مقالاتفن وأدب - مقالات

لم نخلق عبثاً – هل هناك أمل وسط هذه الصعوبات والأحوال المعيشية الصعبة ؟

نور شاب نشأ في أسرة فقيرة له ثلاثة أخوة، وقد توفى والده وهو في الصف الثالث الإعدادي وتركهم بمعاش ضئيل، لكن أمه بعون الله ثم بالصبر والإرادة استطاعت أن تعلمهم وأدخلتهم جميعا الجامعة، وقد نسيت أن أخبركم عن سكنهم فقد كانوا يسكنون في منزل مكون فقط من غرفتين والحمام مشترك بين ثلاث عائلات!

لكم أن تتخيلوا هذا الوضع الصعب وفي منطقة تكاد لا تذكر على خريطة المحافظة، وقد عمل نور وهو في الدراسة مع سباك كمساعد له حتى يستطيع أن يتكفل بمصروفه اليومي، وقد تخرج ولم يجد عمل فاستمر في العمل مع الرجل الطيب الذي يمتهن السباكة حتى أكرمه الله بالعمل في شركة صغيرة كموظف مبتدئ، وقد كان هذا بعد التخرج بعامين، ثم تدرج في العمل في أكثر من شركة حتى أكرمه الله بالعمل بإحدى الشركات، وفي خلال تلك الأعوام العديدة استطاع أن يتزوج في شقة صغيرة بإحدى الأحياء الشعبية وفي الدور السابع وبدون مصعد طبعاً!

وبمرور الأعوام استطاع أن يوفر مبلغاً جيداً ويشتري شقة بأحد الأحياء الراقية، وهو لم يفقد الأمل يوما على الرغم من ظروفه الصعبة ولله الحمد. كل إخوته قد تزوجوا، وهو ما زال يصارع الحياة ويتعايش معها متمسكا بالأمل.

تلك قصة بسيطة لشاب بسيط نشأ في أسرة فقيرة وفي حي شعبي جدا ولولا تمسكه بالأمل وأن هناك -ولو بصيص- من النور، لانجرف في تيار اللا عودة وتيار العبثية ومصاحبة أصدقاء السوء وتعاطي المخدر الذي يذهب العقل لكي يتناسى ما هو فيه من ضنك العيش، لكن التمسك بالأمل بأن الخير قادم هو ما يعطي الحياة طعما جميلا؛ فوجود الأمل هو نبض الحياة وهو ما يعطينا الفرصة لكي نحيا كراما.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

نداء يُحيي الأمل

ما أريده من تلك القصة السالف ذكرها على قدر بساطتها هو نداء لكل من تحدثه نفسه بأنه لا يوجد أمل ولا يوجد معنى للحياة فتحدثه نفسه بأنها بلا معنى ومن ثم فلا يوجد أي سبب يستدعي بأن نبحث عن معنى للوجود وعن معنى “لِمَ نحن نحيا؟! ولماذا وجدنا؟!” فذلك التيار العبثي ينجرف إليه الكثير من الشباب في مقتبل العمر وخاصة في وطننا العربي الذي يعيش عصر التخبط والعشوائية والظروف الاقتصادية الصعبة،

وأنا لا أنكر أنه يوجد معدل كبير من البطالة ومن تردي الأحوال الاقتصادية؛ فأنا أعيش وسط تلك الظروف وأرى وأشاهد وأعاني أيضاً من تردي الأحوال المعيشية وصعوبة الحياة، لكن هل هذا مبرر لكي نحيا بلا أمل ونحيا في عبثية وتشاؤم؟ هل هذا هو الحل؟ عندما نحيا بلا هدف وبلا معنى هل سنكون -وقتها- في أحسن حال؟

صدقني لا؛ العبثية والتشاؤم لن يجدي نفعا ولن تشعر براحة البال عندما تتعاطى الحياة على هذا المنوال؛ فالحياة خلقت هكذا. نحن على الأرض ولسنا في جنة الخلد؛ فتقبَّل الحياة على هذا الوضع وكافح من أجل نفسك ومن أجل عائلتك ومن أجل المجتمع الذي تحيا فيه.

و لكي نخرج من دائرة التشاؤم علينا بالعمل والبحث المجدي عن هدف في الحياة، علينا بمطالعة سير العظماء وكيف عانوا وكابدوا الصعوبات حتى صاروا عظماء، عندما تبحث في سيرهم ستجد أنهم عاشوا لهدف ومن أجل هدف عظيم، كافحوا من أجله وتكبدوا الكثير والكثير حتى يصلوا إليه،

لم نخلق عبثاً

وكل ما نريده هو أن نربط حياتنا بهدف، نربط الحياة بمعنى، فإننا لم نخلق عبثاً ، ابحث عن هدف تحيا من أجله، ابحث عن ذاتك، اسأل نفسك من أنا؟ لماذا وجدت على تلك الأرض؟ اسأل واسأل ولا تمل من السؤال حتى تجد الإجابة،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

شارك في أنشطة تخرجك من منطقة الراحة التي أغلبنا يعيشها، فقد وطّنا أنفسنا على عبارت السلبية: “لن نستطيع تغيير الكون، وأنا أعمل إيه؟” اطرد تلك الأفكار وانهض واعمل على إزالة غبار السلبية من أفكارك ومن عقلك، اترك من يشدك إلى السوداوية والتشاؤم، ولازم أصحاب الهمم والعقول والأفكار العظيمة، وعن تجربة صديقي الحبيب أنصحك بأن تصاحب ذوي الأهداف النبيلة وستجد نفسك تسعى مثلهم نحو الأهداف النبيلة،

فكن صديقي صاحب رسالة تكن إنساناً يستحق أن يحيا على تلك الأرض؛ فنحن لم نخلق عبثاً ، كن رقماً في الحياة واترك بصمة وأثر لمن يأتي بعدك فيقول: مرّ وها هو الأثر.

اقرأ أيضاً:

اليأس خدعة والأمل حياة

هل هناك سبيل للتخلص من المعاناة والألم ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

البحث عن الذات والتركيز على الهدف

محمد سليم

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية

مقالات ذات صلة