مقالات

كل مشكلة وليها ألف حلال، بس مين الي هيروح يجيبهم؟

لا تتحل دلوقتي

تعرف تلك الفكرة، أو الصورة، التي تمر بها كثيرًا، حتى تعتادها؛ تعتاد المفهوم ومعناه، حتى يصبح شيئا عاديا لا تفكر في إعادة النظر إليه، فلترته، حتى تفكر في ما ورائه، أو تفكر حتى إذا ما كان وراءه شئ. إن ما ذكرته الآن كله انطبق على تلك العبارة التي أبصرتها مؤخرا بصورة كبيرة؛ عبارةُ تعقب على كل مشكلة أو عقبة أو صعوبة بمنطق واحد فقط أو دعونا لا نقل بمنطق لأنها خالية من أي أثر له، تقول ” لا تتحل دلوقتي!! ”

لا تتحل دلوقتي

اعتدت في البداية أن أقرأها ضاحكة باسمة؛ لطرافتها المُعدية، لكن الأمر ما إن أخذ وقته حتى انقلبت الطرافة شيئا آخر كليا لم أتوقعه. عبارة أضحكت سني لكن في نفس الوقت أخذ عقلي الباطن يراها بشكل مختلف؛ حتى أصبحت تقذف فيّ الغم و السخط. لِمَ لا ينتهي حقًّا كل ما يؤرقني إلى الجحيم مثلا حتى ينحل عني الضيق الذي أجده بسببه مع دوار العقل الذي يرافقه؟

تساؤلات باطنية تصيغها النفس التي جُبلت على حب الراحة والركود والهدوء؛ تساؤلات أراها تكبر لتكون أفكارا عنيدة كأطفال تصعب رياستهم؛ فيعيثون في كل نحو، جاعلين من ضائقتي الرئيسية ضوائق كثر، ضائقة المشكلة، وضائقة تأثيرها المكدر والسخط المضاف لذلك كله.

نعم نحب الراحة ،ولا نلبث أن نجد ما يبررها و يسكت تأنيب الضمير الذي يصاحب تقاعسنا حتى نتشبث به وبقوة. تأتي مثل تلك العبارة بكلماتها القليلة وتأثيراتها العديدة؛ لتتلبسنا أشباح السلبية والقعود والتراخي و التخاذل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

صوت العقل

لكن صوت العقل والحق في النفس يظل مترددا ولو همساً،مهما حاولت شخوص الأعذار إسكاته،

تسمع ذلك الصوت يستجوبك أمام نفسك: كيف تُراك تشكلت بما أنت عليه اليوم لو أن هذه مشكلة أتت لتحل نفسها بنفسها لأجلك؟

كيف لسفينة لم تخض غمار البحر يوما أن تخوض رحلة ما آمنة وأصحابها مستوثقين منها؟

انظر معي لمطرقة الأرق التي كثيرا ما ضغطت أعصابك لتنبهك، لخلل ما، لشرخ ما في كيانك، لطريق مظلم كنت لتتابع تخبطك فيه، لولا ذلك التنبيه، ذلك الألم.

الآلام التي توقظنا

أتذكر توبيخ معلمة لي إثر سؤال طرحته علي لم أحر له جوابا، اعتصرني الكدر والإحراج أمام زميلاتي، لكن ذلك دفعني لأقف مع نفسي لأجدها متخلفة بأميال عن تيار الدراسة، و ألمح بصدق التقصير الذي واجهت به واجباتي وفروضي، دفعني للحاق بالركب مرة أخرى.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

آلامنا وضوائقنا ومشاكلنا هي كوجع في أسناننا؛ لكنها لا تجرنا لطبيب الأسنان؛ بل لمثل هذه الوقفات، ولملمة أشلاء الذات المتناثرة، وضع كل قطعة في مكانها المناسب والصحيح، بل والأجدر بالذكر أنها توقظ عقلنا من سباته، تدفعنا دفعا لإيقاظه، لقطع إجازته، لإعادته للعمل مجددا وفورا.

هذه ال مشكلة والعقبات التي تعترضنا في معترك الحياة ما هي في حقيقة الأمر إلا أدوات في يد نحات يضرب بها منحوتته ليُشكلها و يبنيها منتجا فتانا تأخذ دقته بألباب من يراه. تُراك كنت لترى مثله لو أن هذا النحات اختار القعود فقط أمام مجسم ما، منتظرا أن يصنع من نفسه شيئا؟

هل تراك لتنتظر أمام باب لم تطرقه حتى يُفتح لك؟

اقرأ أيضا: اختيار الكلام أهم من نحت السهام، فلتتعلم اختياره حتى تفلح في الحوار

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 

نورهان خليل

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ المنصورة

مقالات ذات صلة