مقالات

الزواج كمال أم انتحار اجتماعي ؟ ما هي الطرق التي يقبلها والتي يرفضها المجتمع ؟

الزواج كمال أم انتحار اجتماعي ؟ ما هي الطرق التي يقبلها والتي يرفضها المجتمع ؟

انتقلت في فجر اليوم من منزلي إلى المكتب سيراَ في الطرق لانني لم استطع النوم بعد أن جالت بخاطري هذه الأفكار التي سأشاركها معكم اليوم، فلم أجد في البيت ورفاهيته الراحة وهذه الأفكار تفور بداخلي كالبركان، فآثرت أن انزل في هذا البرد الشديد لأسرع بتسجيلها قبل أن تبرد نيرانها بداخلي ويضيع تسلسل الأفكار من بالي.

الأحلام الوردية في الحياة الزوجية

إني أعود في هذه اللحظات لأتذكر ذلك الشاب الصغير، صديقي، وهو يجلس معي على مقهانا المعتاد بعد أن تزوج حديثا ليحكي لي في سذاجة وبراءة عن الأحاسيس الاجتماعية الناضجة والسعيدة التي أشعره بها وجوده في كيان أسري ينتمي إليه ويسأل عنه. كم كانت عيونه تلمع بالسعادة وهو يقول “الحمد لله، لقد تحقق لي كل شيء كنت أحلم به، البيت الدافئ والزوجة الجميلة والوظيفة المرموقة التي تجلب لي رزقا مناسبا، وهاهو ذا ابني يركل بقدميه في رحم زوجتي فأشعر بركلاته الفتية التي تبشر بقدوم نوع جديد من الحياة والطاقة التي أشعر أنها ستغيرني كما أنها ستغير العالم كله من حولي”.

وكم كان ساذجا صديقي هذا عندما تخيل المعادلة بهذه البساطة، خاصة وقد كان غافلا عن العدو الخبيث الذي يكره كل مصداق للتقارب الاجتماعي  ويقف في كل الطرق التي تؤدي اليها والذي بلا شك يمثل الزواج وتكوين الأسرة وانجاب الاطفال أوج صوره وأبهاها. فهذا العدو المتغطرس لم يكن ليترك صديقي هذا ليحقق حلمه بهذه البساطة فظل يحيك له من خلف الستار المكائد وينتظر في الخفاء ليتحقق هدفه في تدمير كل أخضر نابت يبشر بالأمل في هذا المجتمع الذي تسود عليه غيوم البؤس والحزن واليأس من أي حل لأزمته الاجتماعية المتفجرة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثم الاصطدام بواقع مرير!

ولعلي الآن لست متفاجئا إذ علمت أنه وبعد معركة صمود طويلة قد انفصل بالفعل عن زوجته وحياته الرومانسية الوردية التي أحبها وكان يذكرها كثيرا في كل جلساتنا تقريبا. ولم يكن انفصالا سهلا أو هادئا بأي صورة من الصورة، بل إنه يكاد يقارب النزاع العربي الإسرائيلي في شدته وقسوته غير أنه يقل عنه ببعض الدرجات لافتقاره فقط للمشاحنات والخناقات الجسدية وسفك الدماء البريئة الغير مبرر.

غير أنه يتشابه معه في وجود الغطرسة والكبرياء المادية متمثلة في أحد أطراف الصراع، والبراءة والاستضعاف والاستكانة مع محاولات متواضعة للمقاومة والمواجهة في الطرف الآخر. المهم وبعد الكثير من المواقع والمعارك انتهت الحرب في ساحات المكالمات التلفونية المستعرة وميادين المحاكم القانونية الأسرية والمدنية وأقسام الشرطة لتسليم “قائمة المنقولات الزوجية” وخلافه من تعويضات خسائر الحرب التي يفرضها المنتصر ظاهريا على المنهزم ظاهريا كاعتذار رسمي منه على أنه تجرا وفكر في يوم على المنازلة ومنافسة العدو المتغطرس الجشع.

وبهذا انتهت احلام صديقي الوردية، لينتقل بعدها لصراع دائم مع نفسه ومع مجتمعه فيما يجب وما لا يجب أن يفعل في كل موقف. فتحول منظوره من الاستقلالية والأمل والتفكير فوق مستوى التحدي، للحصار النفسي الذي فرض عليه أن يفسر كل تصرفاته ويعد نفسه له ذهنيا من خلال نظرة عدوه له.

