الثقافة المادية اليوم تطلب منا أن لا نتطور
لماذا نجد كثيرًا من الشباب اليوم يقول أنه حين يتزوج يريد تأخير الإنجاب، كي يستمتع بحياته؟! ولماذا يريد كثير من الشباب تأخير الزواج تحت شعار أنه يريد أن يستمتع بحياته؟! منذ متى كان الزواج يعيق المتعة بالحياة؟!
كلنا نتطور في الحياة، ومن يتوقف عن التطور يكون متخلفًا عن المرحلة الطبيعية التي يجب أن ينتمي إليها!
التطور سنة الحياة التي نحياها
الطفل الذي يرضع ويعتمد على أمه، يجب أن يأتي يوم ويعتمد على نفسه، هل اعتماده على نفسه يعني أنه فقد المتعة؟
طفل الحضانة الذي يلعب في الحديقة، يجب أن يأتي يوم ويتطور إلى مرحلة طالب الثانوي والجامعة، هل تطوره يعني أن حياته تحولت إلى البؤس والملل؟
طالب المدرسة، يجب أن يتطور إلى مرحلة الرجل الذي يتحمل المسؤولية ويبني نجاحه بيديه معتمدًا على نفسه وليس على أبيه وأمه، والمرأة التي تبني بيتها وتكون مسؤولة عنه.
مراحل طبيعية، لكن لو رأينا شابًا عمره عشرون عامًا يعتمد على أمه في الرضاعة، هنا نعتبر هذا الشاب معاقًا ومتخلفًا عن مرحلته الطبيعية، توقف عن التطور!
لو وجدت شخصًا يتحسر على أيام المدرسة الماضية، فغالبًا هو يعيش حياة بائسة وفاشلة اليوم!
المشكلة أن الثقافة المادية اليوم تطلب منا أن لا نتطور، أن نتوقف عند مرحلة عمرية ولا نتطور بعدها.. كيف؟
اقرأ أيضاً: ماذا جرى للأسرة
كيف يكون الزواج في الغرب؟
في الثقافة المادية الرأسمالية الغربية، ينظرون إلى الحب والزواج نظرة الطفولة، يعتبرون أن الزواج الناجح هو الذي توقف عند مرحلة السعادة والفرح والحب الساخن، الجنس والقبلات والفسحة والجري هنا وهناك، فقط، ثم ماذا بعد؟ توقف الزمن والتطور!
مرحلة الأخذ وانتظار الرعاية من الطرف الآخر، سواء الطرف الآخر هو الأم أو الزوجة أو الأب أو الحبيب، إلخ، فراغ عاطفي واحتياج إلى من يملؤه من الخارج.
يعتبرون وظيفة الزواج اللعب والسعادة، تمامًا مثل طفل الحضانة، ولا يعتبرون أن الزواج وسيلة للنضج والتطور من مرحلة اللعب والحضانة إلى مرحلة الرجولة والأمومة، من مرحلة الأنانية وطلب الرعاية من الآخرين إلى مرحلة أن تكون قائدًا مسؤولًا، تستمتع بالقيادة وتحمل المسؤولية، لأن هذا هو الشعور الممتع لمرحلة ما بعد الثلاثين.
لكن بدلًا من هذا يقولون لك أن تحاول أن تتوقف عند مرحلة العشرينيات من عمرك، مرحلة الحب الساخن والغرام وانتظار أن تأخذ مزيدًا من المتعة والاهتمام من الآخر! يقولون لك أن الزواج الناجح هو التوقف عن التطور!
أن التطور والنضوج شيء محزن وسيئ، وتعيش طوال عمرك تتمنى أن يتركك الزمن متخلفًا عن مرحلتك الطبيعية، وتتوقف عند مرحلة الحضانة والاحتياج إلى رعاية الآخرين، بدلًا من التطور إلى مرحلة أن تكون أنت الراعي المسؤول عن الآخرين.
اقرأ أيضاً: قضية المرأة بين الحقيقة والوهم
الإنجاب استثمار للمستقبل
من الطبيعي أنك حين تتطور من مرحلة إلى أخرى تترك بعض المتعة، لكن تكتشف بعدها أنواعًا جديدة مختلفة من المتعة، لم تكن تعرفها في طفولتك والمرحلة السابقة!
تترك متعة الأخذ والاحتياج إلى رعاية الآخرين، وتستبدلها بمتعة النضج والقيادة والعطاء للآخرين، سواء كان الآخرون أبناء أو زوجة أو زوجًا أو مجتمعًا.
الإنجاب وكثرة الأولاد استثمار للمستقبل، تمامًا مثل الادخار في عقار أو سيارة أو مهنة أو وظيفة أو دورات تدريبية وتعليم!
الأبناء والبنات يساندون أهلهم حين يتقدمون في العمر، بدلًا من إلقائهم في سجون بائسة اسمها: دور المسنين كما يفعل الغرب!
الإنجاب استثمار يساعدك في مستقبل عمرك، لذلك فإن زينة الحياة الدنيا ليست المال فقط كما يدعي الغربيون و”بتوع تحديد النسل”، لكن المال والبنون.
مفهوم الزواج في الإسلام
المشكلة أن البنين يمكن أن تنجبهم مبكرًا فقط في سن الشباب، بينما المال يمكن أن تكسبه في أي مرحلة عمرية حتى لو كنت عجوزًا!
مشكلة الحضارة المادية الغربية أن مفهوم الزواج الناجح فيها هو المتعة الحسية فقط! تعتبر أن قيادة الأسرة وتأسيس مشروع أسرة ناجحة شيء ممل ويعطل عن المتع الحسية الأخرى! رغم أن هذا غير صحيح!
لا يرى في متعة زوجين غير أن يلعبا ويسافرا ويتنزها ويمارسا الجنس، ولا يرى غير ذلك.
بينما الحضارة الإسلامية ترى الزواج فيه كل هذا، لكن معه أنه وسيلة للنضج والانتقال من مرحلة الطفولة وأن تكون عيل وعالة على الآخرين إلى مرحلة القيادة والنضج النفسي والعقلي، وأن تتحمل أنت مسؤولية الآخرين.
متعة التطور تضيع في الحضارة الغربية بسبب الحسرة على الطفولة والشباب الذي ضاع، بينما متعة التطور تتزايد في مفهوم الأسرة والزواج في الحضارة الإسلامية، لأنها تتماشى مع الطبيعي والمنطقي لتطور العقل مع تقدم العمر.
لذلك نجد كل من ينظر إلى الزواج بالنظرة الغربية الرأسمالية يراه أنه مؤلم ومحزن وكارثي، بينما من ينظر إلى الزواج بالمفهوم الشرقي والإسلامي يراه فرصة للتطور والرقي والارتفاع لدرجة أعلى ومرحلة أفضل وأجمل وأسعد.
مقالات ذات صلة:
الزواج كمال أم انتحار اجتماعي؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا