مقالات

طفل في الشارع، تظنه يريد اللعب، ولكن؟!

الطفل و بداياته في الحياة

تُعد الطفولة مرحلة من المراحل الهامة التي تقوم الإنسانية من خلالها باكتشاف نفسها من جديد؛ أي أنها تُعيد اكتشاف إمكانيات وقدرات العقل المذهلة في إدراك الطرق السليمة للتفكير. فبطبيعة الحال يولد الطفل كعقلية متسائلة لا تكف عن السؤال، ولا تتململ من تعبها للحصول على الإجابة السليمة.

يولد الطفل وكلنا آمال كبيرة  لتنشئته تنشئة سوية وتربيته تربية سليمة. فكما يقول الشاعر الكبير” أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض”.

والطفل منطقيّ التفكير بطبيعة الحال؛ يُسلم ببدهيات لا يختلف عليها سوى معلول العقل منتكس الفِطرة. وهو نَهِمْ للمعرفة، يصول ويجول ليتعلم إما عن طريق خبرات والديه، وإما بتلقينه  بالمدرسة، وإما عن طريق عقليته المتسائلة التي لا تسكت أبدًا.

هؤلاء هم الأطفال، ولن أجد أحد من القراء الأعزاء يُخالفني الرأي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تمنح المنظمة العالمية لحقوق الطفل “يونيسيف” الطفل؛ حق المأكل والمأوى والملبس وعدم التمييز وحقه في البقاء والنماء. ولكن هل فكرنا في حقه في “أفكاره السليمة في مجتمعه” ؟! بالأمس القريب التقيت بأحد أطفال الشوارع لا يتعدى عمره العشر سنوات متربعًا القرفصاء ببضاعته التي تتمثل في “بيع المناديل الورقية” فاشتريت منه إحدى العُلب، وجلست بجواره على الرصيف لأرى ماذا يُدوّن في كراسته؟! تعرَّفت عليه وبادرته متسائلة: ماذا تفعل يا أحمد؟

فأجاب بأنَّ المارة أمثالي يعطونه بعض التمارين والكلمات التي يؤديها كواجب مدرسي. وعرض علي أن أساعده فقبلت. ودار بيننا حوار؛ وجدته حريصًا على بيع كل العلب التي بحوذته. وعرفت منه كذلك أنَّ والديه على قيد الحياة ولديه مسكن وهو أكبر إخوته. وإنه من عمله قد تكفل بشراء كافة احتياجات المنزل من أثاث، أو أجهزة كهربائية وخلافه.

سيُعجب البعض بشخصية” أحمد” المُكافِحَة ويعُد ذلك طرف من بناء الشخصية العصامية المعتمدة على الذات بداية من سن مُبكرة!! ولكن هلّا التفتنا إلى الجانب الآخر من شخصيته.

أثناء حواري مع “أحمد” وجدته يجلس أمام إحدى محلات لعب الأطفال الفارهة، ويتساءل ليس بعقلية طفل مشتاقة للعب والجري والتنطيط؛ ولكن بعقلية مادّية محضة؛ “هل تعلمين يا أستاذة كم يبلغ سعر هذه الدراجة؟” ولوهلة لم أعرف بِمَ أجِبْ!! وقلت رقمًا، فظل يضحك وكم ظننت أنه حسبني ساذجة!!

لقد صار هذا الطفل يلعب “بالأرقام” في عقله. يُفكر متى يسافر في الشهر القادم ليعمل عند أحدهم ليجلب “أرقامًا” من المال أعلى من المبلغ الحالي الذي يجنيه ويكفيه هو وأسرته. تُرى ماذا سيكون مستقبل هذا الطفل عندما يكبُر؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هل سيكون مُضاربًا في البورصة؟ هل سيظل هائمًا على وجهه مهاجرًا من بلد إلى بلد في سبيل الحصول على مالٍ أكثر وأكثر؟! هل سيهمه عندما يكون صاحب شركة أدوية أن يوفر الدواء للناس كافة أم سيوفره للفئة التي تدفع أكثر وأكثر؟! هل سيتيقن من أن التعليم حق للجميع دون تمييز؟ هل سيظل يشعُر بالمعاني المجردة عن المادة؟!

إن البشرية حينما قصرت الحاجات الإنسانية على الحاجات المادية فقط كالمأكل والملبس والمشرب فإنها قد خسرت كثيرًا وستظل تهوى سحقيًا إلى أسفل. وكم من أمثال “أحمد” الآن قد تبوؤا مراكز صناعة القرار وشاركوا في هذا العوج الذي أصاب الإنسانية جمعاء. فدعونا ننقذ أمثال “أحمد” قبل أن يفوت الأوان

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

اضغط على الاعلان لو أعجبك

داليا عادل

طالبة بكلية الطب – جامعة المنصورة

باحثة ومحاضرة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة