مقالاتقضايا شبابية - مقالات

هل يمكنك الفوز بالزهر في كل مرة؟

هل مارَستَ لُعبة طاوِلةَ الزَّهرِ من قبل؟ هل تأمَّلت يومًا تِلك اللحظات التى تسبِقُ استقرارَ النَّرد مُعلِنًا حُكمَه، رميةٌ واحدةٌ تفصِلَكُ عن الفوز، أُمنيَتُك التى تسبِق إلقاءَ النَّرد، دورانُ النَّرد فى الهواء، ارتطامه بالطاولة، ظهور جميع الأرقام فى سُرعةٍ واضطراب، ها هو ذلِكَ الرَّقم الذى سيُنصِّبُكَ فائِزًا يظهرُ لجزءٍ من الثانية، يدور النَّردُ ثانيةً، ينقَلِبُ الرقمُ المنشود إلى آخرَ لا قيمةَ له، ضَحِكاتُ خصمك، عودَتُكَ إلى المنزلِ منتَظرًا الغَد لكى تَرُدَّ الصاعَ صاعين.

حَسْبَ قوانين الإحصاء، فإنَّ احتمالية ظُهور الرَّقم الذى تُريدُهُ عند إلقائكَ لنردٍ واحد في لعبة الزَّهرِ  مُنتظِمَ الشكل يتكون من سِتَةِ أرقَامٍ هى 1 إلى 6، أى أنَّكَ قد تحتاجُ لستِّ مُحاولاتٍ ستفشَلُ خمسُ مُحاولاتٍ مِنها وتنجَح محاوَلةٌ واحدةٌ فقط.

أمَّا فى حالةِ إلقائكَ لنردين سُداسيين مُنتظمى الشَّكل، فإنَّ احتماليةَ ظهور الرقمين الذين تنشُدُهُما هى 1 إلى 36، خمسٌ وثلاثون مُحاولة فاشِلة لتنجَحَ لمرَّةٍ واحدة.

وهكذا فكُلَّما زادت الخيارات زادت نسبةُ الفَشَل وقلَّت نِسبةُ النَّجاح.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فلنعُد قليلًا لحياتِنا العملية خارِجَ أبواب القهوة، تِلكَ الحياةُ المليئَةُ بالخيارات التى نحتاجُ فيها إلى اتخاذ قراراتٍ صحيحة، فلنفترض وجوُدَ خمس قضايا غير مُستقِلِّة عن بعضها البعض، أى أنَّ حُكمكَ فى القضيةِ الأولى سيؤثِّرُ على حُكمكَ فى  القضية الثانية وهكذا إلى أن تَصِلَ إلى القضية الخامِسة، وكُلُّ قضيَّةٍ تحتوى ضِمنيَّا على خيارين على الأقل، إمَّا أن تفعَلَ وإمَّا ألَّا تفعَل، فإذا طبَّقنا قوانين الإحصاء على حالتِنا هذه، فإنَّ احتمالية الوصول إلى قرارٍ صحيح فى تلك السلسلة والذى هو على سبيل المِثال (افعل 1 – لا تفعل 2 – لا تفعل 3 – افعل 4 – لا تفعل 5) هو 1 إلى 32، أى أنَّهُ قد يلزَمُكَ القيام بواحدٍ وثلاثين مُحاولة فاشِلة قبل الوصول إلى القرار الأكثَر صوابًا.

إلَّا أنَّ قوانين الإحصِاءِ تِلكَ لا تتحكُّم بالنتائِج، هى فَقَط ترصُدُ النتائِجَ المُتاحة وتُقرِّر نِسبة النَّجاح ونسبة الفشَل، غير أنَّ ما يتحكَّمُ فى حركة الزَّهرِ فعلًا هى قوانين الميكانيكا، فإذا كان الرَّامى عالِمًا بقوانين الميكانيكا، آخذًا فى الاعتبارِ قوة رَميه، مٌقاومة الهواء لدوران الزَّهرِ، الطاقة المفقودة فى لحظة الاصطدام، قوة الاحتكاك بين النردِ والطاوِلة، وغيرَ ذَلِكَ من العوامِلِ التى تؤّثِّرُ فى حركة النرد، حينها سيستطيعُ تحديد زاوية الإلقاء السليمة للوصُولِ إلى الرقم المطلوب وتجنُّبِ الفَشَل، وهو ما يجعلُ إلقاءَ النَّردِ دون مُراعاةِ قوانين الميكانيكا أمرًا عبثيًّا غير مضمون النتائِج لأنَّهُ لم يراعِ القوانين التى تضمَن له النتائِجَ المرجُوَّة.

كَذلِكَ فإنَّ كُلَّ ما يتعَلَّقُ بالتفكير لهُ قوانينَ تحكُمُه تُسمَّى بقوانين المنطِق وهو آلةٌ قانونية تعصِمُ الذِّهنَ من الخطأ عندَ مُراعاتِها، فالمنطِق بالنِّسبةِ للعقل كقوانين الميكانيكا بالنسبةِ للنرد، عند العِلم بهِ ومراعاتِه يرسِمُ لنا طريقًا مُختصرًا نحو الحقيقة، ويضمَنُ لنا تجنُّبَ الفَشَل إذا ما تمَّ تدعيمُهُ بالمعلومات السليمة التى تسبِقُ اتخاذنا للقرارات.

فلا سَبيلَ للسعادةِ سوى التزوُّدِ بالمعرفةِ السليمة، والتحلِّى بقواعِدِ المنطق التى تضمَنُ لنا صوابَ قراراتِنا وإلَّا أمضينَا حياتنا عابِثِين غَيرَ موقنين بصحِّة الطريق الذى نسْلُك، غير ضامنِين خيريَّة نهايته

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

.

عبد الله عامر

مهندس

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة