مقالات

هو الدولار بقى بكام النهارده؟ – متى نتخلص من هذا السؤال؟

أزمة الدولار

كَثُرَ الحديث هذه الفترة عمَّا يُسمى “بأزمة الدولار” فأصبح السؤال المتداول بشكل يومي، بل كل بضع ساعات أحيانا عن سعر الدولار كنوع من تحديد قيمة العملة المحلية مقابل العملة المعتدمة عالميا لمعرفة ما ستؤول إليه أسعار البضائع والمستهلكات و ..إلخ من ارتفاع أو انخفاض في السعر أو غيرها من تفاصيل اقتصادية بحتة لا داعي لنا بجوهرها، ولكن الملفت للنظر هو تهافت المجتمع بمختلف طبقاته بأعين مترقبة لمتابعة تلك الأزمة.

ولا ضير، في أن يقلق المجتمع من أول مسؤولية حتى أبسط مُعيل لأسرته علي فقدان احتياجاته المادية، بل وحتي من الواجب أن يدبر احتياجاته تلك بكل جهده؛ لأن “لبدنك عليك حق”  -ولا شك أن تلك الأزمات الطاحنة هي نتاج النظام العالمي المادي الذي لا يُراعي حقوق الضعفاء ولا يُحقق العدالة الاجتماعية، مما يؤثر علي الشعوب البسيطة في أن تحصل على حقوقها في الرقي والتقدم؛ بل إلى أبسط من ذلك في أن تحصل أحيانا علي قوت يومها.

بين أزمة الدولار وأزمة الفقر المعرفي!

ولكن لنستغل تلك الفرصة بأخذ مقارنة سريعة بين ردة فعل المجتمع من المتابعة الحازمة والترقب الصارم أو ردود الفعل المختلفة والاهتمام الزائد والمطالبة بالحل السريع لأزمة مادية كأزمة الدولار -قد تستحق ذلك-  وبين ردة فعل نفس المجتمع حول أزمة الفقر المعرفي والثقافي و تدني التعليم بل والفقر الأخلاقي والجهل المتفشي.

ولنَنْظر للمفارقة بين السعي المادي المنتشر والسعي الثقافي المتدني؛ المُتمثل -كأبسط مثال- في جمع المزيد من الدولار لتصبح أكثر غنى، بالمقارنة لجمع المزيد من “الكتب” لتصبح أكثر علما.  (بالرغم من أن الكتب ومصادر أبسط وسائل المعرفة متوفرة حولنا أكثر من غيرها ولا يوجد بها أزمة!) .  سيظهر الفرق الكبير بين تعامل المجتمع مع الأزمتين، مع أن كلتيهما لا تقل خطرا عن أختها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وإذا نظرنا للأزمتين من حيث النتائج؛ فإن أزمة الفقر المعرفي لم تجنِ سوى انتشار الأفكار الخاطئة والانحلال الأخلاقي وجعلت المجتمع يَحيَا في حالة فراغ معرفي لا يعبأ بها حتى إذا كلَّفه ذلك التخلي عن الضمير الأخلاقي، المهم هو أن يسد احتياجاته المادية بأي طريقة!

إن السباق المادي والسعي إلى التطور المالي لا يضُرَّنا، ولكن المخيف هو إعطاء الجسد حقه في حين تمَّ إهمال العقل والروح وأُهمِلَ السعي علي احتياجاتهم المعرفية والنفسية.

الجسد يتبع العقل وليس العكس

ولقد كرم الله الإنسان بالعقل على سائر المخلوقات، فمن شُكر النعمة؛ الاهتمام بها وتطوريها وعدم إعلاء جانب الجسد “المادي” عليها، بل وإخضاع كل ما هو دونها من المادة لها،  ولابد أن نشير أن المجتمعات المتقدمة اقتصاديا هي بالأساس ناتجة عن تقدم علمي وثقافي ومعرفي؛ أي أن الوعي والمعرفة هما حجر الزاوية لبناء تلك المجتمعات ومن عندهما تبدأ النهضة الحضارية.

فالأفراد الواعون بالطبع قادرون على ترجمة معرفتهم وثقافتهم في شكل عملي ليعود بالنفع على الأمة؛ أي أن البداية تكمن في الاهتمام بالعقل، فإذا ما توقفت العجلة أو انهار الاقتصاد كان العلم مع توظيفه الصحيح بالمعرفة هو المُعيد لبناء الأمة من جديد.

وتلك مسؤولية ُتحتم -علينا- أن نتابع باستمرار تطور عقولنا وهل هي بنفس  التصورات السابقة أم تتغير نظرتها للأمور بمرور الوقت؟،  وهل الكم المعرفي الذي تحويه عقولنا يُواكب سرعة “السوق” الثقافي العالمي؟، وكم نملك من “الاحتياطي” العلمي لنواجه به أزمات الجهل وتدني الأخلاق؟   ويُحتم ذلك علينا أن نفكر يوميًا بسؤال أرقى وأجمل:   “عقلي بكام النهاردة؟”.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضا

بين الانتماء والعصبية

تحنان إلى الأمومة

 قعدة ستات – عن حقوق الزوجة والظلم الذي تتعرض له في المجتمع

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

آية عطافى

عضو فريق مشروعنا بالمنصورة

مقالات ذات صلة