فكان هذا هو الاستعمار الحقيقي لعقله بعد انتهاء المعركة. فخسارته الحقيقية لم تكن في الخسائر المادية وتعويضات خسائر الحرب التي اضطر لدفعها، إنما أفدحها كان في الحالة الذهنية والنفسية التي تركته فيها المعركة، إحساس يختصر – وإن كان الاختصار بالكلمات هنا أبعد ما يكون عن الإحساس الواقعي الذي شعر به- بأنه مصداق الفشل يمشي على وجه الأرض وأن عليه منذ يوم الهزيمة أن يفسر ويبني كل تصرفاته بناءا على وانطلاقا من الهزيمة، ومع الوقت تحولت الضحكات لتجهمات، والبسمات لتشققات في جبينه ووجنتيه، ولمعان السعادة في عينيه إلى هالات السواد والبؤس التي حاصرت عينيه لتعبر عن الحصار والبؤس النفسي الذي  تعاني نفسه المعذبة من ويلاته.

الحكمة عند الاعتدال

فلا تتعجب بعد كل هذا إن صادفت صديقي هذا الآن في المقهي وتطرق بكم الحديث للزواج إن وجدته يقصفك بوابل من التحذيرات والتنبيهات عن خطورة الأمر وبشاعته، فهو لا يتكلم بعين الواقعية التي ربما فقد الاتصال بها نتيجة الصدمة التي لم يستفيق منها بعد.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ربما لو كنت تكلمت معه أيام العنفوان والشباب والأمل أيضا لم تكن لتجد في كلماته الوردية الرومانسية التي تبسط كل عصيب لدرجة التسفيه الكثير من الحكمة أيضا. فالحكمة دائما تتوهج وتفيض عند الاعتدال والانصاف دون إفراط متهور ولا تفريط أحمق.

ولعل هذا يمهدنا جيدا لعنواننا الذي عنونا به هذا الحديث، هل يمكننا وبسهولة أن نعتبر الزواج كما يرى صديقي الرومانسي أو صديقي ما قبل الأزمة، مشوار التكامل الوردي البهيج الذي تصوره لنا رومانسيات “نور ومهند” أو “عمر وسلمى” أو غيرهما من سموم الإعلام المادي التي شوهت كل مفاهيمنا عن أي علاقة اجتماعية سوية. أم سنتخيله البؤس والكابوس والفشل والمعاناة وعقوبات ما بعد الحرب التي سيحكيلك عنها صديقي “ما بعد الصدمة” ويحذرك منها، هل الزواج تكامل أم انتحار اجتماعي؟

الصبغة الفرويدوية

سنبدأ الموضوع هنا ربما بلمسة فرويدوية – سيجموند فرويد– من يعتبره الغرب مؤسس علم النفس الغربي الحديث، ذلك الرجل ملتوي الرغبات، مشوه الفطرة والمتكلم الشهواني الحاذق الذي استطاع رغم بشاعة ما يصفه من تراكمات الأمراض النفسية في العقلية الغربية أن يسوق لهذه البشاعة كنموذج اجتماعي يحاول الغرب تبنيه.

وعلى الرغم من ذلك فنتيجة لطبيعة موضوعنا “الزواج” فسنجد كلامنا عن المحرك الأول في عين الشباب الذي يوجهه نحو الترابط الاجتماعي أيا كانت صورته: زواج شرعي أو زنا أو دعارة أو منظومة الصديق/الصديقة الحميم/ـة (boy/girl friend) والتي ليست إلا غطاء أنيق مزركش لواقع الزنا والعلاقات اللاأخلاقية أو ما يصفه الغرب بالتوصيف الدبلوماسي (politically correct term)، فهو توصيف أنيق لواقع قبيح في كلمات طرية مغلفة بالسكر لا تستفز المشاعر الرقيقة والحساسة للمجتمع الذي يئن ويتألم بإدمانه لهذه العلاقات الاجتماعية الفاسدة التي سرطنت كيانه بالكامل.

