مقالاتأسرة وطفل - مقالات

عندما يصبح الإنسان عدوا لنفسه

جريمة بشعة شهدتها محافظة الفيوم  يوم الجمعة، بعدما أقدم زوج على قتل زوجته وأبنائه الستة، أغرقت دماؤهم شقتهم بقرية الغرق التابعة لمركز إطسا بمحافظة الفيوم.

تلك الجريمة جعلت الأهالي يطلقون عليها (مذبحة الفيوم) بعدما راح ضحيتها 7 أشخاص من أسرة واحدة بينهم 6 أطفال، وكان القاتل هو رب الأسرة الذي تجرد من مشاعر الأبوة ولم يرق قلبه لحظة لصراخ أطفاله وبكائهم وتوسلاتهم إليه ليذبحهم بدم بارد بعدما ذبح زوجته الثانية، ثم يحاول التخلص من حياته بالانتحار حرقا.

(مرض نفسي) أصاب الزوج عقب تكرار مشاجراته مع زوجته الثانية إثر شكواها الدائمة من أبنائه الخمسة من زوجته الأولى، جعله يقرر التخلص من أبنائه وزوجته الثانية ثم يقتل نفسه، حيث قام بقتل أبنائه الستة وزوجته الثانية في جريمة بشعة هزت محافظة الفيوم بالكامل وأُطلق عليها (مذبحة الفيوم).

اجتمعت أسرة مذبحة الفيوم حول مائدة السحور كعادتهم بقرية الغرق بحري بمركز إطسا بمحافظة الفيوم، إلا أنهم لم يتوقعوا أنه السحور الأخير، حيث انهال الأب بسكين مطبخ على الأم والأبناء قاصدا إنهاء حياتهم، ثم دخل غرفة الأطفال الصغار وذبحهم أيضا. ووقف الأب مشدوها ينظر إلى الدماء، الجميع تحولوا إلى جثث هامدة، فنزل إلى فرن المخبوزات الخاص به، وحاول الانتحار هو الآخر بإشعال النيران في نفسه في المخبز، لكن الأهالي أوقفوه عن فعلته قبل أن يكتشفوا جريمته الكبرى ويبلغوا الشرطة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تلك الجرائم المأساوية التي يرفضها الدين والعقل وترفضها الإنسانية قد تجلت وكثرت في المجتمع المصري في الأونة الأخيرة، ولا شك أن هناك العديد من العوامل والأسباب التي أدت إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم سوف نلقي الضوء عليها خلال هذا المقال، وهو ما يتفق مع آراء خبراء الطب النفسي وعلماء الاجتماع والخدمة الاجتماعية

ومنها ما يلي:

  • ضعف الإيمان وغياب الوازع الديني وعدم الالتزام بالتعاليم الدينية.
  • الخلل في أنماط شخصية هؤلاء الآباء، سواء من الناحية الجسمية أو النفسية أو الاجتماعية والعقلية.
  • انتشار ما يعرف بـ”العنف المجتمعي” الذي نجده منتشرا في الدراما والسينما، حيث أن دور الأب قد تغير في الفترة الأخيرة، فأغلب الآباء يعتقدون أن دورهم يقتصر على الإنفاق على الأبناء دون إتاحة وقت كاف للتربية والتقرب من الأطفال.
  • غياب أساليب التربية والعقاب له دور مهم في انتشار هذه الحالات، وللقضاء على هذه الظاهرة يجب عمل دورات تربوية للآباء عن كيفية تربية الأبناء، بالإضافة إلى نشر حملات توعية في كافة وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي عن الوسائل المناسبة لمعاقبة الأبناء وتجنب العقاب البدني.
  • مرور عدد ليس بقليل من أفراد المجتمع بصورة كبيرة من الاكتئاب، وعدم القدرة على ضبط الثبات الانفعالي أو تحديد الوسائل المناسبة للعقاب.
  • أن الآباء الذين يستخدمون العنف ضد أبنائهم في الغالب قد تعرضوا لمشكلات كبيرة في فترة المراهقة مثل عنف أسري، عدم احتواء أو قاموا بارتكاب أخطاء كبيرة، وأن الآباء يريدون تربية أبنائهم بنفس طريقة تربيتهم، غير مكترثين باختلاف العصر ونمط الحياة.
  • تعاطي المخدرات وإدمانها، مما يفقد الشخص السيطرة على تصرفاته والتحكم في سلوكه، خاصة في ظل انتشار النزاعات والخلافات الأسرية.
  • التفكك الأسري، وانعدام الرقابة والمتابعة للأبناء، فبعض الأسر لا تتابع أبناءها، ولا تستمع لمشكلاتهم، بحيث يتورط الأبناء في كثير من المشكلات التي قد تصل إلى حد الانحراف دون أن يجدوا من يوجههم.

ولمواجهة هذه الظاهرة يجب الاهتمام بما يلي:

  • نشر الوعي الدّيني في المجتمع، وبيان صرامة الشرع تجاه هذه الظاهرة الخطيرة، وانعكاساتها على التماسك الأسري والبناء الاجتماعي بأسره، من خلال تناولها في المقررات الدراسية وكذلك في كافة دور العبادة.
  • تأهيل المقبلين على الزواج والمتزوجين وإكسابهم مهارات اتخاذ القرار وحل المشكلات.
  • الحد من البطالة وما لها من آثار سلبية على الأسرة والمجتمع ككل.
  • التفريق السريع بين الزوجين في حال عدم إمكانية الإصلاح لحماية الأزواج من جريمة القتل في حالة استحكام النزاع والشقاق بينهم.
  • يجب دراسة موضوع القتل بين الأزواج والأبناء دراسة معمقة من جميع الجوانب ومناقشتها من حيث القوانين ورأي الشرع والدين، والإسراع فورا في تعديل القانون إن لزم الأمر.
  • الحد ومواجهة مشكلة انتشار وتعاطي المخدرات بين بعض الفئات في المجتمع، والتي تساهم في غياب العقل وعدم القدرة على ضبط النفس خاصة في ظل انتشار الخلافات الأسرية.

اقرأ أيضاً:

المشكلات الأسرية

هكذا تغير دور الأسرة

التكامل بين مكاتب التوجيه والاستشارات الأسرية ومكاتب تسوية المنازعات

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أ.م.د / السيد منصور الشاعر

أستاذ خدمة الفرد المساعد بالمعهد العالى للخدمة الإجتماعية بالقاهرة

مقالات ذات صلة