مقالاتفن وأدب - مقالات

سنو وايت ببهارات العصر – فيلم رومانسي وكيف جمعهم الزمن أمام كل الصعاب

الإعلام الرومانسي !

في كل مرة تُخرج لنا فيها قنوات الإعلام وسينما العولمة صورًا متحركة لفيلم جديد موسوم بالطابع الرومانسي ، يكاد حسابي الفيسبوكي لا يخلو من دعايات هذا الفيلم التي يتولى الفيسبوك نفسه إظهارها لي، أو أجدها منشورة في مجموعات ما، أو بعيدا عن كل هذا في بعض صفحات زميلات لي، لينتهي بي الأمر بمواجهة الدعايات على التلفاز، وتنقل الرياح بين الكلمات المتجاذبة هنا وهناك سيناريو الفيلم وحبكته، و “كيف التقى هو بها أو هي به” و”كيف تم لَمّ هذا الشمل البئيس بعيدا عن العقبات التي رماها الدهر في طريقهما”.

ويتوالى الكيف والكيف في أول عبارات الأسئلة التي اعتراها الصدأ في أذهاننا كما اعترى إجاباتها كذلك بدوره. اعتدنا دوما  متابعة هذا التسلسل الخيالي المألوف في الأفلام أو حتى القصص التي رُوَيت لنا صغارًا في عالم (سنو وايت)، ولم نعد نقبل بغير النهاية المختومة بصك السعادة الأبدية والحياة المزهرة الوردية.

وتَمر السنون وتُمَرر لنا مع مرورها في خزائن عقولنا من حصص النضج والإدراك ما تُمَرِر، وبين سماعنا بخطبة من هنا أو عقد قِران من   هناك، تتبادر إلى أذهاننا تساؤلات جديدة على صعيد ما سمعنا في القصص الرومانسي:

“وماذا بعد هذا الجمع السعيد؟” نعم تأتي لتتوقف مع ذاتك في مونولوج داخلي لتواجهها بالمنطق الواقعي، لماذا لايعرض لنا تلفزيون العولمة كيف يواجه هذان الزوجان المواقف معا وكيف يصمدان أمام التحديات المرحلية لهذه النقلة الجديدة بالنسبة لكليهما؟ ماذا بعد الزواج الرومانسي ؟ كيف يتعايشان مع اختلافاتهما التي لامفر موجودة بين البشر؟كيف يبذران بنقاطهما المشتركة أرضا خصبة لتقوية ولإنجاح هذه الرابطة ويصوغان معا توليفةً لترسيخ وإزْهار حديقة ذاتيهما الناشئة ؟ أم كيف يظهر معدن الصدق والثقة بينهما في دروب الحياة التي بينما تتسع حينـاً لابد أن تضيق في أحيان أخرى؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

سنو وايت ببهارات العصر

ويتوالى الكيف والكيف في متواليات الأسئلة التي تتضاعف بطريقة لوغاريتمية في كل مرة أشاهد فيها حكاية  (سنو وايت)،  ولكن ببهارات العصر الحديث. ببساطة بديهية قارئي الكريم :إن سينما اليوم أو الإعلام العالمي لا يتبنى من بين مهامه التمهيد أو التأسيس لأسرٍ متوافقة أو روابط عائلية متينـة في العهد المادي الذي نعيشه أو للأسف يعيش فينا، عهد ابتعد كثيرا بمصطلحاته الفردية عن فكرة المشاركة، ودحض الأنـا، وقيـم الإيثار، بل وابتعد-بتسافل متناهي- عن الزواج كعلاقة قدسها الله لخلقه في الجمع بينهم.

وانتهاءً من ذلك لايتعدى ما للمشاهد بين جنباته إلا الصور البراقـة ذات الطابع الرومانسي والخيالات المصطبغة بِالزيف واللاموجود وبضائع الوهم. وإذ يفرض هذا الإعلام نفسه على الحضارات النامية في محيطنا فرضا شنيعا، تجد عقول الكثيرين مشبعة بهذه الخيالات وملبوسة بدعوى الوهم، ليتسرع الكثيرين في أخذ خطوة لا يدرك تبعاتها من المسؤوليات والواجبات، ولتُقذف من بعد ذلك في وجوهنا قذفاً إحصائيات الطلاق المتصاعدة بشكل مخيف نأسف حياله وحيال آثاره، لتتجدد من جديد معركتنا مع عهد المادة ، وآثار اتّباعها دون مصفاة من الوعي نأخذ بها الجيد ونترك الرواسب الفاسدة جانبا.

ولعلي استنادا لآثار هذا الإعلام الواضحة الفتك بالقيم والفطرة، اٌوّلِي قلمي بك قارئي الكريم في اتجاه رسالة الإعلام الفُضلى والحقيقية التي انحرف عنها كثيرا فانحرفت معه من العقول ما انحرفت، ونتج بانحرافها من تدهور في السلوكيات ما نتج، فالإعلام لابد أن يكون مِرسالا للمعرفة والخير، ومقْوداً لسفينة النفوس تجاه الارتقاء والصفاء الروحي، وهذه -قارئي العزيز-هي رسالته الحقيقية وليست مجرد استعارات أؤرق عينيك بقراءتها. وفي حال أن مال مرسال الإعلام، وخاض في الانحلال خوضه الحالي، وَجب حتى يستقيم ويتخذ مساره الأصلي، أن يتحصن الفرد منا بوعي سليم يستمده من أهل الحكمة، وكتب الثقات، حتى يستطيع تمييز الصواب من الخطأ، ويحدد الحق من الباطل، ويَنشد الخير والعدل مما يتم تقديمه.

صراع الأنا الرومانسي

أخيرا قارئي العزيز، في تلك اللحظة التي يُقدم فيها الفرد منا على اختيار أحد ما ليشاركه طريقـه، وأعني بذلك -قارئي الكريم- أن يُشارك  كل منهما الآخر على طريق الحياة، في تلك اللحظة، التي تقتضي بموجب هذا الاختيار صراع الأنـا، تنبثق من هذا الاختيار واجبات ومسؤوليات ،حقوق ومساومات، لابد من التزام كل طرف بها ليظل الحبل قائما، وينبت الجذر راسخـاً، وتبرز الثمرة يانعة. ومن منطلق هذا، في كل مرة يختار فيها أحد الطرفين أن يشد هذا الحبل دون هوادة باتجاهه ،أي باتجاه مصالحه ومتطلباته فقط، يعتري الحبل الاهتراء، وتقترب الجذور من  السطح، وتتأخر الثمرة أو الأسوأ: تخرج معيبوبة المظهر والطعم.

“أي عبارات هذه التي أهذي بها؟” وأي حبل أو ثمر؟ هو سؤال حقَ لك أن تسأله قارئي الفاضل، عنيت حبل الألفة، وجذور الرحمة، وثمرة المحبة والإخلاص، ولك كل الاختيار أن تمضي في سياق هذه المعاني .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أتوقف هنا لأسأل نفسي :هل يقضي عليَ الدهر يوما أن أشاهد بقية الحكايـة  ؟ أولعلني أضع السؤال بطريقة أعقل وأصوب: هل يُكتب لي أن أشاهد أو أقرأ كل الحكايـة؟ الحكايـة المنطقية  لـ(سنو وايت)؟

اقرأ أيضا:

حقيقة الحقيقة

 لأنى حر…عن مسؤولية الإنسان

 مولانا الخبر عاجل

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

نورهان خليل

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ المنصورة

مقالات ذات صلة