فأيا كان الإطار الاجتماعي الذي سيضم بطلنا وبطلتنا في قصة حبهما الملتهبة فإنها حتما ستبدأ عندهم بالشهوة، وهذا هو المكون الذي سيصبغ بعض حديثنا بالصبغة الفرويدوية التي تكلمنا عنها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

نظرة الشرق والغرب

لقد أدرك الغرب بل الإنسانية كلها ضرورة وخطورة الشهوة في كل مراحله التاريخية، فهذا أمر فطري لا يحتاج لعالم فيزياء نووية لاستنباط قوانينه، ومع هذا نجد الغرب يحاول أن يتبحر في نقطة، وينجب النمل بعض تمخض الجبال، لينتج لنا فلسفات “عميقة” وكتب التثقيف الجنسي الذي تفرضه على الأطفال في المدارس لتفسر وتعلم ما هو فطري ويتعلمه الإنسان بالغريزة والفطرة دون الحاجة لأي مساعدة.

وعلى الرغم من ذلك فإننا لا نقول أن الثقافة التي يسميها الغرب “الثقافة الجنسية” هي أمر نعترض عليه أو نقزم دوره في بناء المجتمع السوي بالكلية. ولكن نعود لقاعدة الاعتدال، فنحن ضد التهويل والتضخيم الغربي للموضوع فوق احتماله، كما أننا نحترم أن الغرب يشكو من اهمالنا وتسفيهنا للموضوع في الشرق.

غير أن الحل ليس عند الغرب ولا عند الشرق ولكن في المنهج العلمي المعتدل الغير منجرف نحو الشهوة الفرويدوية ولا المتغطرس والملتحف بالتكلف الديني المبالغ فيه والذي يثبت لنا أنه بعيد كل البعد عن الدين الذي دوره أن ينظم حياة الإنسان بالسلوك الأخلاقي الملائم في كل جوانبه. ولذلك فالفاسد عندما يتستر برداء الدين فإننا لن نشجب الدين ونقول رجال الدين فاسدون، بل سنوصف الأمر كما هو، أن بعض الفاسدين قرروا ارتداء زي رجال الدين كالذئب بين القطيع لكي ينسف ويدمر دور الدين ويفسد المجتمع كعصفورين ضربا بحجر واحد.

الطاقة الشهوية

ونعود لموضوع الشهوة التي نعتبرها لا من وجهة النظر الفلسفية الكلية، ولكن من منظور الشاب في عصرنا هذا، فمن منظورهم لن يتزوجوا لتأسيس الأسرة الي ستكون وحدة بناء الثقافة والحضارة في المجتمع كما يقول مالك بن نبي. لا نتوقع منهم هذه الرؤية المتعمقة وسنظلمهم في ظل ضحالتنا الثقافية على كل مستويات المجتمع لو توقعنا أن تحركهم هذه المحركات العليا، وكل إناء بما فيه ينضح، ولكن نتوقع في أغلب الحالات أن المحرك هو تفريغ الشهوة. ولنحلل الآن القنوات و الطرق التي يتيحها المجتمع اليوم في عامنا هذا 2017 بكل تطوراته وإمكانياته لتفريغ هذه الفطرة الإنسانية والرغبة الطبيعية الملحة.

أمامك في العموم  لتفريغ هذه الطاقة نوعان لا ثالث لهما، سنوصفهم بالتوصيف “الدبلوماسي” إما الطرق الشرعية والقانونية  التي تنال القبول الاجتماعي وهي : الزواج، أو الطرق الأخرى وهي الملتوية أو التي تنال احتقار واستنكار المجتمع والذي مهما حاول في ظاهره أن يظهر كالمجتمع”الكوول” المتقبل لظاهرة الأم العزباء “single mother” وهو التوصيف الدبلوماسي المعتمد حديثا للتزيين والتغليف السكري لظاهرة الزنا، فإن الفرد في قرارة نفسه ينظر لتلك القنوات على أنها لا تتساوى في الكرامة الإنسانية والرقي مع الاختيار الشرعي والقانوني والأكثر قبولا واحترما اجتماعيا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حتى أن ظاهرة الـصديق /الصديقة الحميم/ـة نتوقع لها في نهاية كل فلم رومانسي أن تنتهي بالزواج لأننا نعتبره كمال أو تمام هذه العلاقة كما أن البدر تمام واكتمال لدورة القمر بعد المحاق والهلال.

