مقالات

معضلة الببغاوات

هذا الببغاء يثرثر كثيرًا! لا يحفظ السر، لا يفهم المعنى، لا يطور المحتوى! فقط ناقل أمين، ينشر ويبخل حتى بكلمة (منقول) لأنها تعديل أو إضافة لا يستطيع منحها! كما أن تلك الإضافة (منقول) تسلب الببغاء كثيرًا من فخر بطولة الإنشاء والمدح على إبداع لم يمتلكه يومًا!

حديثه ترديد أحمق، لا أصل ولا أصالة، يكتظ كلامه بالمتناقضات التي لا تنتهي لأن المصادر مختلفة ومتناقضة! ولا حيلة في مراجعة أو تدقيق أو انتقاء، بل استمرار في الثرثرة المتدفقة دون وعي أو معالجة!

هل تفهم الببغاوات ما يتردد؟ أدوات الببغاوات ترديد أصوات لا الكلمات! فلا علاقة لها بالمعاني والرسائل ولا يثير فضولها تشفير الأصوات بالمعاني لإعادة فكها عند المُستقبِل! فلا مُستقبِل ولا مُستقبَل في أحاديث الببغاوات! لا نقاش يرجى معها أو حوار يمكن البناء عليه!

تفتخر الببغاوات بما تردد وتدعي فيه الحكمة والسلامة والصدق، وتظن أن نقلها الأمين يمنحها أفضلية أو مصداقية!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثم تكون معاركها الشكلية الهامشية اللفظية!

عندما تستخدم الببغاوات اللغة فإنها تستخدم منها الأصوات لا المعاني، وتهتم بالشكل لا الجوهر، وتحصر نفسها في الترديد لا التطوير أو الفهم!

فينقسم إطار اللغة عند الببغاوات إلى نوعين واضحين متقابلين، عند ببغاء هو الاستخدام المتشدق المتفيهق المتحذلق المتكلف المصطنع المستعرض المتنطع الغريب العجيب الرنان الطنان، وبالطبع في انفصال كامل عن المتلقي أو معرفة أهمية وصول الفكرة قبل وضع حواجز من التقاليد المنمقة في طريق البساطة والوضوح!

وفي المقابل يكون الإطار المتساهل للغة عند ببغاء آخر، فيهاجم الأول ويهجم على صعوباته وتعقيداته في مقابل تصور متطرف في الاتجاه الآخر! فيستخدم الشائع الوقح والسهل الساذج والبسيط المنفلت، ويقذف علينا الأصوات الهشة والتراكيب الرخوة والركاكة البليدة والمعاني الضحلة بدافع مقاومة التعقيد ومحاربة الصعوبة!

تتوه الأفكار بين أصوات الببغاوين، بين المتعالي المضخم المفخم والمتساهل السافل الوقح! ويكون كل منهما ترديد لما يؤيد توجهه، فيلتزم بمعضلة الببغاوات التي لا تدقق أو تحلل أو تناقش بل تستمر في الترديد والتسويق لأصوات فقط، قبل أي مراجعة أو وقوف على الموضوعية أو النقاش غير المتحيز! وتستمر معضلة الببغاوات في الترديد الأحمق دون ذكر المصادر أو معرفتها أو فهمها، ودون التأكد من صلاحية ما يُقال وعصريته وصدقه وفائدته!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة:

نوعك إيه يا صاحبي؟

تفاهة الشعوب

كيف نتعامل مع المعلومات؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

م. أبو سفيان

مهندس وكاتب وفنان تشكيلي مصري، مدرب ومتحدث تحفيزي وصانع محتوى، باحث في الخطابة والتغيير الإيجابي والتطوير القيادي

مقالات ذات صلة