مقالاتفن وأدب - مقالات

فيلم “أرق” …. الحق أحق أن يتبع

ما هي نتيجة الابتعاد عن الحق ؟

” أي “الأرق”،Insomniaكنت اُشاهد فيلمًا يُسمى ”
وكانت أهم شخصيتين في الفيلم هما الظابط والمُساعِدة التي كانت معه.

في البداية يأتي الظابط ومعه تاريخ من الأمجاد وسُلطة وشهرة واسعة، لكن مع كل هذا أخطأ خطأً جسيمًا، وكان خطأ الظابط في الفيلم أنه قتل زميله أثناء مهمته للقبض على المجرم، وهذا الخطأ شاهده المجرم بدون أن يدري أحد، فاتضحت غاية الظابط عندما عرض عليه المجرم عدم إفشاء سره، وتعهد بألا يُخبر زملاءه الظُّباط بذلك، وفي المقابل يتستر الظابط على جريمته ولا يقبض عليه ومن ثم لا يُعلن عن الحقيقة، هنا اتضحت غاية الظابط، اتضحت عندما اختار أن يحافظ على مجده وشهرته بدلًا من أن يعترف بالخطأ الذي ارتكبه وأن يتحمل تبعاته، وبالفعل خدع زملاءه وأوحى إليهم بأن المجرم هو الذي أطلق الرصاص وليس هو… لكن إن اعترف بخطئه، كان سيستطيع أن يقبض على المجرم مباشرة ويُعلن عن الحقيقة ويقف بجانب الحق.

هكذا كان الظابط، فكيف كانت المُساعِدة؟
كانت قد كُلفت بمهمة إنهاء إجراءات قتل زميلهم، فكانت تتقن عملها وتبحث في كل الاتجاهات الممكنة لكي تصل إلى الحقيقة، فوصلت إلى الحقيقة عندما وجدت رصاصة بجانب الحادث لم يكن لأحد أن يرى هذه الرصاصة بدون بحثها هذا، لكن عند وصولها إلى الحقيقة ومعرفتها بأن الظابط هو الذي قتل زميله وليس المجرم، لم تكن مُحبة للحق بالقدر الكافي الذي يجعلها تُعلن عن هذه الحقيقة بكل الوسائل الممكنة، وعدم محبتها للحق اتضح أيضًا في المشهد الأخير في الفيلم عندما حدث شجار بين الظابط والمجرم فقتلوا بعضهم البعض، فوجدت الظابط في لحظاته الأخيرة قبل أن يُفارق الحياة، وكانت ترغب في رمي الرصاصة، وليس من المهم إظهار الحقيقة لأنه لا أحد يحتاجها على حد قولها، ولأنها كانت مُعجبة به ومنبهره بتاريخه ومجده عندما رأته في البداية، هي سمحت لعواطفها أن تتحكم فيها، فكان هذا التصرف بدلًا من أن يتحكم عقلها الذي كان سيحكم بضرورة إعلان الحقيقة والوقوف مع الحق.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فكان لكل واحد منهم اختبار حقيقي، وفشلوا فيه بعدم اتباعهم للحق، فالظابط اختار لذة المجد على اللذة الحقيقة للحق، والمُساعِدة اختارت أن تتبع عواطفها وهواها بدلًا من الوقوف مع الحق وإعلان الحقيقة.

… من السهل على الإنسان أن يقول أنه يُحب الحق ويتبعه –بعد معرفته بالطبع-؛ فما أسهل القول، ومن السهل أيضًا على الإنسان قوله أنه في كل المواقف سيختار الحق ولن يختار أي شيء آخر، لكن في الحقيقة وفي الواقع يكون أيضًا من السهل عليه أن يفشل في اختيار الحق في أغلب المواقف التي يمر بها إن لم يكن كلها.

الاختبارات الحقيقية للإنسان لا يمر بها كل يوم، بل في حياته كلها من الممكن أن يمر بثلاثة أو أربعة اختبارات فقط، فهل أعددت نفسك لتلك الاختبارات؟
هل أعددت نفسك بحق على حُب الحقيقة؟
أم مجرد أقاويل تُرددها بلسانك فقط لا تُغني من الحق شيئًا؟

 

فلا عجب عندما تختار شهواتك على أن تقف بجانب الحق، فهل بحق أعددت نفسك على أن تموت دفاعًا عن الحق؟ أم كعادتك ستتخذ من الهروب حلًّا؟!، ثم تقول لنفسك أن في المرة القادمة سأختار الحق! وما يُدريك أنك ستعيش لحظة إضافية بعد هذا الاختبار؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

يا صديقي كلما ابتعدت عن طريق الحق شيئًا فشيئًا ستضطر أن تبذل من الجهد والعناء بحجم المسافة التي ابتعدت بها عن الطريق لكي تعود إليه مرة أُخرى، فإياك والغفلة وأن تبتعد كثيرًا، لأنه سيُصعب عليك العودة حينها.

واحذر يا صديقي، إن عرفت الحق ولم تتبعه، أصبحت فاسقًا، والفاسق مذموم عقلًا ونصًا، فهو أسوء من الجاهل، لأن الجاهل لم يعرف الحق فقط، حتى ولو لم يسلم من سوء جهله، والدور الذي يقع عليك كعارف للحق ومُحب له أن تُعرّف الجاهلين بالحق الحق، فهذا أعظم أعمال الخير.

يا صديقي عليك بمراقبة نفسك دائمًا لأنك أنت وحدك الذي تعرف شهواتك وما تميل إليه نفسك، فالاختيار في الاختبارات لا يكون بين ما تكرهه أنفسنا وما بين الوقوف مع الحق، لأن في هذه الحالة سيكون من السهل علينا أن نقف مع الحق بدون أدنى مجاهدة للنفس.

فانظر يا صديقي إلى أين تتجه بوصلة شهواتك لكي تحاول جمحها، وجمح الشهوات يكون عن طريق تحكم العقل على باقي قوى النفس وهما الغضب والشهوة، ففي هذه الحالة فقط سيكون من السهل عليك أن تختار الوقوف مع الحق على أن تختار شهواتك شيئًا فشيئًا إلى أن تصبح ملكة فتختار الحق بدون تفكير على الإطلاق، وبدون ذلك ومع استخدام ألسنتنا فقط كخداع للنفس على أننا نُحب الحق بدون دليل واضح كالفعل، فمن أين لنا يا صديقي أن نقول أننا نُحب الحق حقًّا؟

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 

اقرأ أيضاً .. الأب الاله

اقرأ أيضاً ..جبت أية لحماتك ؟

اقرأ أيضاً .. كيف يبدأ الوعي ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

خالد حسام

عضو فريق مشروعنا بالعقل نبدأ المنصورة

مقالات ذات صلة