مقالات

أخلقنا لنصبح تروساً صدئة في آلة الحياة الروتينية؟ أم خلقنا لننسحب من الدنيا و نعيش في العزلة فنستريح؟

على مقعدٍ أثيرٍ يطل على سماءٍ واسعةٍ وبحيرةٍ زرقاء تجلس هي  في العزلة عن كل ما هو ضار. لا شئ سواها، تقرأ حينا وتذكر الله أحيانا. تصلي شاكرة ًحينا، ويفتح الله عليها من فيضه أحيانا. تتأمل روعة الخلق حينًا، وتزداد إيمانًا كلما نظرت وتأملت. تسافر في أفق بعيده متسعة كلما أغمضت عينيها.

لحظاتٍ كهذه يا ليتها تدوم طويلا.. طويلا بطول الأبد لا تنتهي. لحظات #سلام وصفاء مطلق، #العزلة عن كل شئ سواها.

ذلك الحلم الذي يراودني ويراود الكثير منّا في كل يوم  “#انسحاب و#العزلة” من تفاصيل روتينية وحياه متكررة لا تنتهي.. حلم على بساطته لا نستطيع إليه سبيلا، وكيف لنا؟ ونحن نستيقظ كل صباح لننخرط في دنيا وصراعات مادية أُجبرنا عليها وترهات واختيارات لا بد من حسمها لا نرى لها نهاية؛ من عملٍ إلى تفكير إلى عمل وهموم متراكمة. نأوي إلى فراش مُثقَلين مُنهَكين بقلوب تراكم عليها صدأ لا نملك وقتا ولا طاقة لإزالته.. وهكذا دواليك. حتى نتناسى وننسى ونستسلم لحالنا. فنحن أشبه بجميع من حولنا.. فلماذا يتوجب عليا -أنا فقط- الاعتراض؟ فحالي كحالهم جميعًا وقد أصبحت أخيرا جزءًا منهم، ولم أكن كذلك في البداية، لكنّي الحمد لله اعتدت الأمر وتقبلته، بل وأحببته  فلا داع للتمرد وإحداث صخب لا طاقة لي به!!

وكأن كل منّا ترس في آله لا تتوقف ولا يتم صيانتها، وذلك الترس وإن بدأ في دورانه يستحال توقفه وخروجه عن الآلة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أخلقنا لنصبح تروساً صدئة في آلة، أم خلقنا لننسحب من الدنيا و نعيش في العزلة عن الخلق فنستريح؟!

أرواحنا أنقى وأطهر من أن تترك للصدأ وفطرتنا غلابة لا تستسلم للانتهاك المستمر، وستنغص عليك عيشك إن تجاهلت رغباتها وإن أجبرتها على الانخراط في الآلة والدوران في العجلة. روحك ستميل دائمًا للسكون والسلام وإن لم تمنحها غذاءها سيصيبها العطب وتتوقف عن السير وحينها ستتعجب أنت ولن تدرك سبب العطب؛ لأنك ستنسى!

لكن، أخلقنا في مجتمعات ليكون كل شخص في عزلة عن الاخر وينبذ كل واحد منا الآخر ليَسلَم شرَّه ويقي نفسه؛ فلا ضرر ولا ضرار؟! فما الفائدة إذن من كوننا على نفس الأرض؟ أكان يعجز الخالق أن يخلق لكل واحد منا أرضًا وسماءً فلا نُفسِد ولا تَفسَد نفوسنا؟

 أم أنها الدنيا؟! هي الدنيا؛ دار الابتلاء لا دار الاكتمال . خُلقنا  أطفالاً فطرتنا نقية بنفوس صافية. خُلقنا في مجتمعات كبيرة.  كبرنا على أرضٍ ظهر فيها الفساد بما كسبت أيدي الناس. غرقنا في تفاصيلِ حياةٍ نحن جزءًا منها، والأعجب أننا أُمرنا بعمارة الأرض ونفعِ الناس والإحسانِ إليهم!

أظن أن ذلك هو أشد البلاء وجوهر الاختبار أن تعيش تفاصيل الحياة دون أن تنجرف وتنسى روحك، أن تجتهد وتعمل وتخالط الناس -كل الناس- دون أن تنسى أن تحيط قلبك بغشاء ليّن ورقيق يحميه من الصدأ تتفقده كل ليلة؛ لتتأكد أنه لم يُختَرق بفكرةٍ منافية لمبادئك الكبرى أو بعادةٍ جديدة تلهيك عن لحظات صفاء نفسك أو بجماعةٍ تثقلك ولا تخفف عنك.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كيف تكون في العزلة و انت وسط المجتمع

كن و في العزلةوأنت معهم، ترفق بهم، وتحسن إليهم، تنفعهم هم وغيرهم في كل خطوة دون أن تنسى نفسك وروحك، دون أن يأخذوك في دوائر التهامز والتلامز ودون أن تُثقَل.

أن تسير بشغفٍ وتسعى بين الناس في الأرض كثيرًا وتتمهل؛ لتتفكّر وتنظر وتتأمل كثيرًا دون أن تسمح أبدًا أبدًا لمجتمعٍ أن يفرض عليك هوية لا تشبهك أو يجبرك على الاستسلام  فتنعزل؛ ذلك جوهر الحياة!

ابحث عن من يشبهك واطمئن فهو يبحث عنك. أحط نفسك بما يعينك على الاستمرار. اخلق مجتمعًا فاضلاً خاصًا بك؛ لتستمد منه طاقتك ولتعود إليه، لا أن تنعزل بداخله!

تخيل أن يكون لك ينبوعك الخاص الذي لا ينضب  فتتزود منه لنفسك وتفيض بالباقي على الناس.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب

#بالعقل_نبدأ

اضغط على الاعلان لو أعجبك

آلاء نبيل

كلية الطب – جامعة المنصورة
باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة