إصداراتمقالات

ولا تنسوا الفضل

في ذلك اليوم نزلت من بيتي أمشي بخطوات مسرعة وقفت على محطة الترام انتظرت لبضع دقائق حتى جاءت، صعدت في عجلة وبحثت بصعوبة على مكان لأقف فيه ثم أخرجت كتاب من حقيبتي وبدأت في القراءة اندمجت في الكتاب قاطعنى صوت الكمسري وهو ينادي من أجل الأجرة، دفعت وقبل أن أرجع لكتابي مرة أخرى لمحت فتاة عابسة جدا تدور بعينيها في أرجاء الترام كأنها تبحث عن شيء ما! ثم تعود بعينيها وتنظر لامرأة عجوز برفق شديد ثم تعود مرة أخرى تبحث بيعنيها…!  نعم لقد كانت تبحث عن مقعد فارغ لهذه المرأة العجوز التي لا تستطيع الوقوف في وسط الترام ولا تجد أي شيء لتتمسك به وعندما يئست الفتاة من أن يقوم لتلك السيدة المسكينة أي أحد ما كان منها إلا أن نادت عليها وأوقفتها في المكان الذي كانت تقف هي فيه حيث كانت متكئة على ظهر الكرسي في الترام وهذا على الأقل مكان أفضل تسطيع المرأة المسنة أن تستند عليه بدلا من الوقوف في وسط الترام حيث الزحام الشديد..

الموقف يبدو بسيطا ولكنه أثار في نفسي الكثير من التأملات.. هذه الفتاة جميلة النفس وكيف أنها انزعجت من أجل تلك العجوز التي لا تعرفها واستنكرت أن تقف هي بينما تجلس العديد من الفتيات الصغار، ثم  تنازلت  لها عن المكان الذي تقف فيه علة أفضل لها أو أكثر راحة… ما أجمل النفس الإنسانية عندما تتعامل مع غيرها بالفضل ومكارم الأخلاق! كيف لو أن كثيرا من الناس تعاملوا فيما بينهم بالفضل وحسن الخلق؟! حلم جميل يكسر قتامة الواقع الذي نحياه، الواقع الذي أصبحت فيه الفردية والأنانية هي الأسلوب السائد في التعامل، وبالرغم من أن الجميع يتمنون أن يعاملوا بالعدل وحسن الأخلاق إلا أن القليل منهم يحاول أن يتعامل بهذه الأخلاق في مختلف شئون حياته حتى أصبحنا نعيش في فجوة كبيرة بين ما نتمناه وما نفعله في حياتنا.

العدل، الفضل، مكارم الأخلاق.. البعض يراها قيما اندثرت، والبعض الآخر لا يؤمن بإمكانية تطبيقها في الواقع بينما هي ممكنة بل ضرورية إذا أردنا لأنفسنا يوما أن نحيا ما نطالب به ونستنكر غيابه ونشير عليه من بعيد كأنه حلم مستحيل، فالإنسان دائما يبحث عن الكمال ولكنه لا يمكن أن يتكامل إلا بأفعاله الاختيارية، ومن ثم فعلى قدر علو وقيمة حلمه سوف يبذل الجهد حتى ينال ويحقق ما ينشد، هكذا هو المبدأ فأنت إذا كان حلمك هو مجرد النجاح سوف تبذل مجهود يتناسب مع حلمك، وقد تنجح ولكنك أيضا قد ترسب، لكن إذا كان حلمك هو التميز والتفوق فسوف تبذل المزيد والمزيد من الجهد وبالتالي سوف تنجح بالتأكيد بل وقد تتفوق وتتميز، فعلى قدر حلمك يكون مجهودك وتعبك ومن ثم تكون النتيجة كما تمنيت، فلماذا لا يكون حلمنا هو أن نتعامل بالفضل فيما بيننا؟ كلنا ننشد العدل، ونرى تفشي الظلم، ونتمنى أن يتغير الحال بنا، لكن ماذا فعلنا من أجل ذلك؟ فلنجعل حلمنا هو الفضل فإذا كان العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، فالفضل هو الإحسان أو الزيادة على الواجب، أي تجاوز العدل إلى ما هو أفضل.

الفضل في الحب هو العطاء دون انتظار مقابل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الفضل في العمل هو بذل كل الجهد والإضافة والإبداع فيه.

الفضل في الظلم هو العفو مع المقدرة على العقاب.

الفضل هو الطريق الأكيد لتحقيق العدل.

 فدعونا لا ننسى الفضل بيننا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

منى الشيخ

مطور برامج

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالاسكندرية

مقالات ذات صلة