هل هناك خيارات أخرى ؟

ولا تقتصر اللائحة على هذين الاختيارين، فبينما هناك اختيارات غير أخلاقية تستلزم فرد آخر من جنس مختلف، فإن هناك ما لا يستلزم نهائيا أي شخص آخر، فيجد المتعسر في أمور الزواج إشباع لشهوته في قنوات القمر الصناعي المشفرة ومواقع الانترنت الإباحية التي لم تترك أي إلتواء أو نزعة أو هوس شهواني إلا وقدمت له منتج يناسبه، ولا نتعجب حينما نجد من في الغرب يتزوج بجهاز الحاسوب الخاص به، فهو في نظرته المريضة يرى فيه إشباع لتلك القوة المعذبة داخله.

وأما الخيار الآخر الأكثر نفورا وإثارة للإشمئزاز في كل نفس سوية هو الخيار الذي سيلجأ فيه كل جنس إلى أفراد من نفس جنسه لإفراغ هذه الشهوة، فنزعة الشذوذ أصبحت هي الصيحة والصرخة العدمية الجديدة التي تهاجم آخر قلاع ومعاقل الحياة الاجتماعية السوية بكل تبعاتها من تحولات جنسية غير مكتملة وتشوهات للفطرة الجنسية في أصلها ومنبعها (أو هكذا اعتقد الغرب) بعملياته الطبية وعلاجاته الهرمونية التي ربما هي أشبه ما تكون لرواية دكتور جيكل ومستر هايد المعروفة.

ولسنا هنا للهجوم على أصل فكرة عمليات التحول الجنسي، فطبيا وبيولوجيا وجينيا هناك بالفعل حالات إنسانية مسكينة في أمس الحاجة لتلك العمليات التي ترحمهم من معاناة نفسية واجتماعية سيئة جدا نتيجة لاضطرابات هرمونية وفسيولوجية معينة. فكالعادة نحن لا نحرم استخدام السكين لأن القتلة استخدموه بأسلوب خاطئ، ولكننا فقط نشير أن للسكين استخدمات تجعله تارة شيئا ضروريا وهاما وتارة أخرى سلاح دمار شامل يخرب المجتمعات.

الطريق الأول يقود لتكوين الأسرة

المهم دعونا نقارن بين النوعين من الطرق لنرى القاسم والمفرق بينهما، هناك في الجانب الأول كيان اجتماعي في أغلب الأحيان ووفقا لأغلب الأنظمة الاجتماعية والدينية الغربية والشرقية يمكننا توصيفه أنه على درجة عالية من الكمال، فهو يوفر الوحدة البنائية الأساسية للفرد ومن ثم المجتمع.

فهناك المكون البيولوجي: الأب والأم، والمكون المادي: العمل والإنتاج الوظيفي والمكون التربوي الاخلاقي والفكري: التربية والتعليم في المنزل والمدرسة. فالأسرة للمجتمع كالخلية للجسد، في علاقة منفعة متبادلة، فالجسد يمد الخلية بالغذاء والأكسجين (الحقوق المادية والمعنوية للأسرة الفرد) والخلية في المقابل توفر من خلال تكاثرها وانقسماتها الجنود الجديدة التي ستشارك بدورها في إنتاج الطاقة والهرمونات والإشارات الحركية والعصبية الضرورية لبقاء الجسد (الأسرة ووالإنجاب والتعليم والتربية للأجيال المستقبلية).

فلا يمكننا وضح خط واضح حاد بين مصلحة الأسرة ومصلحة المجتمع، فهم في بناء مركب ومعقد من التفاعلات في منظومة السبب والنتيجة تخلق في تجانسها وتناسقها ما يشبه بالنغمات الموسيقية المطربة. فالمجتمع (الجسد) في أغلب النظريات الاجتماعية إلا القليل ينصب على خدمة الأسرة (الخلية) والأسرة تخدم المجتمع بالكلية، والجسد ماهو إلا مجموعة من الخلايا المتنوعة في التصميم والوظيفة والهدف، فتختزل المعادلة في أحد صورها بأنها الخلية في خدمة الخلية، أو الإنسان في عون أخيه بصورة مذهلة وعبقرية في التناغم والتركيب والتعقيد.

