناس في منازلهم فهذا يعني ضرورة “التجنب الجسدي، المادي Physical Spacing  الذي لا يعني إطلاقا التجنب والتباعد الاجتماعي.

إذن دعونا نناشد الناس بأهمية وضرورة ” التباعد الجسدي”، الذي يساعد وبلا أدنى شك على الحفاظ على مسافة جسدية مناسبة، ولكن هذا لا يمنع من الحفاظ على التقارب الاجتماعي، والتواصل التعاطفي بين الناس؛ فالوقاية من الفيروس المستجد تستدعي التباعد الجسدي، ولكن لا تستغني أبدا عن التقارب الاجتماعي، والتآزر، والتواد، والتراحم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولنتذكر سويا قول رسولنا الكريم (ص):

)  مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ الواحد؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى(. _رواه البخاري

وقوله (ص) أيضا

( المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه). رواه البخاري

إذن الوقاية من فيروس كورونا تحتاج إلى تباعد جسدي وليس تباعدا اجتماعيا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضا:

التعايش والكورونا

فيروس كورونا (كوفيد19): ما هو؟ وكيف نحاربه؟

كورونا ومحو الأمية العلمية

د. أحمد محيي خلف

مدرس التخطيط الاجتماعي والتنمية – قسم علم الاجتماع – كلية الآداب – جامعة المنيا

مقالات ذات صلة