إلى ماذا تقود الطرق الأخرى ؟

أما الطرق الأخرى الملتوية التي وصفناها فليست إلا مثل ما يسمى بالفن في حقبة ما بعد الحداثة عند مقارنته بالفن في الحقبة القروسطية والباروك والكلاسيكية، فبينما الطرق الشرعية تبحث عن التناغم واكتناف المجتمع للاسرة وخدمة الأسرة للمجتمع بما يعظم من فعالية المجتمع وقدرته على التحضر والتطور، فإن الطرق الملتوية تبحث عن النشوز عن السلم الموسيقي والشذوذ عن التناسق في الالوان والتفلت من مسؤوليات المجتمع ونظامه التقليدي القديم.

فالنزعة المادية-العدمية تسعي للتمركز حول الفرد، فلماذا تفني حياتك في خدمة الآخرين؟ ألا ترى في الزواج والأسرة والتزاماتها المادية النفسية والفكرية سجن لك؟ يجب أن تتحرر أيها الإنسان وتتوقف عن العيش في هذه الأساليب والأنماط البالية والتي إن كانت تتناسب مع زمن الباروك والكلاسيك والرومانتيك، فإنها لا تناسب عصر الهواتف الذكية والانترنت والصاروخ وميكانيكا الكوانتوم ونسبية أينشتاين ووالرقائق الالكترونية والخلايا الشمسية. فكما أن للثورة الصناعية قطارها البخاري وللثورة النووية مفاعلها وقنبلتها الذرية، فإن للعصر القديم نمطه الاجتماعي التقليدي الكاثوليكي السلفي المتزمت، ولزماننا قنبلته الاجتماعية التي تبعثر كل قديم وتحرر الإنسان من هذه القيود التي لا حاجة لها في زماننا هذا.

وهكذا سوقت المادية لقنبلتها الاجتماعية الجديدة، التي تشبه في منطقها منطق أن تقرر الخلية أن تخرج من الجسد وتعيش منفردة تبحث عن قوتها لنفسها فقط دون أي روابط أو مسؤوليات تربطها بغيرها من الخلايا إلا الضرورة فقط. وبينما ترى المادية في هذا النمط تطورا وتقدما جيدا، فإن اي بيولوجي عاقل معتدل في أراءه سيثبت لك بأكثر من طريقة علمية أن الحياة الجماعية المترابطة للخلايا في جسد واحد متعدد الأعضاء والأنسجة وأنواع الخلايا والوظائف أكثر تعقيدا من آلاف ملايين خلايا البكتيريا والخمائر التي تعيش منفردة وتتصرف منفردة من ميلادها وحتى موتها.

أيهما أفضل ؟

ولنتوقف الآن عن الكلام عن الشهوة والنظام الاجتماعي، فلقد حصلنا على مبتغانا وهو أن هناك في المجمل نظامان، نظام تقليدي يحاول الدفاع عن الأسرة ويحافظ عليها وإن كان متزمتا وقديما وخارج عن حركة الزمن في بعض طرقه إلا أنه شريف في مقصده وغايته فكان كمن أراد الحق فأخطا.

وهناك توجه آخر أو توجهات وطرق أخرى لإشباع هذه الشهوة تنسف الأسرة والمجتمع بالكامل إما عاجلا أو آجلا، فكانت كمن أراد الباطل فأصاب، ولا مقارنة بينهم لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، فعلى الغايات الشريفة أن تعدل من أساليبها بما يناسب ظروف الزمان والمكان وعلى الأساليب الشريفة أن تتوقف عن خدمة الغايات الملتوية المتسافلة سواءا جهلا أو إغراضا لكي ينقشع هذا اللبس بين الحق والباطل الذي ينسف كل ما هو عزيز ومجبب وضروري إلينا في بنائنا الاجتماعي.

اقرأ أيضاً:

الزواج مرة اخرى: أريد حلاً

لأن الحلال أجمل لا تنتظر

متزوج وأفتخر

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

حسن مصطفى

مدرس مساعد في كلية الهندسة/جامعة الإسكندرية

كاتب حر

باحث في علوم المنطق والتفكير العلمي بمركز”بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث”

صدر له كتاب: تعرف على المنطق الرياضي

حاصل على دورة في مبادئ الاقتصاد الجزئي، جامعة إلينوي.

مقالات ذات صلة